سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم/غزوة ذات الرقاع
اختلف في سبب تسمية هذه الغزوة بذات الرقاع، قيل: هي اسم شجرة في موضع الغزوة سُميت بها، وقيل: لأن أقدامهم نقبت من المشي فلفوا عليها الخرق، وقيل: بل سُميت برقاع كانت في ألويتهم، وقيل: ذات الرقاع جبل فيه سواد وبياض وحمرة فكأنها رقاع في الجبل فسُميت الغزوة بذلك الجبل، والأصح أنه موضع لقول دُعثور:
حتى إذا كنا بذات الرقاع
وتسمى هذه الغزوة غزوة محارب، وغزوة بني ثعلبة، وغزوة بني أنمار، وغزوة صلاة الخوف، لوقوعها فيها، قال ابن إسحاق: ثم أقام رسول الله ﷺ بالمدينة بعد غزوة بني النضير شهري ربيع وبعض شهر جمادى ثم غزا نجدا يريد بني محارب وبني ثعلبة من غَطَفَان نخل وهي ذات الرقاع فلقي بها جمعا من غطفان فتقارب الناس ولم يكن بينهم حرب وقد خاف الناس بعضهم بعضا حتى صلى رسول الله ﷺ صلاة الخوف ثم انصرف المسلمون، وكانت أول صلاة للخوف صلاها رسول الله.
صلاة الخوف - جاء في «صحيح البخاري» عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: غزوت مع رسول الله ﷺ قبل نجد فوازينا العدو فصاففنا لهم فقام رسول الله ﷺ يصلي لنا فقامت طائفة معه وأقبلت طائفة على العدو وركع رسول الله ﷺ بمن معه وسجد سجدتين ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل فجاءوا فركع رسول الله ﷺ بهم ركعة وسجد سجدتين ثم سلم فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين، وسبب خروجه ﷺ إلى هذه الغزوة أنه بلغه أنهم جمعوا جموعا لمحاربته ﷺ فأخبر أصحابه وأمرهم بالتجهز ثم خرج في أربعمائة من أصحابه وقيل أكثر من ذلك واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري رضي الله عنه، وقيل: عثمان بن عفان رضي الله عنه وسار إلى أن وصل إلى موضع يُسمى وادي الشقرة وبث السرايا فرجعوا إليه من الليل وأخبروه أنهم لم يروا أحدا فسار حتى نزل نخلا وهو موضع من نجد من أراضي غَطَفان فلم يجد في مجالسهم إلا نسوة فأخذهن، فبلغ الخبر القوم فخافوا وتفرقوا في رؤوس الجبال ثم اجتمع جمع منهم وجاءوا لمحاربة جيش رسول الله ﷺ وأخاف الناس بعضهم بعضا ولم يكن بينه وبين القوم حرب.