سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم/عمرة القضاء أو عمرة القضية ذو القعدة سنة 7 هـ
فبراير سنة 629 م
قد اختلف في تسمية هذه العمرة عُمرة القضاء، فقال مالك والشافعي والجمهور: لأنه قاضى قريشا سنة الحديبية فالمراد بالقضاء الفصل الذي وقع عليه الحكم لا لأنها قضاء عن العمر التي صُدَّ عنها لأنها لم تكن فسدت حتى يجب قضاؤها بل كانت عمرة تامة، وقال أبو حنيفة وأحمد: إن مَن صدّ عن البيت فعليه القضاء فتسميتها قضاء عل هذا ظاهرة - وهذه العمرة ليست من الغزوات -.
لما رجع رسول الله ﷺ إلى المدينة من خيبر أقام بها شهري ربيع وجماديين ورجب وشعبان وشوالا، ثم خرج في ذي القعدة في السنة السابعة - فبراير سنة 629 م - في الشهر الذي صدّه فيه المشركون بالحديبية معتمرا عمرة القضاء مكان عمرته التي صدوه عنها واستعمل على المدينة عويف بن الأضبط الديلي ويُقال لها عمرة القصاص لأنهم صدوا رسول الله ﷺ في ذي القعدة في الشهر الحرام من سنة ست فاقتص رسول الله ﷺ منهم وأمر ألا يتخلف أحد ممن شهد الحديبية وخرج معهم غيرهم أيضا فكانوا ألفين سوى النساء والصبيان وساق معه ﷺ ستين بدنة وحمل السلاح والدروع والرماح وقاد مائة فارس خوفا من غدر أهل مكة فلما سمع به أهل مكة خرجوا عنه وتحدثت قريش بينها أن محمدا في عسر وجهد فصفوا له عند دار الندوة لينظروا إليه وإلى أصحابه، فلما دخل رسول الله ﷺ اضطبع بردائه وأخرج عضده اليمنى ثم قال: رحم الله امرأً أراهم اليوم من نفسه قوة، ثم استلم الركن اليماني مشى حتى يستلم الركن الأسود ثم هرول كذلك ثلاثة أطواف والمسلمون يطوفون معه، كان بين يديه لما دخل مكة عبد الله بن رواحة آخذا بخطام ناقته. وكان المشركون على جبل قيقعان ثم سعى رسول الله ﷺ بين الصفا والمروة على راحلته وبعد فراغه نحر هديه عند المروة وحلق رأسه هناك ثم أمر مائتين من أصحابه أن يذهبوا إلى أصحابه ببطن يأجج - موضع على ثمانية أميال من مكة - يقيمون على السلاح ويأتي الآخرون ليقضوا نسكهم ففعلوا وأقام ﷺ بمكة ثلاثا كما شرطه قريش في الهدنة فلما كان الظهر من اليوم الرابع جاءه سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى فقالا: ننشدك العهد إلا ما خرجت من أرضنا فرد عليهما سعد بن عبادة رضي الله عنه فأسكته ﷺ وأذن بالرحيل.
جاء في البخاري من حديث البراء فلما دخلها ومضى الأجل أتوا عليا رضي الله عنه فقالوا: قل لصاحبك اخرج عنا فقد مضى الأجل، فخرج رسول الله ﷺ