سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم/دخوله الكعبة
جلس رسول الله في ناحية المسجد وأبو بكر رضي الله عنه قائم على رأسه بالسيف ثم دعا عثمان بن طلحة حاجب الكعبة فأخذ منه مفتاح الكعبة ودخلها وصلى ركعتين بين العمودين اليمانيين، ثم وقف على باب الكعبة وقال:
«لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدميّ هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج، ألا وقتل الخطأ مثل العمد، السوط والعصا فيهما الدية مغلظة فيها أربعون خلفة في بطونها أولادها، يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء، الناس من آدم وآدم خُلق من تراب، ثم تلا رسول الله ﷺ {يأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَكُمْ شُعُوبا وَقَبَآئِلَ لِتَعَرَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَكُمْ} (الحجرات: 13) الآية، يا معشر قريش ويا أهل مكة ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم، ثم قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» فأعتقهم رسول الله ﷺ وقد كان الله أمكنه من رقابهم عنوة وكانوا له فيئا فبذلك يسمى أهل مكة «الطلقاء» أما مفتاح الكعبة فقد رده رسول الله إلى عثمان بن طلحة وقال: خذوها يا بني أبي طلحة خالدة لا ينزعها منكم أحد إلا ظالم ودفع السقاية إلى العباس بن عبد المطلب، وفي هذا اليوم صار رسول الله سيد مكة بعد أن هاجر منها مضطهدا واستولى جيشه عليها وقضى على الشرك وهدم الأصنام كما سيأتي.