سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم/تأديب الله تعالى لرسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ﷺ «أدّبني ربي فأحسن تأديبي»، وقد جاء في القرآن الكريم آيات فيها تأديب للنبي ﷺ فكان عليه الصلاة والسلام يعيها ويعمل بها ويتجنب النواهي ويتبع الأوامر، وهو وإن كان معصوما إلا أن الله سبحانه وتعالى كان يحفظه ويعظه ويأمره وينهاه ويعاتبه ويرشده إلى الصراط المستقيم ويبصره بكل شيء، فهذه العناية من الله تعالى بتهذيبه ﷺ وإرشاده، وتمسك الرسول بطاعة الله تعالى باتباع أوامره واجتناب نواهيه بكل دقة، جعلته سيد الخلق وأعظم قدوة للناس أجمعين، وقد أثنى عليه الله تعالى فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4)، وهذا ثناء ليس بعده ثناء، فقد قال رسول الله ﷺ «بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، فكان هو ممثلا لهذه المكارم ولا شك أنه وصل إلى هذه المرتبة العظيمة بتأديب الله تعالى.
إن الله سبحانه وتعالى علّم رسوله عليه السلام كيفية الدعوة إلى سبيل الله وهداية الخلق وكيف يعدل بين الناس ومشاورة أصحابه وعلمه أن يصبر على أذى الناس ويصفح عن المسيء ويجازي المحسن وكيف يخاطبهم ويجادلهم الخ، وهذه التعاليم مذكورة في القرآن في عدة مواطن عند المناسبات، ولم يكتم رسول الله شيئا من هذه الأوامر والنواهي، فكان أمينا على إثبات كل ما نزل به الوحي.
وقد رأيت أن أذكر الآيات التي أدّب الله تعالى بها رسول الله ﷺ ليتدبرها المسلمون، إذ منها ما هو خاص بالرسول ومنها عام لجميع المؤمنين.
الشورى
أمر الله تعالى رسول الله بمشاورة أصحابه، فقال في سورة آل عمران: {وَشَاوِرْهُمْ فِى الاْمْرِ} (آل عمران: 159)، فالشريعة الإسلامية أول شريعة أمرت بالشورى، وقد كان الملوك قبل ذلك يستبدون برعاياهم ولا يرون الشورى واجبة عليهم، وقد أُمِرَ الرسول بمشاورة أصحابه وإن كان ليس في حاجة إليهم، ليقتدي به غيره في المشاورة وتصير سنة في أمته.
اليتيم والسائل
قال تعالى في سورة الضحى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبّكَ فَحَدّثْ} (الضحى: 9 - 11)، أي لا تعبس وجهك إلى اليتيم وعامله بمثل ما عاملتُك به، ورُوي أنها نزلت حين صاح النبي ﷺ على ولد خديجة، وقوله فلا تنهر أي فلا تزجر، والمراد مطلق السائل.
ولقد عاتب الله رسوله في القرآن في شأن الفقراء في ثلاثة مواضع:
أحدها: أنه كان جالسا فجاءه عثمان بعِذْق من تمر - أي بشماريخ من تمر - فوضعه بين يديه، فأراد أن يأكل، فوقف سائل بالباب، فقال: رحم الله عبدا يرحمنا، فأمر بدفعه إلى السائل، فكره عثمان ذلك إذ أراد أن يأكله النبي ﷺ فخرج واشتراه من السائل ثم رجع السائل ففعل مثل ذلك ثلاث مرات، وكان يعطيه النبي ﷺ إلى أن قال له ﷺ «أسائل أنت أم بائع؟» فنزل قوله تعالى: {وَأَمَّا السَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ} (الضحى: 10).
والثاني: أنه كان جالسا وحوله صناديد قريش، إذ جاء ابن أم مكتوم، الضرير، فتخطى رقاب القوم حتى جلس بين يديه، وقال: علِّمني مما علمك الله، فشق ذلك عليه ﷺ فعبس وتولى.
والثالث: حين قالت له قريش، لو جعلت لنا مجلسا وللفقراء مجلسا آخر، فهمَّ أن يفعل ذلك، فنزل قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ}... الآية (الكهف: 28).
الصبر والعبادة
قال تعالى في سورة الإنسان: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ ءاثِما أَوْ كَفُورا وَاذْكُرِ اسْمَ رَبّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلا وَمِنَ الَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبّحْهُ لَيْلا طَوِيلا} (الإنسان: 24 - 26).
أمر الله رسوله بالصبر في كل ما حكم به وتحمل المشاق في العبادات والطاعات وأداء الرسالة وألا يطيع الكفار والآثمين، والمقصود بيان أن الناس محتاجون إلى مواصلة التنبيه والإرشاد، وقال تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} (الأحقاف: 35).
هجر الرجز
قال تعالى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (المدثر: 5)، والرجز اسم للقبيح المستقذر، وهو معنى الرِّجس، فقوله: والرجز فاهجر، كلام جامع لمكارم الأخلاق، كأنه قال له، اهجر الجفاء والسفه وكل شيء قبيح ولا تتخلق بأخلاق هؤلاء المشركين المستعملين للرجز، والمراد المداومة على ذلك الهجر، وقال: {وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ} (المدثر: 6) أي، ولا تمنن بهذه الأعمال الشاقة على ربك.
النهي عن تحريم ما أحله الله
قال الله جل شأنه في سورة التحريم: {يأَيُّهَا النَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ مَآ أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (التحريم: 1) ينهاه الله تعالى عن تحريم ما أحله الله مرضاة أزواجه ﷺ قال في الكشاف، رُوِيَ أنه عليه الصلاة والسلام خلا بمارية في يوم عائشة وعلمت بذلك حفصة، فقال لها: «اكتمي عليَّ، وقد حرّمت مارية على نفسي وأبشرك أن أبا بكر وعمر يملكان بعدي أمر أمتي»، فأخبرت به عائشة وكانتا متصادقتين، وقيل: خلا بها في يوم حفصة، فأرضاها بذلك واستكتمها فلم تكتم، فطلقها واعتزل نساءه، ومكث تسعا وعشرين ليلة في بيت مارية، ورُوي أن عمر قال: لو كان في آل الخطاب خير لما طلقك، فنزل جبريل عليه السلام وقال: راجعها فإنها صوَّامة قوَّامة، وإنها من نسائك في الجنة، ورُوِي أنه ما طلقها وإنما نوَّه بطلاقها، ورُوِيَ أنه ﷺ شرب عسلا في بيت زينب بنت جحش، فتواطأت عائشة وحفصة، فقالتا له: إنا نشم رائحة المغافير وكان رسول الله يكره النفل من الطعام، فحرَّم العسل، فمعناه لم تحرم ما أحل الله لك من ملك اليمين أو من العسل؟ قال مسروق: حرم النبي ﷺ أُمَّ ولده، وحلف ألا يقربها، فأنزل الله هذه الآية، فقيل له: أما الحرام فحلال، وأما اليمين التي حلفت عليها فقد فرض الله لكم تحلة أيمانكم، قال الشعبي: كان مع الحرام يمين، فعوتب في الحرام، وإنما يكفر اليمين، فذلك قوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَنِكُمْ} (التحريم: 2) الآية، وقوله: «لم تحرم» استفهام بمعنى الإنكار، والإنكار من الله تعالى نهي، وتحريم الحلال مكروه، والحلال لا يحرّم إلا بتحريم الله تعالى، والمراد من هذا التحريم هو الامتناع عن الانتفاع بالأزواج.
العفو والإعراض عن الجاهلين
قال تعالى في سورة الأعراف: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِض عَنِ الْجَهِلِينَ} (الأعراف: 199)، العفو لغة، التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه، وأصله المحو والطمس، وكل من استحق عقوبة فتركتها فقد عفوت عنه، وعفا عن ذنبه عفوا: صفح، وقوله: خذ العفو، قيل: الفضل الذي يجيء بغير كلفة، والمعنى: إقبل الميسور من أخلاق الناس ولا تستقص عليهم، وفي حديث ابن الزبير: أمر الله نبيَّه أن يأخذ العفو من أخلاق الناس، قال: هو السهل الميَسَّر، أي أمره أن يحتمل أخلاقهم ويقبل منها ما سهل وتيسر ولا يستقصي عليهم، ويدخل في ذلك التساهل وعدم التشديد في كل ما يتعلق بالحقوق المالية، ويدخل فيه أيضا التخلق مع الناس بالخلق الطيب وترك الغلظة والفظاظة، كما قال تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران: 159)، وأما ما لا يجوز دخول المساهلة والمسامحة فيه، فالحكم فيه أن يأمر بالمعروف، وقال أيضا: {وَأَعْرِض عَنِ الْجَهِلِينَ} (الأعراف: 199) وأمره الله تعالى أن يصل من قطعه ويعطي من حرمه ويعفو عمن ظلمه، وهذا مطابق لهذه الآية.
التواضع للمؤمنين
قال تعالى في سورة الحجر: {وَلَقَدْ ءاتَيْنَكَ سَبْعًا مّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْءانَ الْعَظِيمَ لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} (الحجر: 87، 88).
السبع المثاني هي فاتحة الكتاب، وهو قول عمر وعلِيّ وابن مسعود وأبي هريرة والحسن وأبي العالية ومجاهد والضحاك وسعيد بن جبير وقتادة، ورُوِي أن النبي ﷺ قرأ الفاتحة وقال: «هي السبع المثاني» رواه أبو هريرة.
قال ابن عباس: «لا تمدَّنَّ عينيك أي لا تتمنّى ما فضلنا به أحدا من متاع الدنيا»، ورُوِي أنه نظر إلى نعم بني المصطلق، وقيل: وافت من بعض البلاد سبع قوافل ليهود بني قريظة والنضر فيها أنواع من البز، أي الثياب والطيب والجواهر، وسائر الأمتعة، فقال المسلمون: لو كانت هذه الأموال لنا، لتقوّينا بها ولأنفقناها في سبيل الله تعالى، فقال الله تعالى لهم: لقد أعطيتكم سبع آيات هي خير من هذه القوافل السبع، والحاصل أن قوله: ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم، نهي له عن الالتفات إلى أموالهم، وقوله: ولا تحزن عليهم، نهي له عن الالتفات إليهم، ثم قال: واخفض جناحك للمؤمنين، الخفض معناه في اللغة نفيض الرفع، وجناح الإنسان: يده، وخفض الجناح، كناية عن اللين والرفق والتواضع، والمقصود أنه تعالى لما نهاه عن الالتفات إلى أولئك الأغنياء من الكفار، أمره بالتواضع لفقراء المسلمين، ونظيره قوله تعالى: {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَفِرِينَ} (المائدة: 54).
المجادلة بالحسنى
قال تعالى في سورة النحل: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَدِلْهُم بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ} (النحل: 125)، أمر الله رسوله أن يدعو الناس بإحدى هذه الطرق الثلاث وهي: الحكمة، والموعظة الح سنة، والمجادلة بالطريق الأحسن.
إيتاء ذي القربى والمساكين
قال تعالى في سورة الإسراء: {وَءاتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْونَ الشَّيَطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَنُ لِرَبّهِ كَفُورًا} (الإسراء: 26، 27).
أمره الله تعالى أن يؤتي أقاربه الحقوق التي وجبت لهم في الفيء وأوجب عليه أيضا، إخراج حق المساكين وأبناء السبيل أيضا من هذين المثالين، والتبذير في اللغة، إفساد المال وإنفاقه في السرف إلا أنه لا سرف في الخير.
معاملة العدو
قال تعالى في سورة فصلت: {وَلاَ تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ} (فصلت: 34)، يعني ادفع سفاهتهم وجهالتهم بالطريق الذي هو أحسن الطرق، فإنك إذا صبرت على سوء أخلاقهم مرة بعد مرة ولم تقابل سفاهتهم بالغضب ولا إضرارهم بالإيذاء والإيحاش، استحيوا من تلك الأخلاق المذمومة وتركوا تلك الأفعال القبيحة، ثم قال: فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، يعني إذا قابلت إساءتهم بالإحسان وأفعالهم القبيحة بالأفعال الح سنة، تركوا أفعالهم القبيحة وانقلبوا من العداوة إلى المحبة ومن البغضاء إلى المودة.
الاقتصاد في الإنفاق
الاقتصاد وسط بين التقتير والتبذير وكل فضيلة وسط بين رذيلتين، قال الشاعر:
خير الأمور الوسط ** حب التناهي غلط
وقد ذمّ الله تعالى المقترين والبخلاء، وذم المبذرين، والناس إما مقتّرون أو مبذرون، وقليل منهم المقتصدون وترى البخيل يعلل بخله ويبرر تقتيره ويزعم أن الحكمة تقضي بالتقتير وادخار الأموال لإنفاقها في وقت العسر ويبقى هكذا مقترا طول حياته ويخشى أن ينفق حتى في أوقات العسر والشدة، كذلك يعلل المبذر تبذيره ويبرره فينفق أمواله في المحرمات والكماليات حتى يأتي عليها ويصبح فقيرا لا يجد قوت يومه، قال تعالى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْونَ الشَّيَطِينِ} (الإسراء: 27)، وقال في حق الذين يكنزون المال: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِنَّ كَثِيرا مّنَ الاْحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} (التوبة: 34، 35)، والسرف وإن كان ممقوتا مذموما إلا أنه لا سرف في الخير.
وقد أمرنا الله تعالى بمراعاة الاقتصاد في النفقة فإن ذلك سبيل السعادة، قال تعالى في سورة الإسراء: {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورا إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرّزْقَ لِمَن يَشَآء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} (الإسراء: 29، 30)، وقد شرح الله تعالى وصف عباده المؤمنين في الإنفاق في سورة الفرقان فقال: {وَالَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاما} (الفرقان: 67)، فها هنا أمر رسوله بمثل ذلك الوصف فقال: ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك، أي لا تمسك عن الإنفاق بحيث تضيق على نفسك وأهلك في وجوه صلة الرحم وسبيل الخيرات، والمعنى: لا تجعل يدك في انقباضها كالمغلولة الممنوعة من الانبساط ولا تبسطها كل البسط، أي ولا تتوسع في الإنفاق توسعة مفرطة بحيث لا يبقى في يدك شيء، ثم قال تعالى: فتقعد ملوما محسورا - أي يلوم نفسه، وأصحابه أيضا يلومونه على تضييع المال بالكلية وإبقاء الأهل والولد في الضر والمحنة.
هذا مثل من الأمثلة العديدة لتأديب الله تعالى لرسوله ﷺ وقد ذكرنا الآيات التي وردت في هذا الصدد مع تفسيرها تفسيرا مجملا ليتعظ بها المسلمون وليعلموا عناية الله برسوله عليه الصلاة والسلام.