سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم/سرية عبد الله بن عتيك لقتل سلام بن أبي الحقيق رمضان سنة 6هـ
ديسمبر سنة 627م
كانت هذه السرية لقتل أبي رافع عبد الله أو سلام بن أبي الحقيق اليهودي وهو من أعداء رسول الله ﷺ الذين حزبوا الأحزاب يوم الخندق وأعان المشركين بالمال الكثير.
وقد اختلف المؤرخون في تاريخ هذه الغزوة، فقد قيل: إنها كانت في ذي الحجة سنة خمس بعد الخندق، وفي البخاري قال الزهري بعد قتل كعب بن الأشرف الواقع سنة ثلاث، وذكرها أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في السنة الثالثة في النصف من جمادى الآخرة. أما الواقدي فإنه زعم أن هذه السرية التي وجهها رسول الله ﷺ إلى أبي رافع أو سلام بن أبي الحقيق، إنما وجهها في ذي الحجة من سنة أربع من الهجرة، والثابت أن سلام بن أبي الحقيق كان من الذين حزبوا الأحزاب في غزوة الخندق، وغزوة الخندق كانت في السنة الخامسة وكان سلام هذا ممن ذهب إلى خيبر بعد إجلاء بني النضير ثم إنه بعد الخندق أخذ يحرض بني فزارة والقبائل الأخرى، ولذلك نرجح أن هذه السرية كانت في السنة السادسة كما ذكرها السيد دحلان فقد قال: «إنها كانت في رمضان سنة ست» (شهر ديسمبر سنة 627م).
خرج إلى رسول الله ﷺ خمسة من الخزرج وهم:
1 - عبد الله بن عتيك.
2 - عبد الله بن أنيس.
3 - أبو قتادة.
4 - الأسود بن خزاعى.
5 - مسعود بن سنان الأسلمي.
واستأذنوه في قتل سلام بن أبي الحقيق، وهو بخيبر لأن الأوس كانوا قد أصابوا كعب بن الأشرف فأراد الخزرج أن لا يكون للأوس فضل عليهم عند رسول الله ﷺ
فأمرهم ﷺ بقتله ونهاهم أن يقتلوا وليدا أو امرأة وأمّرَ عليهم عبد الله بن عتيك، فذهبوا إلى خيبر فكمنوا فلمّا هدأت الرِجل والحركة جاءوا إلى منزله وكان في حصن مرتفع فلما دنوا منه وقد غربت الشمس وراح الناس بسرحهم، قال عبد الله بن عتيك: اجلسوا مكانكم فإني منطلق ومتلطف للبواب لَعَلّي أدخل الحصن، فأقبل حتى دنا من البواب ثم تقنع بثوبه ليخفي شخصه، كأنه يقضي حاجته مخافة أن يعرف فدخل واختبأ عند باب الحصن، ثم صعد إليه وكان عبد الله بن عتيك يتكلم اليهودية، فقدمه أصحابه ليتكلم بكلام أبي رافع، فاستفتح باب غرفته فرأته امرأته، فقالت: من أنت؟ قال: جئت أبا رافع بهدية، ففتحت له وقالت: ذاك صاحبك، فلما رأت السلاح أرادت أن تصيح، فأشار إليها بالسيف فسكتت، قال: فقلت: أبا رافع، لا أعرف موضعه، فقال: من هذا؟ فأهويت نحو الصوت فضربته ضربة وأنا دهش فما أغنت شيئا، ولم أقتله وصاح أبو رافع، فخرجت من البيت وكمنت غير بعيد، فقالت امرأته: يا أبا رافع هذا صوت عبد الله بن عتيك، قال: ثكلتك أمك وأين عبد الله بن عتيك؟ قال: ثم دخلت عليه كأني أغيثه وغيّرت صوتي، فقلت: ما هذا الصوت يا أبا رافع؟ قال: لأمك الويل إن رجلا في البيت ضربني قبل بالسيف، فضربته ضربة أثخنته ولم أقتله فصاح وقام أهله وصاحت امرأته ثم وضعت ظبة السيف في بطنه حتى دخل في ظهره وسمعت صوت العظم فعرفت أني قتلته.
وفي الطبري: «ولما صاحت بنا امرأته جعل الرجل منا يرفع عليها السيف ثم يذكر نهي رسول الله ﷺ فيكف يده».
قال ابن عتيك: فجعلت أفتح الأبواب بابا بابا حتى انتهيت إلى درجة فوضعت رجلي وأنا أرى أني قد انتهيت إلى الأرض فوقعت في ليلة مقمرة فانكسرت ساقي فعصبتها بعمامة؛ وكان عبد الله بن عتيك سيّىء البصر ولما علم ابن عتيك أنه قتل أبا رافع أخبر رسول الله ﷺ
ووقع في بعض الروايات: أن الذي قتل أبا رافع عبد الله بن أنيس والصواب ما في صحيح البخاري أن الذي قتله هو عبد الله بن عتيك، وفي أسد الغابة: «وهو الذي ولي قتل أبي رافع بن أبي الحقيق بيده وكان في بصره ضعف الخ».