سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم/إسلام جابر بن عبد الله
بحث الأستاذ مرجليوث وأجهد نفسه في البحث على ما يظهر في كتابه - محمد - صفحة 106 عن الأساتذة الذين كانوا يعلمون رسول الله الكتب المقدسة فقال ما ترجمته:
«كان جابر بن عبد الله مولى بني عبد الدار يهوديا صائغا في مكة فكان يجلس هو وياسر - يهودي آخر - يقرآن الكتاب المقدس أثناء اشتغالهما بالتجارة، وكان النبي يمر عليهما ويستمع منهما» ومعنى ذلك حسب رأيه أنه كوّن أفكاره الخاصة بالتوراة من سماع جابر بن عبد الله وهو يتلو عليه لكنه قال بعدئذ: «إن جابرا اعتنق الإسلام عند سماعه النبي يقرأ سورة يوسف» فإذا كان جابر اليهودي قد أسلم عند سماعه قصة يوسف وهي في التوراة التي كان يتلوها على النبي ﷺ كما ادعى فلا بد أن القصة مذكورة في القرآن بغاية الدقة والإحكام والتفصيل المدهش حتى إنها حيَّرت لب جابر الذي ذكره مرجوليوث كمعلم لرسول الله، على أن الأستاذ مرجوليوث اعترف بإسلام جابر لأنه مذكور في كتب السير، وإنا نعد إسلامه دليلا على إعجاز القرآن الكريم وعلى أنه منزل على رسول الله، أما ياسر فقد أسلم أيضا وعذب لإسلامه عذابا شديدا حتى مات.
وقال الأستاذ مرجوليوث: «ويُظن أن الجزء الخاص بالمسيحية في القرآن قد تعلمه النبي من صهيب الذي أسلم قديما وقد كان روميا من الموصل» وإنا نقول: إن إسلام هؤلاء دليل على رسالة رسول الله وصدقه وقد أسلم صهيب ورسول الله في دار الأرقم وكان من المستضعفين بمكة المعذبين في الله عز وجل وهاجر إلى المدينة وشهد المشاهد كلها مع رسول الله، هذا وقد ذكرنا أن الأستاذ نولدكه اعترف بأن رسول الله ما كان يعرف الأسفار القديمة.
وما قاله مرجوليوث قاله كفار قريش، قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ ءاخَرُونَ} (الفرقان: 4)، قال الكلبي ومقاتل: نزلت في النضر بن الحارث فهو الذي قال هذا القول وأعانه عليه قوم آخرون، يعني عداسا مولى حويطب بن عبد العزى ويسارا غلام عامر بن الحضرمي وجبرا مولى عامر وهؤلاء الثلاثة كانوا من أهل الكتاب وكانوا يقرأون التوراة ويحدثون أحاديث منها فلما أسلموا كان النبي ﷺ يتعهدهم ومن أجل ذلك قال النضر ما قال.