سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم/الوفود
وفدت على رسول الله وفود كثيرة نذكرها هنا مع الاختصار، فقد وفد عليه وفد هوازن بالجعرانة، وكذا وفد عليه مالك بن عوف النضري وذلك في أواخر سنة ثمان وكذا وفد عليه بنو تميم في سرية عيينة بن حسن وكان ذلك في المحرم سنة تسع، ووفد عليه نصارى نجران بالمدينة بعد الهجرة وكانوا ستين راكبا جاءوه يجادلونه في شأن عيسى عليه السلام، وصالحوا النبي ﷺ على الجزية وكتب لهم كتابا وأرسل معهم أبا عبيدة عامر بن الجرّاح رضي الله عنه وقال لهم: «هذا أمين هذه الأمة»، وفي أهل نجران والرد عليهم أنزل الله أكثر آيات سورة آل عمران، ووفد عليه ﷺ الداريون: أبو تميم الداري وأخوه نعيم وأربعة آخرون على دين النصرانية، وكان وفدهم عليه مرّتين مرة بمكة قبل الهجرة ومرة بعدها، ولما قدم رسول الله إلى المدينة من تبوك في رمضان وفد عليه وفد ثقيف، ووفد عليه وفد بني عامر بن صعصعة وفيهم عامر بن الطفيل العامري وأربد بن قيس وجبار بن سُلمى، رؤساء القوم وكان عامر بن الطفيل سيدهم، وكان من أجمل الناس وكان مضمرا الغدر بالنبي ﷺ وطلب من رسول الله أن يجعل له الأمر بعد أن أسلم، ولما خرج عامر بن الطفيل ومن معه إلى بلادهم أصيب في الطريق بالطاعون ومات ولم يسلم وقد وهم بعضهم فادعى بقاء عامر بن الطفيل على الإسلام إلى أن مات، وذلك إنما هو عامر بن الطفيل الأسلمي فإنه صحابي.
ووفد على النبي ﷺ وفد ضمام بن ثعلبة سنة تسع وسأله ضمام: هل الله سبحانه وتعالى أمره بعبادة الله وحده لا شريك له وخلع الأصنام وبالزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا؟ فقال رسول الله: «اللهم نعم»، فأسلم ورجع إلى قومه وسب اللات والعزى وما زال يدعوهم إلى الإسلام حتى أسلموا جميعا رجالا ونساءً، ووفد عليه ﷺ وفد عبد القيس وكانت منازلهم بالبحرين، وكان فيمن وفد منهم الجارود، وكان نصرانيا قد قرأ الكتب وقيل: كان مجيئهم سنة عشر فعرض عليه رسول الله الإسلام فأسلم وأسلم أصحابه، وسألوه عن النبيذ فقالوا: يا رسول الله إن أرضنا أرض وخمة لا يصلحنا إلا النبيذ فنهاهم عن شربها.
فوفد بني حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل وفدوا عليه ﷺ وكانوا سبعة عشر رجلا ومعهم مسيلمة الكذاب، وكان أمره عند قومه كبيرا فكلم النبي ﷺ وسأله أن يشركه معه في النبوة وهو الذي ادعى النبوة في حياة رسول الله، كما ادعى النبوة الأسود العنسي صاحب صنعاء، وصار مسيلمة يتكلم بالهذيان ليضاهي به القرآن؟ فمن ذلك أنشأ سجعا على منوال سورة الكوثر فقال: (إنا أعطيناك الجواهر فصل لربك وهاجر، إن مبغضك رجل فاجر) وقد وضع قومه الصلاة وأحل لهم الخمر والزنا ترغيبا لهم في اتباعه.
ووفد عليه ﷺ وفد طيىء وفيهم قبيصة بن الأسود وسيدهم زيد الخيل، وكان جوادا فارسا حسن الخلق فعرض رسول الله عليه الإسلام وأسلم من معه وحسن إسلامهم.
ووفد عدي بن حاتم الطائي، كان عدي نصرانيا عظيما في قومه فأسلم، ومن الوفود وفد عروة المرادي ووفد بني زبيد ووفد كندة، قبيلة باليمن ينسبون إلى كندة لقب جدهم ثور بن عفير، وله ﷺ جدة منهم وهي أم جده كلاب وفيهم الأشعث بن قيس، وكان وجيها في قومه فأسلم وارتد بعد النبي ﷺ وعاد إلى الإسلام في خلافة أبي بكر، ووفد أَزد شنوءة وهم من الأزد وفيهم صرد بن عبد الله الأزدي، وكان أفضلهم فأمَّره على من أسلم من قومه، ووفد الحارث بن كعب، ووفد رفاعة بن زيد الجذامي، ووفد همدان فيهم مالك بن نمط، وكان شاعرا مجيدا فلقوا رسول الله مرجعه من تبوك، ووفد تجيب وهي قبيلة من كندة وجعلوا يسألون رسول الله عن القرآن والسنن، ووفد بني ثعلبة، ووفد بني سعد هذيم من قضاعة، أسلموا وبايعوا رسول الله على الإسلام ورجعوا إلى قومهم فرزقهم الله الإسلام، ووفد بني فزارة وفيهم خارجة بن حصن أخو عيينة بن حصن، مقرين بالإسلام، ووفد بني أسد فيهم حضرمي بن عامر فأسلموا وقالوا: يا رسول الله أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلتك العرب فأنزل الله على رسوله ﷺ {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَىَّ إِسْلَمَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلاْيمَنِ إِنُ كُنتُمْ صَدِقِينَ} (الحجرات: 17)، وأقاموا أياما يتعلمون الفرائض، ووفد بني عذرة، قبيلة باليمن ونهاهم عن سؤال الكهنة والذبائح التي كانوا يذبحونها لأصنامهم، ووفد بِلَيّ وهم حيّ من قضاعة فأسلموا وكان شيخ الوفد أبو الضبيب فقال: يا رسول الله إن لي رغبة في الضيافة، فهل لي في ذلك أجر؟ قال: نعم وكل معروف صنعته إلى غني أو فقير فهو صدقة، قال: يا رسول الله فما وقت الضيافة؟ قال: ثلاثة أيام، قال: فما بعد ذلك؟ قال: صدقة ولا يحل للضيف أن يقيم عندك فيحرجك، أي يضيق عليك، ووفد بني مرة ورأسهم الحارث بن عوف، ووفد خولان وهي قبيلة من اليمن وكان لهم صنم يعبدونه اسمه «عم أنس» ولما رجعوا هدموه، ووفد بني محارب وفيهم خزيمة بن سوار وكانوا أغلظ العرب وأشدهم على رسول الله ﷺ أيام عرضه نفسه على القبائل في المواسم يدعوهم إلى الله تعالى، ووفد صداء وهم حي من عرب اليمن بايعوا رسول الله ﷺ على الإسلام ثم رجعوا إلى قومهم وفشا الإسلام فيهم، وكان زياد بن حارث الصدائي مطاعا في قومه، ووفد سلامان فيهم خبيب بن عمرو السلاماني فأسلموا، وسأل خبيب رسول الله عن أفضل الأعمال، قال: الصلاة في وقتها وصلوا معه يومئذ الظهر والعصر، ووفد بني عبس، ووفد مزينة وهي قبيلة تنسب إلى مزينة امرأة عمرو بن أُد بن طابخة بن إلياس بن مضر، ووفد الأشعريين قوم أبي موسى الأشعري وهم منسوبون إلى أشعر بن أُدَد فأسلموا وبايعوا، وقال في حقهم رسول الله: «أتاكم أهل اليمن كأنهم السحاب وهم خيار من في الأرض»، وقال: الأشعريون كصرة فيها مسك، ووفد دوس وهم قوم أبي هريرة ينتهي نسبهم إلى الأزد وكان قدومهم بخيبر سنة سبع، ووفد بهراء قبيلة من قضاعة قدموا من اليمن أسلموا وتعلموا الفرائض، ثم انصرفوا إلى أهليهم باليمن، ووفد غامد قبيلة من الأزد باليمن سنة عشر، أقروا بالإسلام وكتب لهم رسول الله كتابا فيه شرائع الإسلام وأمر النبي ﷺ أُبيّ بن كعب الأنصاري أن يعلمهم القرآن، ووفد الأزد ينسبون إلى جدهم الأعلى وهو الأزد بن الغوث وهم الذين قال في حقهم رسول الله: (حكماء علماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء)، ووفد بني المنتفق وهي قبيلة من عامر بن صعصعة وفيهم لقيط بن عامر بن صبرة بن عبد الله بن المنتفق، قال عنهم رسول الله: إنهم من أتقى الناس لله في الدنيا والآخرة، ووفد النَخَع قبيلة من اليمن وهم آخر الوفود، وكان وفدهم سنة إحدى عشرة في النصف من المحرم وعددهم مائتا رجل، قدموا مقرين بالإسلام وقد كانوا بايعوا مُعاذ بن جبل.