كتاب الأحكام الشرعية الكبرى/كتاب الصلاة/باب ما جاء في قراءة أم القرآن للإمام والمأموم والفذ
باب ما جاء في قراءة أم القرآن للإمام والمأموم والفذ
[عدل]مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وإسحاق بن إبراهيم، جميعا عن سفيان بن عيينة - قال أبو بكر: ثنا سفيان بن عيينة - عن الزهري، عن محمود بن ربيع، عن عبادة بن الصامت، يبلغ به النبي ﷺ: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ".
مسلم: حدثنا الحسن بن علي، ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، ثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، أن محمود بن ربيع الذي مج رسول الله ﷺ في وجهه من بئرهم، أخبره أن عبادة بن الصامت، أخبره أن رسول الله ﷺ قال: " لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن ".
وحدثناه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وعبد بن حميد قالا: أخبرنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري بهذا الإسناد مثله وزاد: " فصاعدا ".
أبو داود: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، ثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن محمود بن ربيع، عن عبادة بن الصامت قال: " كنا خلف رسول الله ﷺ في صلاة الفجر فقرأ رسول الله ﷺ، فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ قال: لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم، هذا يا رسول الله. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها ".
الترمذي: حدثنا هناد، ثنا عبدة بن سليمان، عن محمد بن إسحاق بهذا الإسناد قال: " صلى رسول الله ﷺ الصبح فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف قال: إني أراكم تقرءون وراء إمامكم! قال: قلنا: يا رسول الله، إي والله. قال: فلا تفعلوا إلا بأم القرآن؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها ".
محمد هو ابن إسحاق بن يسار مولى قيس بن مخرمة، أبو بكر المدني، قال البخاري: قال ابن عيينة: لم أر أحدا بتهم محمد بن إسحاق. وقال أيضا: قال شعبة: محمد بن إسحاق أمير المحدثين لحفظه، مات ببغداد سنة إحدى وخمسين ومائة. وقال ابن أبي حاتم: قال ابن شهاب: لا يزال بالحجاز علم كثير ما دام هذا الأحوال بين أظهرهم. وقال مرة: لا يزال بالمدينة علم ما بقي هذا - يعني: ابن إسحاق - وقال: قال سفيان بن عيينة: رأيت محمد بن إسحاق جاء إلى ابن شهاب فقال: كيف أنت يا محمد؟ أين تكون؟ قال: لست أصل إليك مع آذنك هذا. فدعا البواب فقال: إذا جاءك هذا فلا تحبسه عني. وقال سفيان بن عيينة أيضا، وقيل له: محمد بن إسحاق لم يرو عنه من أهل المدينة أحد. فقال: جالست ابن إسحاق منذ سبعين سنة وما يتهمه أحد من أهل المدينة.
وحدثني القرشي، حدثني شريح، حدثني ابن حزم قال: محمد بن إسحاق فضلة الزهري على من بالمدينة في عصره، ووثقه شعبة، وسفيان، وسفيان، وحماد، وحماد، ويزيد بن هارون، وإبراهيم بن سعد، وعبد الله بن المبارك، وغيرهم. انتهى كلامه.
وقال ابن أبي حاتم أيضا: قال يحيى بن معين: محمد بن إسحاق صدوق، ولكنه ليس بحجة. وقال أبو زرعة: من يتكلم في محمد بن إسحاق، محمد ابن إسحاق صدوق.
وكذبه مالك بن أنس وقال: نحن نفيناه من المدينة. وإنما كذبه مالك؛ لأنه حدث عن فاطمة بنت المنذر امرأة هشام بن عروة، وزعم أنها حدثته، فأنكر هشام أن يكون سمع من امرأته أو دخل عليها. وبهذا تركه يحيى بن سعيد وغيره ممن تركه على ما ذكره العقيلي. وقال أحمد بن حنبل - وذكر محمد بن إسحاق - أما في المغازي وأشباهه فيكتب حديثه، وأما في الحلال والحرام فيحتاج إلى مثل هذا - ومد يده وضم أصابعه. وقال أيضا: هو كثير التدليس. وضعفه أبو حاتم.
أبو داود: حدثنا الربيع بن سليمان، ثنا عبد الله بن يوسف، ثنا الهيثم بن حميد، أخبرني زيد بن واقد، عن مكحول، عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري، قال نافع: " أبطأ عبادة عن صلاة الصبح، فأقام أبو نعيم المؤذن الصلاة، فصلى أبو نعيم بالناس، وأقبل عبادة بن الصامت وأنا معه حتى صففنا خلف أبي نعيم يجهر، وأبو نعيم يجهر بالقراءة، فجعل عبادة يقرأ بأم القرآن، فلما انصرف قلت لعبادة: سمعتك تقرأ بأم القرآن وأبو نعيم يجهر! قال: أجل صلى بنا رسول الله ﷺ بعض الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة، فالتبست عليه القراءة، فلما انصرف أقبل علينا بوجهه فقال: وهل تقرءون إذا جهرت بالقراءة؟ فقال بعضنا: إنا نصنع ذلك. قال: فلا، وأنا أقول : ما لي ينازعني القرآن؟ فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت به إلا بأم القرآن ".
الدارقطني: ثنا ابن صاعد، ثنا ابن زنجويه وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي - واللفظ له - قالا: ثنا محمد بن المبارك الصوري، ثنا صدقة بن خالد، ثنا زيد بن واقد، عن حرام - هو ابن حكيم - ومكحول، عن نافع بن محمود بن (ربيعة) كذا، فذكر معنى حديث أبي داود.
قال: هذا إسناد حسن ورجاله كلهم ثقات.
النسائي: أخبرنا هشام بن عمار، عن صدقة، عن زيد بن واقد، عن [حرام] بن حكيم، عن نافع بن محمود بن ربيعة، عن عبادة بن الصامت قال: " صلى بنا رسول الله ﷺ بعض الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة، قال: لا (يقرأ) أحد منكم إذا جهرت بالقراءة إلا بأم القرآن ".
زيد بن واقد هو الذي روى عنه صدقة بن خالد، ثقة، وثقه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم فيه: محله الصدق. وزيد هذا روى عنه: يحيى بن حمزة، والوليد بن مسلم وغيرهما، وليس بزيد بن واقد السمتي، ذاك رجل آخر يكنى بأبي علي، روى عن حميد، والسدي، وداود بن أبي هند، وأبي هارون العبدي، روى عنه: أبو حاتم وسهل بن زنجلة.
وصدقة بن خالد هو أبو العباس الدمشقي مولى أم البنين، قال أبو زرعة ويحيى بن معين وابن نمير: صدقة بن خالد ثقة. وقال أحمد بن حنبل: صدقة ابن خالد ثقة ليس به بأس، أثبت من الوليد بن مسلم.
مسلم: حدثنا سعيد بن منصور وقتيبة، كلاهما عن أبي عوانة، قال سعيد: ثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن عمران بن حصين قال: " صلى بنا رسول الله ﷺ صلاة الظهر أو العصر فقال: أيكم قرأ خلفي بسبح اسم ربك الأعلى؟ فقال رجل: أنا، ولم أرد بها إلا الخير. قال: قد علمت أن بعضكم خالجنيها ".
الترمذي: حدثنا الأنصاري، ثنا [معن]، ثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن ابن أكيمه الليثي، عن أبي هريرة " أن رسول الله ﷺ انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: هل قرأ معي أحد منكم آنفا؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله. قال: إني أقول ما لي أنازع القرآن؟ قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله ﷺ فيما جهر به رسول الله ﷺ من الصلوات بالقراءة، [حين] سمعوا ذلك من رسول الله ﷺ ".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، وابن أكيمة اسمه: عمارة، ويقال: عمرو.
أبو داود: حدثنا القعنبي، عن مالك بهذا الإسناد مثله. قال أبو داود: روى حديث ابن أكيمة هذا: معمر ويونس وأسامة [بن] زيد، عن الزهري، على معنى مالك.
وحدثنا مسدد، وأحمد بن (شبويه) المروزي، ومحمد بن أحمد بن أبي خلف وعبد الله بن محمد الزهري، وابن السرح قالوا: ثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري قال: سمعت ابن أكيمة يحدث سعيد بن المسيب يقول: سمعت أبا هريرة يقول: " صلي بنا رسول الله ﷺ صلاة نظن أنها الصبح.... " بمعناه إلى قوله: " ما لي أنازع القرآن ".
قال أبو داود: قال مسدد في حديثه: قال معمر: فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر به رسول الله ﷺ " وقال ابن السرح في حديثه: قال معمر: عن الزهري، قال أبو هريرة: " فانتهى الناس " وقال عبد الله بن محمد الزهري من بينهم: قال سفيان: وتكلم الزهري بكلمة لم أسمعها، فقال معمر: إنه قال: " فانتهى الناس " ورواه عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري، وانتهى حديثه إلى قوله: " ما لي أنازع القرآن " ورواه الأوزاعي عن الزهري قال فيه: قال الزهري: " فاتعظ المسلمون بذلك، فلم يكونوا يقروءن معه فيما جهر به " قال أبو داود: سمعت محمد بن يحيى بن فارس [قال] قوله: " فانتهى الناس " من كلام الزهري.
مسلم: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، ثنا جرير، عن سليمان التيمي، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطان بن عبد الله - هو الرقاشي - عن أبي موسى، عن النبي ﷺ قال: " وإذا قرأ، فأنصتوا، يعني الإمام ".
النسائي: أخبرنا الجارود بن معاذ الترمذي، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: " إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده. فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد ".
البزار: حدثنا محمد بن يحيى القطعي، ثنا سالم بن نوح، عن عمر بن عامر، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطان، عن أبي موسى، عن النبي ﷺ: " وإذا قرأ الإمام، فأنصتوا ".
لم يقل هشام وهمام وأبو عوانة وشعبة وغيرهم عن قتادة " وإذا قرأ فأنصتوا ".
وروى النسائي عن هارون بن عبد الله، عن زيد بن حباب، عن معاوية ابن صالح، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن أبي الدراداء سمعته يقول: " سئل رسول الله ﷺ: أفي كل صلاة قراءة؟ قال: نعم. قال رجل من الأنصار: وجبت هذه. فالتفت رسول الله ﷺ إلي، وكنت أقرب القوم منه فقال: ما أرى الإمام إذا أم القوم إلا قد كفاهم " وقد خولف زيد في هذا، والصواب: أنه من قول أبي الدرداء " ما أرى الإمام إذا أم القوم إلا قد كفاهم ". ذكر ذلك أبو الحسن الدارقطني في سننه ".