البداية والنهاية/الجزء الخامس/وفود فروة بن مسيك المرادي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق: وقدم فروة بن مسيك المرادي مفارقا لملوك كندة، ومباعدا لهم إلى رسول الله ﷺ وقد كان بين قومه مراد وبين همدان وقعة قبيل الإسلام، أصابت همدان من قومه حتى أثخنوهم، وكان ذلك في يوم يقال له: الردم، وكان الذي قاد همدان إليهم الأجدع بن مالك.
قال ابن هشام: ويقال مالك بن خريم الهمداني.
قال ابن إسحاق: فقال فروة بن مسيك في ذلك اليوم:
مررن على لفات وهن خوص * ينازعن الأعنة ينتحينا
فإن نغلب فغلابون قدما * وإن نغلب فغير مغلبينا
وما إن طبنا جبن ولكن * منايانا وطعمة آخرينا
كذاك الدهر دولته سجال * تكز صروفه حينا فحينا
فبينا ما نسر به ونرضى * ولو لبست غضارته سنينا
إذا انقلبت به كرات دهر * فألفى في الأولى غبطوا طحينا
فمن يغبط بريب الدهر منهم * يجد ريب الزمان له خؤنا
فلو خلد الملوك إذا خلدنا * ولو بقي الكرام إذا بقينا
فأفنى ذلكم سروات قومي * كما أفنى القرون الأولينا
قال ابن إسحاق: ولما توجه فروة بن مسيك إلى رسول الله ﷺ مفارقا ملوك كندة قال:
لما رأيت ملوك كندة أعرضت * كالرجل خان الرجل عرق نسائها
قربت راحلتي أؤم محمدا * أرجو فواضلها وحسن ثرائها
قال: فلما انتهى فروة إلى رسول الله ﷺ قال له - فيما بلغني -: «يا فروة هل ساءك ما أصاب قومك يوم الردم».
فقال: يا رسول الله من ذا الذي يصيب قومه ما أصاب قومي يوم الردم لا يسوءه ذلك؟
فقال له رسول الله ﷺ: «أما إن ذلك لم يزد قومك في الإسلام إلا خيرا».
واستعمله على مراد وزبيد ومذحج كلها، وبعث معه خالد بن سعيد بن العاص على الصدقة، فكان معه في بلاده حتى توفي رسول الله ﷺ.