البداية والنهاية/الجزء الخامس/فصل أمناء الرسول صلى الله عليه وسلم

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



فصل أمناء الرسول صلى الله عليه وسلم


وقد ذكر ابن عساكر من أمنائه أبا عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح القرشي الفهري أحد العشرة رضي الله عنه وعبد الرحمن بن عوف الزهري.

أما أبو عبيدة: فقد روى البخاري من حديث أبي قلابة عن أنس أن رسول الله قال: «لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة ابن الجراح».

وفي لفظ: أن رسول الله قال لوفد عبد القيس نجران: «لأبعثن معكم أمينا حق أمين» فبعث معهم أبا عبيدة.

قال: ومنهم: معيقيب ابن أبي فاطمة الدوسي مولى بني عبد شمس، كان على خاتمه ويقال: كان خادمه، وقال غيره: أسلم قديما، وهاجر إلى الحبشة في الناس ثم إلى المدينة، وشهد بدرا وما بعدها، وكان على الخاتم، واستعمله الشيخان على بيت المال.

قالوا: وكان قد أصابه الجذام، فأمر عمر بن الخطاب فدووي بالحنظل فتوقف المرض، وكانت وفاته في خلافة عثمان، وقيل: سنة أربعين، فالله أعلم.

قال الإمام أحمد: ثنا يحيى ابن أبي بكير، ثنا شيبان عن يحيى ابن أبي كثير، عن أبي سلمة، حدثني معيقيب أن رسول الله قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد؟

قال: «إن كنت لابد فاعلا فواحدة».

وأخرجاه في الصحيحين من حديث شيبان النحوي، زاد مسلم وهشام الدستوائي، زاده الترمذي والنسائي، وابن ماجه والأوزاعي، ثلاثتهم عن يحيى ابن أبي كثير به.

وقال الترمذي: حسن صحيح.

وقال الإمام أحمد: ثنا خلف بن الوليد، ثنا أيوب عن عتبة عن يحيى ابن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن معيقيب قال: قال رسول الله : «ويل للأعقاب من النار».

وتفرد به الإمام أحمد.

وقد روى أبو داود والنسائي من حديث أبي عتاب سهل بن حماد الدلال عن أبي مكين نوح بن ربيعة، عن إياس بن الحارث بن المعيقيب، عن جده - وكان على خاتم النبي قال: كان خاتم النبي من حديد ملوي عليه فضة، قال: فربما كان في يدي.

قلت: أما خاتم النبي فالصحيح أنه كان من فضة فصه منه، كما سيأتي في الصحيحين، وكان قد اتخذ قبله خاتم ذهب، فلبسه حينا ثم رمى به وقال: «والله لا ألبسه» ثم اتخذ هذا الخاتم من فضة فصه منه، ونقشه: محمد رسول الله، محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر، فكان في يده عليه السلام، ثم كان في يد أبي بكر من بعده، ثم في يد عمر، ثم كان في يد عثمان، فلبث في يده ست سنين ثم سقط منه في بئر أريس، فاجتهد في تحصيله فلم يقدر عليه.

وقد صنف أبو داود رحمة الله عليه كتابا مستقلا في سننه في الخاتم وحده، وسنورد منه إن شاء الله قريبا ما نحتاج إليه، وبالله المستعان.

وأما لبس معيقيب لهذا الخاتم فيدل على ضعف ما نقل أنه أصابه الجذام، كما ذكره ابن عبد البر وغيره، لكنه مشهور، فلعله أصابه ذلك بعد النبي أو كان به وكان مما لا يعدى منه، أو كان ذلك من خصائص النبي لقوة توكله، كما قال لذلك المجذوم - ووضع يده في القصعة -: «كل ثقة بالله، وتوكلا عليه».

رواه أبو داود.

وقد ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله قال: «فر من المجذوم فرارك من الأسد» والله أعلم.

وأما أمراؤه عليه السلام فقد ذكرناهم عند بعث السرايا منصوصا على أسمائهم، ولله الحمد والمنة.

وأما جملة الصحابة فقد اختلف الناس في عدتهم، فنقل عن أبي زرعة أنه قال: يبلغون مائة ألف وعشرين ألف.

وعن الشافعي رحمه الله أنه قال: توفي رسول الله والمسلمون ممن سمع منه ورآه زهاء عن ستين ألف.

وقال الحاكم أبو عبد الله: يروي الحديث عن قريب من خمسة آلاف صحابي.

قلت: والذي روى عنهم الإمام أحمد مع كثرة روايته واطلاعه واتساع رحلته وإمامته، فمن الصحابة تسعمائة وسبعة وثمانون نفسا.

ووضع في الكتب الستة من الزيادات على ذلك قريب من ثلاثمائة صحابي أيضا، وقد اعتنى جماعة من الحفاظ رحمهم الله بضبط أسمائهم وذكر أيامهم ووفياتهم من أجلهم:

الشيخ أبو عمر بن عبد البر النمري في كتابه (الاستيعاب).

وأبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده.

وأبو موسى المديني.

ثم نظم جميع ذلك الحافظ عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري المعروف بابن الصحابية صنف كتابه (الغابة) في ذلك فأجاد وأفاد، وجمع وحصل، ونال ما رام وأمل، فرحمه الله وأثابه، وجمعه والصحابة آمين يا رب العالمين.

(تم الجزء الخامس من كتاب البداية النهاية ويليه الجزء السادس، وأوله (باب ما يذكر من آثار النبي التي كان يختص بها في حياته من ثياب وسلاح).....الخ)

البداية والنهاية - الجزء الخامس
ذكر غزوة تبوك في رجب 9 هجرية | فصل فيمن تخلف معذورا من البكائين وغيرهم | فصل تخلف عبد الله ابن أبي وأهل الريب عام تبوك | مروره صلى الله عليه وسلم بمساكن ثمود | ذكر خطبته صلى الله عليه وسلم إلى تبوك إلى نخلة هناك | الصلاة على معاوية ابن أبي معاوية | قدوم رسول قيصر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك | مصالحته عليه السلام ملك أيلة وأهل جرباء وأذرح قبل رجوعه من تبوك | بعثه عليه السلام خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة | فصل | قصة مسجد الضرار | ذكر أقوام تخلفوا من العصاة غير هؤلاء | ما كان من الحوادث بعد منصرفه من تبوك | قدوم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان من سنة تسع | موت عبد الله بن أبي قبحه الله | فصل غزوة تبوك آخر غزوة غزاها رسول الله عليه السلام | أبو بكر الصديق أميرا على الحج | موت النجاشي سنة تسع وموت أم كلثوم بنت رسول الله | كتاب الوفود الواردين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | حديث في فضل بني تميم | وفد بني عبد القيس | قصة ثمامة ووفد بني حنيفة ومعهم مسيلمة الكذاب | وفد أهل نجران | وفد بني عامر وقصة عامر بن الطفيل وأربد بن مقيس | قدوم ضمام بن ثعلبة وافدا على قومه | فصل إسلام ضماد الأزدي وقومه | وفد طيء مع زيد الخيل رضي الله عنه | قصة عدي بن حاتم الطائي | قصة دوس والطفيل بن عمرو | قدوم الأشعريين وأهل اليمن | قصة عمان والبحرين | وفود فروة بن مسيك المرادي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | قدوم عمرو بن معد يكرب في أناس من زبيد | قدوم الأشعث بن قيس في وفد كندة | قدوم أعشى بن مازن على النبي صلى الله عليه وسلم | قدوم صرد بن عبد الله الأزدي في نفر من قومه ثم وفود أهل جرش بعدهم | قدوم رسول ملوك حمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | قدوم جرير بن عبد الله البجلي وإسلامه | وفادة وائل بن حجر أحد ملوك اليمن | وفادة لقيط بن عامر المنتفق أبي رزين العقيلي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | وفادة زياد بن الحارث رضي الله عنه | وفادة الحارث بن حسان البكري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | وفادة عبد الرحمن ابن أبي عقيل مع قومه | قدوم طارق بن عبيد الله وأصحابه | قدوم وافد فروة بن عمرو الجذامي صاحب بلاد معان | قدوم تميم الداري على رسول الله صلى الله عليه وسلم | وفد بني أسد | وفد بني عبس | وفد بني فزارة | وفد بني مرة | وفد بني ثعلبة | وفد بني محارب | وفد بني كلاب | وفد بني رؤاس من كلاب | وفد بني عقيل بن كعب | وفد بني قشير بن كعب | وفد بني البكاء | وفد كنانة | وفد أشجع | وفد باهلة | وفد بني سليم | وفد بني هلال بن عامر | وفد بني بكر بن وائل | وفد بني تغلب | وفادات أهل اليمن: وفد تجيب | وفد خولان | وفد جعفي | فصل في قدوم الأزد على رسول الله صلى الله عليه وسلم | وفد كندة | وفد الصدف | وفد خشين | وفد بني سعد | وفد السباع | فصل ذكر وفود الجن بمكة قبل الهجرة | سنة عشر من الهجرة باب بعث رسول الله خالد بن الوليد | بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمراء إلى أهل اليمن | بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي وخالد إلى اليمن | كتاب حجة الوداع في سنة عشر | باب بيان أنه عليه السلام لم يحج من المدينة إلا حجة واحدة | باب خروجه عليه السلام من المدينة لحجة الوداع | باب صفة خروجه عليه السلام من المدينة إلى مكة للحج | باب بيان الموضع الذي أهل منه عليه السلام | باب بسط البيان لما أحرم به عليه السلام في حجته هذه | ذكر ما قاله أنه صلى الله عليه وسلم حج متمتعا | ذكر حجة من ذهب إلى أنه عليه السلام كان قارنا | اختلاف جماعة من الصحابة في صفة حج رسول الله | فصل عدم نهي النبي عليه السلام عن حج التمتع والقران | ذكر تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم | فصل في التلبية | ذكرالأماكن التي صلى فيها صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب من المدينة إلى مكة في عمرته وحجته | باب دخول النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة شرفها الله عز وجل | صفة طوافه صلوات الله وسلامه عليه | ذكر رمله عليه السلام في طوافه واضطباعه | ذكر طوافه صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة | فصل من لم يسق معه هدي فليحل ويجعلها عمرة | فصل قول بعض الصحابة فيمن لم يسق الهدي بفسخ الحج إلى العمرة | فصل نزول النبي عليه السلام بالأبطح شرقي مكة | فصل قدوم رسول الله منيخ بالبطحاء خارج مكة | فصل صلاته صلى الله عليه وسلم بالأبطح الصبح وهو يوم التروية | فصل دعاؤه صلى الله عليه وسلم يوم عرفة | ذكر ما نزل على رسول الله من الوحي في هذا الموقف | ذكر إفاضته عليه السلام من عرفات إلى المشعر الحرام | فصل تقديم رسول الله ضعفة أهله بالليل ليقفوا بالمزدلفة | ذكر تلبيته عليه السلام بالمزدلفة | وقوفه عليه السلام بالمشعر الحرام ودفعه من المزدلفة قبل طلوع الشمس | ذكر رميه عليه السلام جمرة العقبة وحدها يوم النحر | فصل انصراف رسول الله إلى المنحر واشراكه سيدنا علي بالهدي | صفة حلقه رأسه الكريم عليه الصلاة والتسليم | فصل تحلله صلى الله عليه وسلم بعد رمي جمرة العقبة | ذكر إفاضته صلى الله عليه وسلم إلى البيت العتيق | فصل اكتفاء رسول الله عليه السلام بطوافه الأول | فصل رجوعه عليه الصلاة والسلام إلى منى | فصل خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر | فصل نزوله عليه الصلاة والسلام في منى | فصل خطبة النبي عليه الصلاة والسلام في ثاني أيام التشريق | حديث الرسول صلى الله عليه وسلم يزور البيت كل ليلة من ليالي منى | فصل يوم الزينة | فصل خروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة | فائدة عزيزة | فصل خطبته صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة | سنة إحدى عشرة من الهجرة | فصل في الآيات والأحاديث المنذرة بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم | ذكر أمره عليه السلام أبا بكر الصديق رضي الله عنه أن يصلي بالصحابة أجمعين | احتضاره ووفاته عليه السلام | فصل في ذكر أمور مهمة وقعت بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وقبل دفنه | قصة سقيفة بني ساعدة | فصل خلافة أبي بكر | فصل في ذكر الوقت الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم | صفة غسله عليه السلام | صفة كفنه عليه الصلاة والسلام | كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم | صفة دفنه عليه السلام وأين دفن | آخر الناس به عهدا عليه الصلاة والسلام | متى وقع دفنه عليه الصلاة والسلام | صفة قبره عليه الصلاة والسلام | ما أصاب المسلمين من المصيبة بوفاته صلى الله عليه وسلم | ما ورد من التعزية به عليه الصلاة والسلام | فصل فيما روي من معرفة أهل الكتاب بيوم وفاته عليه السلام | فصل ارتداد العرب بوفاته صلى الله عليه وسلم | فصل قصائد حسان بن ثابت رضي الله عنه في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم | باب ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم | باب بيان أنه عليه السلام قال لا نورث | بيان رواية الجماعة لما رواه الصديق وموافقتهم على ذلك | فصل النبي صلى الله عليه وسلم لا يورث | باب زوجاته وأولاده صلى الله عليه وسلم | فصل فيمن خطبها عليه السلام ولم يعقد عليها | فصل في ذكر سراريه عليه السلام | فصل في ذكر أولاده عليه الصلاة والسلام | باب ذكر عبيده عليه الصلاة والسلام وإمائه وخدمه وكتابه وأمنائه | إماؤه عليه السلام | فصل وأما خدامه عليه السلام الذين خدموه من الصحابة | فصل أما كتاب الوحي وغيره بين يديه صلوات الله وسلامه عليه | فصل أمناء الرسول صلى الله عليه وسلم