البداية والنهاية/الجزء الخامس/فصل فيما روي من معرفة أهل الكتاب بيوم وفاته عليه السلام
قال أبو بكر ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الله بن إدريس عن إسماعيل بن خالد، عن قيس ابن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله البجلي قال: كنت باليمن فلقينا رجلين من أهل اليمن ذا كلاع وذا عمرو، فجعلت أحدثهما عن رسول الله ﷺ قال: فقالا لي: إن كان ما تقول حقا فقد مضى صاحبك على أجله منذ ثلاث.
قال: فأقبلت وأقبلا، حتى إذا كنا في بعض الطريق رفع لنا ركب من قبل المدينة فسألناهم فقالوا: قبض رسول الله ﷺ واستخلف أبو بكر والناس صالحون.
قال: فقالا لي: أخبر صاحبك أنا قد جئنا ولعلنا سنعود إن شاء الله عز وجل.
قال: ورجعنا إلى اليمن فلما أتينا أخبرت أبا بكر بحديثهم.
قال: أفلا جئت بهم، فلما كان بعد قال لي ذو عمرو: يا جرير إن لك علي كرامة وإني مخبرك خبرا، إنكم معشر العرب لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمرتم في آخر، وإذا كانت بالسيف كنتم ملوكا تغضبون غضب الملوك، وترضون رضى الملوك.
هكذا رواه الإمام أحمد والبخاري عن أبي بكر ابن أبي شيبة.
وهكذا رواه البيهقي عن الحاكم، عن عبد الله بن جعفر، عن يعقوب بن سفيان عنه.
وقال البيهقي: أنبأنا الحاكم، أنبأنا علي بن المتوكل، ثنا محمد بن يونس، ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي، ثنا زائدة عن زياد بن علاقة، عن جرير قال: لقيني حبر باليمن وقال لي: إن كان صاحبكم نبيا، فقد مات يوم الإثنين، هكذا رواه البيهقي.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا أبو سعيد، ثنا زائدة، ثنا زياد بن علاقة عن جرير قال: قال لي حبر باليمن: إن كان صاحبكم نبيا فقد مات اليوم.
قال جرير: فمات يوم الإثنين.
وقال البيهقي: أنبأنا أبو الحسين بن بشران المعدل ببغداد، أنبأنا أبو جعفر محمد بن عمرو، ثنا محمد بن الهيثم، ثنا سعيد ابن أبي كبير بن عفير بن كعب، حدثني عبد الحميد بن كعب بن علقمة بن كعب بن عدي التنوخي عن عمر بن الحارث بن علقمة بن كعب بن عدي التنوخي، عن عمرو بن الحارث، عن ناعم بن أجيل، عن كعب بن عدي قال: أقبلت في وفد من أهل الحيرة إلى النبي ﷺ فعرض علينا الإسلام فأسلمنا، ثم انصرفنا إلى الحيرة فلم نلبث أن جاءتنا وفاة النبي ﷺ فارتاب أصحابي وقالوا: لو كان نبيا لم يمت.
فقلت: قد مات الأنبياء قبله، وثبت على إسلامي، ثم خرجت أريد المدينة فمررت براهب كنا لا نقطع أمرا دونه، فقلت له: أخبرني عن أمر أردته نفخ في صدري منه شيء.
فقال: إئت باسم من الأسماء، فأتيته بكعب فقال: ألقه في هذا السفر، لسفر أخرجه فألقيت الكعب فيه، فصفح فيه فإذا بصفة النبي ﷺ كما رأيته، وإذا هو يموت في الحين الذي مات فيه.
قال: فاشتدت بصيرتي في إيماني، وقدمت على أبي بكر رضي الله عنه فأعلمته وأقمت عنده، فوجهني إلى المقوقس فرجعت، ووجهني أيضا عمر بن الخطاب فقدمت عليه بكتابه، فأتيته وكانت وقعة اليرموك ولم أعلم بها، فقال لي: أعلمت أن الروم قتلت العرب وهزمتهم؟
فقلت: كلا.
قال: ولم؟
قلت: إن الله وعد نبيه أن يظهره على الدين كله وليس بمخلف الميعاد.
قال: فإن نبيكم قد صدقكم قتلت الروم والله قتل عاد.
قال: ثم سألني عن وجوه أصحاب رسول الله ﷺ فأخبرته، وأهدى إلى عمر وإليهم وكان ممن أهدى إليه علي، وعبد الرحمن، والزبير - وأحسبه ذكر العباس -.
قال كعب: وكنت شريكا لعمر في البز في الجاهلية، فلما أن فرض الديوان فرض لي في بني عدي بن كعب، وهذا أثر غريب وفيه نبأ عجيب، وهو صحيح.