البداية والنهاية/الجزء الخامس/فصل في الآيات والأحاديث المنذرة بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



فصل في الآيات والأحاديث المنذرة بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم


وكيف ابتدئ رسول الله بمرضه الذي مات فيه

قال الله تعالى: { إنك ميت وإنهم ميتون* ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون } [الزمر: 30 - 31] .

وقال تعالى: { وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون } [الأنبياء: 34] .

وقال تعالى: { كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } [آل عمران: 185] .

وقال تعالى: «وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفائن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين».

وهذه الآية هي التي تلاها الصديق يوم وفاة رسول الله فلما سمعها الناس كأنهم لم يسمعوها قبل.

وقال تعالى: { إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا }.

قال عمر بن الخطاب وابن عباس: هو أجل رسول الله نعي إليه.

وقال ابن عمر: نزلت أوسط أيام التشريق في حجة الوداع، فعرف رسول الله أنه الوداع، فخطب الناس خطبة أمرهم فيها ونهاهم - الخطبة المشهورة - كما تقدم.

وقال جابر: رأيت رسول الله يرمي الجمار فوقف وقال: «لتأخذوا عني مناسككم فلعلي لا أحج بعد عامي هذا».

وقال عليه السلام لابنته فاطمة كما سيأتي: «إن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة مرة، وإنه عارضني به العام مرتين، وما أرى ذلك إلا اقتراب أجلي».

وفي صحيح البخاري من حديث أبي بكر ابن عياش عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله يعتكف في كل شهر رمضان عشرة أيام، فلما كان من العام الذي توفي فيه اعتكف عشرين يوما.

وكان يعرض عليه القرآن في كل رمضان، فلما كان العام الذي توفي فيه عرض عليه القرآن مرتين.

وقال محمد بن إسحاق: رجع رسول الله من حجة الوداع في ذي الحجة فأقام بالمدينة بقيته، والمحرم، وصفرا، وبعث أسامة بن زيد، فبينا الناس على ذلك ابتدىء رسول الله بشكواه الذي قبضه الله فيه إلى ما أراده الله من رحمته وكرامته في ليال بقين من صفر، أو في أول شهر ربيع الأول، فكان أول ما ابتدئ به رسول الله من ذلك فيما ذكر لي، أنه خرج إلى بقيع الغرقد من جوف الليل فاستغفر لهم ثم رجع إلى أهله، فلما أصبح ابتدئ بوجعه من يومه ذلك.

قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن جعفر عن عبيد بن جبر مولى الحكم، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن أبي مويهبة مولى رسول الله قال: بعثني رسول الله من جوف الليل فقال: «يا أبا مويهبة، إني قد أمرت أن أستغفر لأهل هذا البقيع فانطلق معي».

فانطلقت معه، فلما وقف بين أظهرهم قال: «السلام عليكم يا أهل المقابر، ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها، الآخرة شر من الأولى».

ثم أقبل علي فقال: «يا أبا مويهبة، إني قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة، فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة».

قال: قلت: بأبي أنت وأمي فخذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها، ثم الجنة.

قال: «لا والله يا أبا مويهبة، لقد اخترت لقاء ربي والجنة».

ثم استغفر لأهل البقيع ثم انصرف، فبدئ برسول الله وجعه الذي قبضه الله فيه.

لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب، وإنما رواه أحمد عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق به.

وقال الإمام أحمد: ثنا أبو النضر، ثنا الحكم بن فضيل، ثنا يعلى بن عطاء عن عبيد بن جبر، عن أبي مويهبة قال: أمر رسول الله أن يصلي على أهل البقيع فصلى عليهم ثلاث مرات فلما كانت الثالثة قال: «يا أبا مويهبة أسرج لي دابتي».

قال: فركب ومشيت حتى انتهى إليهم، فنزل عن دابته وأمسكت الدابة فوقف - أو قال: قام عليهم - فقال: «ليهنكم ما أنتم فيه مما فيه الناس، أتت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع بعضها بعضا، الآخرة أشد من الأولى، فليهنكم ما أنتم فيه مما فيه الناس».

ثم رجع فقال: «يا أبا مويهبة إني أعطيت» أو قال: «خيرت بين مفاتيح ما يفتح على أمتي من بعدي والجنة، أو لقاء ربي».

قال: فقلت: بأبي أنت وأمي فاخترنا.

قال: «لأن ترد علي عقبها ما شاء الله، فاخترت لقاء ربي».

فما لبث بعد ذلك إلا سبعا، أو ثمانيا حتى قبض.

وقال عبد الرزاق عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: قال رسول الله: «نصرت بالرعب، وأعطيت الخزائن، وخيرت بين أن أبقى حتى أرى ما يفتح على أمتي وبين التعجيل، فاخترت التعجيل».

قال البيهقي: وهذا مرسل، وهو شاهد لحديث أبي مويهبة.

قال ابن إسحاق: وحدثني يعقوب بن عتبة عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن مسعود، عن عائشة قالت: رجع رسول الله من البقيع فوجدني وأنا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول: وارأساه، فقال: «بل أنا والله يا عائشة وارأساه».

قالت: ثم قال: «وما ضرك لو مت قبلي فقمت عليك، وكفنتك، وصليت عليك، ودفنتك».

قالت: قلت: والله لكأني بك لو فعلت ذلك لقد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك.

قالت: فتبسم رسول الله ونام به وجعه، وهو يدور على نسائه حتى استعزبه في بيت ميمونة فدعا نسائه فاستأذنهن أن يمرض في بيتي، فأذن له.

قالت: فخرج رسول الله بين رجلين من أهله أحدهما: الفضل بن عباس، ورجل آخر، عاصبا رأسه، تخط قدماه الأرض حتى دخل بيتي.

قال عبيد الله: فحدثت به ابن عباس.

فقال: أتدري من الرجل الآخر؟ هو علي ابن أبي طالب، وهذا الحديث له شواهد ستأتي قريبا.

وقال البيهقي: أنبأنا الحاكم، أنبأنا الأصم، أنبأنا أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، حدثني يعقوب بن عتبة عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله وهو يصدع وأنا أشتكي رأسي فقلت: وارأساه!.

فقال: «بل أنا والله يا عائشة وارأساه!».

ثم قال: «وما عليك لو مت قبلي فوليت أمرك، وصليت عليك، وواريتك».

فقلت: والله إني لأحسب لو كان ذلك، لقد خلوت ببعض نسائك في بيتي من آخر النهار فأعرست بها.

فضحك رسول الله ثم تمادى به وجعه، فاستعز به وهو يدور على نسائه في بيت ميمونة، فاجتمع إليه أهله فقال العباس: إنا لنرى برسول الله ذات الجنب، فهلموا فلنلده فلدوه فأفاق رسول الله فقال: «من فعل هذا؟»

فقالوا: عمك العباس تخوف أن يكون بك ذات الجنب.

فقال رسول الله: «إنها من الشيطان، وما كان الله ليسلطه علي، لا يبقى في البيت أحد إلا لددتموه إلا عمي العباس»

فلد أهل البيت كلهم حتى ميمونة وإنها لصائمة، وذلك بعين رسول الله ثم استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي، فأذن له، فخرج وهو بين العباس، ورجل آخر - لم تسمه - تخط قدماه بالأرض إلى بيت عائشة.

قال عبيد الله: قال ابن عباس: الرجل الآخر علي ابن أبي طالب.

قال البخاري: حدثنا سعيد بن عفير، ثنا الليث، حدثني عقيل عن ابن شهاب، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عائشة زوج النبي قالت: لما ثقل رسول الله، واشتد به وجعه، استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي فأذن له، فخرج وهو بين الرجلين تخط رجلاه الأرض بين عباس قال: ابن عبد المطلب، وبين رجل آخر قال: عبيد الله، فأخبرت عبد الله - يعني: ابن عباس - بالذي قالت عائشة.

فقال لي عبد الله بن عباس: هل تدري من الرجل الآخر الذي لم تسم عائشة؟

قال: قلت: لا!

قال ابن عباس: هو علي، فكانت عائشة زوج النبي تحدث أن رسول الله لما دخل بيتي واشتد به وجعه قال: هريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن، لعلي أعهد إلى الناس، فأجلسناه في مخضب لحفصة زوج النبي ثم طفقنا نصب عليه من تلك القرب، حتى طفق يشير إلينا بيده أن قد فعلتن قالت عائشة: ثم خرج إلى الناس فصلى لهم، وخطبهم.

وقد رواه البخاري أيضا في مواضع أخر من صحيحه، ومسلم من طرق عن الزهري به.

وقال البخاري: حدثنا إسماعيل، ثنا سليمان بن بلال قال هشام بن عروة: أخبرني أبي عن عائشة، أن رسول الله كان يسأل في مرضه الذي مات فيه أين أنا غدا، أين أنا غدا، يريد يوم عائشة، فأذن له أزواجه أن يكون حيث شاء، فكان في بيت عائشة، حتى مات عندها.

قالت عائشة رضي الله عنها: فمات في اليوم الذي كان يدور علي فيه في بيتي، وقبضه الله وإن رأسه لبين سحري ونحري، وخالط ريقه ريقي، قالت: ودخل عبد الرحمن ابن أبي بكر ومعه سواك يستن به، فنظر إليه رسول الله ، فقلت له: أعطني هذا السواك يا عبد الرحمن، فأعطانيه، فقضمته ثم مضغته فأعطيته رسول الله فاستن به، وهو مسند إلى صدري.

انفرد به البخاري من هذا الوجه.

وقال البخاري: أخبرنا عبد الله بن يوسف، ثنا الليث، حدثني ابن الهاد عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: مات النبي وأنه لبين حاقنتي، وذاقنتي، فلا أكره شدة الموت لأحد أبدا بعد النبي .

وقال البخاري: حدثنا حيان، أنبأنا عبد الله، أنبأنا يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة أن عائشة أخبرته أن رسول الله كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات ومسح عنه بيده، فلما اشتكى وجعه الذي توفي فيه طفقت أنفث عليه بالمعوذات التي كان ينفث، وأمسح بيد النبي عنه.

ورواه مسلم من حديث ابن وهب عن يونس بن يزيد الإيلي، عن الزهري به، والفلاس ومسلم عن محمد بن حاتم كلهم.

وثبت في الصحيحين من حديث أبي عوانة عن فراس، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: اجتمع نساء رسول الله عنده لم يغادر منهن امرأة، فجاءت فاطمة تمشي لا تخطئ مشيتها مشية أبيها فقال: «مرحبا بابنتي» فأقعدها عن يمينه، أو شماله، ثم سارها بشيء فبكت، ثم سارها فضحكت.

فقلت لها: خصك رسول الله بالسرار وأنت تبكين!فلما أن قامت قلت: أخبريني ما سارك؟

فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله فلما توفي قلت لها: أسألك لما لي عليك من الحق لما أخبرتيني.

قالت: أما الآن فنعم!

قالت: سارني في الأول قال لي: «إن جبريل كان يعارضني في القرآن كل سنة مرة، وقد عارضني في هذا العام مرتين، ولا أرى ذلك إلا لاقتراب أجلي؛ فاتقي الله واصبري، فنعم السلف أنا لك» فبكيت.

ثم سارني فقال: «أما ترضيني أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة» فضحكت، وله طرق عن عائشة.

وقد روى البخاري عن علي بن عبد الله، عن يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان الثوري، عن موسى ابن أبي عائشة، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عائشة قالت: لددنا رسول الله في مرضه، فجعل يشير إلينا «أن لا تلدوني».

فقلنا: كراهية المريض للدواء، فلما أفاق، قال: «ألم أنهكم أن لا تلدوني؟»

قلنا: كراهية المريض للدواء.

فقال: «لا يبقى أحد في البيت إلا لد، وأنا أنظر إلا العباس، فإنه لم يشهدكم».

قال البخاري: ورواه ابن أبي الزناد عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي .

وقال البخاري: وقال يونس عن الزهري قال عروة: قالت عائشة: كان النبي يقول في مرضه الذي مات فيه: «يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم».

هكذا ذكره البخاري معلقا.

وقد أسنده الحافظ البيهقي: عن الحاكم، عن أبي بكر ابن محمد بن أحمد بن يحيى الأشقر، عن يوسف بن موسى، عن أحمد بن صالح، عن عنبسة، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري به.

وقال البيهقي: أنبأنا الحاكم، أنبأنا الأصم، أنبأنا أحمد بن عبد الجبار عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال: لئن أحلف تسعا أن رسول الله قتل قتلا، أحب إلي من أن أحلف واحدة أنه لم يقتل، وذلك أن الله اتخذه نبيا، واتخذه شهيدا.

وقال البخاري: ثنا إسحاق بن بشر، حدثنا شعيب عن أبي حمزة، حدثني أبي عن الزهري قال: أخبرني عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري - وكان كعب بن مالك أحد الثلاثة الذين تيب عليهم -: أن عبد الله بن عباس، أخبره: أن علي ابن أبي طالب خرج من عند رسول الله في وجعه الذي توفي فيه فقال الناس: يا أبا الحسن كيف أصبح رسول الله ؟

فقال: أصبح بحمد الله بارئا.

فأخذ بيده عباس بن عبد المطلب فقال له: أنت والله بعد ثلاث عبد العصا، وإني والله لأرى رسول الله سوف يتوفى من وجعه هذا، إني لأعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت، اذهب بنا إلى رسول الله فلنسأله فيمن هذا الأمر؟ إن كان فينا علمنا ذلك، وإن كان في غيرنا علمناه فأوصى بنا.

فقال علي: إنا والله لئن سألناها رسول الله فمنعناها لا يعطيناها الناس بعده، وإني والله لا أسألها رسول الله .

انفرد به البخاري.

وقال البخاري: ثنا قتيبة، ثنا سفيان عن سليمان الأحول، عن سعيد بن جبير قال: قال ابن عباس: يوم الخميس وما يوم الخميس؟ اشتد برسول الله وجعه فقال: «ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فتنازعوا - ولا ينبغي عند نبي تنازع - ».

فقالوا: ما شأنه أهجر استفهموه، فذهبوا يردون عنه.

فقال: «دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه».

فأوصاهم بثلاث.

قال: «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم».

وسكت عن الثالثة أو قال: فنسيتها.

ورواه البخاري في موضع آخر، ومسلم من حديث سفيان بن عيينة به.

ثم قال البخاري: حدثنا علي بن عبد الله، ثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: لما حضر رسول الله وفي البيت رجال فقال النبي : «هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا».

فقال بعضهم: إن رسول الله قد غلبه الوجع، وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول غير ذلك، فلما أكثروا اللغو والاختلاف.

قال رسول الله : «قوموا».

قال عبيد الله، قال ابن عباس: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم.

ورواه مسلم عن محمد بن رافع وعبد بن حميد، كلاهما عن عبد الرزاق بنحوه.

وقد أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه من حديث معمر ويونس عن الزهري به.

وهذا الحديث مما قد توهم به بعض الأغبياء من أهل البدع من الشيعة وغيرهم، كل مدع أنه كان يريد أن يكتب في ذلك الكتاب ما يرمون إليه من مقالاتهم، وهذا هو التمسك بالمتشابه وترك المحكم، وأهل السنة يأخذون بالمحكم ويردون ما تشابه إليه، وهذه طريقة الراسخين في العلم كما وصفهم الله عز وجل في كتابه، وهذا الموضع مما زل فيه أقدام كثير من أهل الضلالات.

وأما أهل السنة فليس لهم مذهب إلا اتباع الحق يدورون معه كيفما دار، وهذا الذي كان يريد عليه الصلاة والسلام أن يكتبه قد جاء في الأحاديث الصحيحة التصريح بكشف المراد منه.

فإنه قد قال الإمام أحمد: حدثنا مؤمل، ثنا نافع عن ابن عمرو، ثنا ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: لما كان وجع رسول الله الذي قبض فيه قال: «إدعو لي أبا بكر وابنه لكي لا يطمع في أمر أبي بكر طامع ولا يتمناه متمن».

ثم قال: «يأبى الله ذلك والمؤمنون مرتين».

قالت عائشة: فأبى الله ذلك والمؤمنون.

انفرد به أحمد من هذا الوجه.

وقال أحمد: حدثنا أبو معاوية، ثنا عبد الرحمن ابن أبي بكر القرشي عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: لما ثقل رسول الله قال لعبد الرحمن ابن أبي بكر: «ائتني بكتف أو لوح حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه أحد».

فلما ذهب عبد الرحمن ليقوم قال: أبى الله والمؤمنون أن يختلف عليك يا أبا بكر.

انفرد به أحمد من هذا الوجه أيضا.

وروى البخاري عن يحيى بن يحيى، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: قال رسول الله: «لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهد أن يقول القائلون أو يتمنى متمنون».

فقال: يأبى الله - أو يدفع المؤمنون أو يدفع الله - ويأبى المؤمنون.

وفي صحيح البخاري ومسلم من حديث إبراهيم بن سعد عن أبيه، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه قال: أتت امرأة إلى رسول الله فأمرها أن ترجع إليه فقالت: أرأيت إن جئت ولم أجدك - كأنها تقول الموت -.

قال: «إن لم تجديني فأت أبا بكر».

والظاهر والله أعلم أنها إنما قالت ذلك له عليه السلام في مرضه الذي مات فيه صلوات الله وسلامه عليه.

وقد خطب عليه الصلاة والسلام في يوم الخميس قبل أن يقبض عليه السلام بخمس أيام خطبة عظيمة بين فيها فضل الصديق من سائر الصحابة، مع ما كان قد نص عليه أن يؤم الصحابة أجمعين، كما سيأتي بيانه مع حضورهم كلهم.

ولعل خطبته هذه كانت عوضا عما أراد أن يكتبه في الكتاب، وقد اغتسل عليه السلام بين يدي هذه الخطبة الكريمة، فصبوا عليه من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن، وهذا من باب الاستشفاء بالسبع، كما وردت بها الأحاديث في غير هذا الموضع، والمقصود أنه عليه السلام اغتسل ثم خرج فصلى بالناس، ثم خطبهم كما تقدم في حديث عائشة رضي الله عنها.

ذكر الأحاديث الواردة في ذلك.

قال البيهقي: أنبأنا الحاكم، أنبأنا الأصم عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن أيوب بن بشير أن رسول الله قال في مرضه: «أفيضوا علي من سبع قرب من سبع آبار شتى، حتى أخرج فأعهد إلى الناس».

ففعلوا، فخرج فجلس على المنبر فكان أول ما ذكر بعد حمد الله والثناء عليه ذكر أصحاب أحد، فاستغفر لهم ودعا لهم.

ثم قال: «يا معشر المهاجرين إنكم أصبحتم تزيدون، والأنصار على هيئتها لا تزيد، وإنهم عيبتي التي أوتيت إليها، فأكرموا كريمهم، وتجاوزوا من مسيئهم».

ثم قال عليه السلام: «أيها الناس إن عبدا من عباد الله قد خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله، فاختار ما عند الله».

ففهمها أبو بكر رضي الله عنه من بين الناس فبكى.

وقال: بل نحن نفديك بأنفسنا وأبنائنا وأموالنا.

فقال رسول الله : «على رسلك يا أبا بكر!انظروا إلى هذه الأبواب الشارعة في المسجد فسدوها، إلا ما كان من بيت أبي بكر، فإني لا أعلم أحدا عندي أفضل يدا في الصحبة منه».

هذا مرسل له شواهد كثيرة.

وقال الواقدي: حدثني فروة بن زبيد بن طوسا عن عائشة بنت سعد، عن أم ذرة، عن أم سلمة زوج النبي قالت: خرج رسول الله عاصبا رأسه بخرقة، فلما استوى على المنبر تحدق الناس بالمنبر، واستكفوا.

فقال: «والذي نفسي بيده إني لقائم على الحوض الساعة».

ثم تشهد فلما قضى تشهده كان أول ما تكلم به، أن استغفر للشهداء الذين قتلوا بأحد.

ثم قال: «إن عبدا من عباد الله خير بين الدنيا وبين ما عند الله فاختار العبد ما عند الله».

فبكى أبو بكر فعجبنا لبكائه وقال: بأبي وأمي نفديك بآبائنا وأمهاتنا وأنفسنا وأموالنا.

فكان رسول الله هو المخير، وكان أبو بكر أعلمنا برسول الله وجعل رسول الله يقول له: «على رسلك».

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو عامر، ثنا فليح عن سالم أبي النضر، عن بشر بن سعيد، عن أبي سعيد قال: خطب رسول الله الناس فقال: «إن الله خير عبدا بين الدنيا، وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله».

قال: فبكى أبو بكر.

قال: فتعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله عن عبد، فكان رسول الله هو المخير، وكان أبو بكر أعلمنا به.

فقال رسول الله: «إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن خلة الإسلام ومودته لا يبقى في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر».

وهكذا رواه البخاري من حديث أبي عامر العقدي به.

ثم رواه الإمام أحمد عن يونس، عن فليح، عن سالم أبي النضر، عن عبيد بن حنين، وبشر بن سعيد عن أبي سعيد به.

وهكذا رواه البخاري ومسلم من حديث فليح ومالك بن أنس عن سالم، عن بشر بن سعيد وعبيد بن حنين، كلاهما عن أبي سعيد بنحوه.

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو الوليد، ثنا هشام، ثنا أبو عوانة عن عبد الملك، عن ابن أبي المعلى، عن أبيه أن رسول الله خطب يوما فقال: «إن رجلا خيره ربه بين أن يعيش في الدنيا ما شاء أن يعيش فيها، يأكل من الدنيا ما شاء أن يأكل منها، وبين لقاء ربه فاختار لقاء ربه».

فبكى أبو بكر، فقال أصحاب رسول الله : ألا تعجبون من هذا الشيخ أن ذكر رسول الله رجلا صالحا خيره ربه بين البقاء في الدنيا، وبين لقاء ربه، فاختار لقاء ربه.

فكان أبو بكر أعلمهم بما قال رسول الله.

فقال أبو بكر: بل نفديك بأموالنا وأبنائنا.

فقال رسول الله : «ما من الناس أحد أمن علينا في صحبته وذات يده من ابن أبي قحافة، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت ابن أبي قحافة، ولكن ود وإخاء وإيمان، ولكن ود وإخاء وإيمان مرتين، وإن صاحبكم خليل الله عز وجل».

تفرد به أحمد.

قالوا: وصوابه أبو سعيد بن المعلى فالله أعلم.

وقد روى الحافظ البيهقي من طريق إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه ثنا زكريا بن عدي، ثنا عبيد الله بن عمرو الرقي عن زيد ابن أبي أنيسة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحارث حدثني جندب أنه سمع رسول الله قبل أن يتوفى بخمس وهو يقول: «قد كان لي منكم أخوة وأصدقاء، وإني أبرأ إلى كل خليل من خلته، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا، لاتخذت أبا بكر خليلا، وإن ربي اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، وإن قوما ممن كان قبلكم يتخذون قبور أنبيائهم، وصلحائهم مساجد فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك».

وقد رواه مسلم في صحيحه عن إسحاق بن راهويه بنحوه.

وهذا اليوم الذي كان قبل وفاته عليه السلام بخمس أيام هو يوم الخميس الذي ذكره ابن عباس فيما تقدم.

وقد روينا هذه الخطبة من طريق ابن عباس.

قال الحافظ البيهقي: أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ، أنبأنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب - هو ابن عوانة الإسفراييني - قال: ثنا محمد ابن أبي بكر، ثنا وهب بن جرير، ثنا أبي سمعت يعلى بن حكيم يحدث عن عكرمة، عن ابن عباس قال: خرج النبي في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه بخرقة، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه.

ثم قال: «إنه ليس من الناس أحد أمن علي بنفسه وماله من أبي بكر، ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن خلة الإسلام أفضل، سدوا عني كل خوخة في المسجد غير خوخة أبي بكر».

رواه البخاري عن عبيد الله بن محمد الجعفي، عن وهب بن جرير بن حازم، عن أبيه به.

وفي قوله عليه السلام: «سدوا عني كل خوخة - يعني: الأبواب الصغار - إلى المسجد غير خوخة أبي بكر».

إشارة إلى الخلافة أي: ليخرج منها إلى الصلاة بالمسلمين.

وقد رواه البخاري أيضا من حديث عبد الرحمن بن سليمان بن حنظلة بن الغسيل عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله خرج في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه بعصابة دسماء، ملتحفا بملحفة على منكبيه، فجلس على المنبر، فذكر الخطبة، وذكر فيها الوصاة بالأنصار إلى أن قال: فكان آخر مجلس جلس فيه رسول الله حتى قبض - يعني: آخر خطبة خطبها عليه السلام.

وقد روي من وجه آخر عن ابن عباس بإسناد غريب، ولفظ غريب.

فقال الحافظ البيهقي: أنبأنا علي بن أحمد بن عبدان، أنبأنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا ابن أبي قماش - وهو محمد بن عيسى - ثنا موسى بن إسماعيل أبو عمران الجبلي، ثنا معن بن عيسى القزاز عن الحارث بن عبد الملك بن عبد الله بن أناس الليثي، عن القاسم بن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبيه، عن عطاء، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس قال: أتاني رسول الله وهو يوعك وعكا شديدا، وقد عصب رأسه فقال: «خذ بيدي يا فضل»

قال: فأخذت بيده حتى قعد على المنبر.

ثم قال: «ناد في الناس يا فضل».

فناديت: الصلاة جامعة.

قال: فاجتمعوا فقام رسول الله خطيبا فقال: «أما بعد أيها الناس، إنه قد دنى مني خلوف من بين أظهركم ولن تروني في هذا المقام فيكم، وقد كنت أرى أن غيره غير مغن عني حتى أقومه فيكم، ألا فمن كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد، ومن كنت أخذت له مالا فهذا مالي فليأخذ منه، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد، ولا يقولن قائل أخاف الشحناء من قبل رسول الله، ألا وإن الشحناء ليست من شأني ولا من خلقي، وإن أحبكم إلي من أخذ حقا إن كان له علي أو حللني، فلقيت الله عز وجل وليس لأحد عندي مظلمة».

قال: فقام منهم رجل فقال: يا رسول الله لي عندك ثلاثة دراهم.

فقال: «أما أنا فلا أكذب قائلا، ولا مستحلفه علي يمين فيم كانت لك عندي؟»

قال: أما تذكر أنه مر بك سائل فأمرتني فأعطيته ثلاثة دراهم.

قال: «أعطه يا فضل».

قال: وأمر به فجلس.

قال: ثم عاد رسول الله في مقالته الأولى ثم قال: «يا أيها الناس من عنده من الغلول شيء فليرده».

فقام رجل فقال: يا رسول الله عندي ثلاثة دراهم غللتها في سبيل الله.

قال: «فلم غللتها؟»

قال: كنت إليها محتاجا.

قال: «خذها منه يا فضل».

ثم عاد رسول الله في مقالته الأولى وقال: «يا أيها الناس من أحس من نفسه شيئا فليقم أدعو الله له».

فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله إني لمنافق، وإني لكذوب، وإني لشئوم.

فقال عمر بن الخطاب: ويحك أيها الرجل لقد سترك الله لو سترت على نفسك.

فقال رسول الله : «مه يا ابن الخطاب فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة، اللهم ارزقه صدقا، وإيمانا، وأذهب عنه الشؤم إذا شاء».

ثم قال رسول الله : «عمر معي، وأنا مع عمر، والحق بعدي مع عمر».

وفي إسناده ومتنه غرابة شديدة.

البداية والنهاية - الجزء الخامس
ذكر غزوة تبوك في رجب 9 هجرية | فصل فيمن تخلف معذورا من البكائين وغيرهم | فصل تخلف عبد الله ابن أبي وأهل الريب عام تبوك | مروره صلى الله عليه وسلم بمساكن ثمود | ذكر خطبته صلى الله عليه وسلم إلى تبوك إلى نخلة هناك | الصلاة على معاوية ابن أبي معاوية | قدوم رسول قيصر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك | مصالحته عليه السلام ملك أيلة وأهل جرباء وأذرح قبل رجوعه من تبوك | بعثه عليه السلام خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة | فصل | قصة مسجد الضرار | ذكر أقوام تخلفوا من العصاة غير هؤلاء | ما كان من الحوادث بعد منصرفه من تبوك | قدوم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان من سنة تسع | موت عبد الله بن أبي قبحه الله | فصل غزوة تبوك آخر غزوة غزاها رسول الله عليه السلام | أبو بكر الصديق أميرا على الحج | موت النجاشي سنة تسع وموت أم كلثوم بنت رسول الله | كتاب الوفود الواردين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | حديث في فضل بني تميم | وفد بني عبد القيس | قصة ثمامة ووفد بني حنيفة ومعهم مسيلمة الكذاب | وفد أهل نجران | وفد بني عامر وقصة عامر بن الطفيل وأربد بن مقيس | قدوم ضمام بن ثعلبة وافدا على قومه | فصل إسلام ضماد الأزدي وقومه | وفد طيء مع زيد الخيل رضي الله عنه | قصة عدي بن حاتم الطائي | قصة دوس والطفيل بن عمرو | قدوم الأشعريين وأهل اليمن | قصة عمان والبحرين | وفود فروة بن مسيك المرادي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | قدوم عمرو بن معد يكرب في أناس من زبيد | قدوم الأشعث بن قيس في وفد كندة | قدوم أعشى بن مازن على النبي صلى الله عليه وسلم | قدوم صرد بن عبد الله الأزدي في نفر من قومه ثم وفود أهل جرش بعدهم | قدوم رسول ملوك حمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | قدوم جرير بن عبد الله البجلي وإسلامه | وفادة وائل بن حجر أحد ملوك اليمن | وفادة لقيط بن عامر المنتفق أبي رزين العقيلي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | وفادة زياد بن الحارث رضي الله عنه | وفادة الحارث بن حسان البكري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم | وفادة عبد الرحمن ابن أبي عقيل مع قومه | قدوم طارق بن عبيد الله وأصحابه | قدوم وافد فروة بن عمرو الجذامي صاحب بلاد معان | قدوم تميم الداري على رسول الله صلى الله عليه وسلم | وفد بني أسد | وفد بني عبس | وفد بني فزارة | وفد بني مرة | وفد بني ثعلبة | وفد بني محارب | وفد بني كلاب | وفد بني رؤاس من كلاب | وفد بني عقيل بن كعب | وفد بني قشير بن كعب | وفد بني البكاء | وفد كنانة | وفد أشجع | وفد باهلة | وفد بني سليم | وفد بني هلال بن عامر | وفد بني بكر بن وائل | وفد بني تغلب | وفادات أهل اليمن: وفد تجيب | وفد خولان | وفد جعفي | فصل في قدوم الأزد على رسول الله صلى الله عليه وسلم | وفد كندة | وفد الصدف | وفد خشين | وفد بني سعد | وفد السباع | فصل ذكر وفود الجن بمكة قبل الهجرة | سنة عشر من الهجرة باب بعث رسول الله خالد بن الوليد | بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمراء إلى أهل اليمن | بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي وخالد إلى اليمن | كتاب حجة الوداع في سنة عشر | باب بيان أنه عليه السلام لم يحج من المدينة إلا حجة واحدة | باب خروجه عليه السلام من المدينة لحجة الوداع | باب صفة خروجه عليه السلام من المدينة إلى مكة للحج | باب بيان الموضع الذي أهل منه عليه السلام | باب بسط البيان لما أحرم به عليه السلام في حجته هذه | ذكر ما قاله أنه صلى الله عليه وسلم حج متمتعا | ذكر حجة من ذهب إلى أنه عليه السلام كان قارنا | اختلاف جماعة من الصحابة في صفة حج رسول الله | فصل عدم نهي النبي عليه السلام عن حج التمتع والقران | ذكر تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم | فصل في التلبية | ذكرالأماكن التي صلى فيها صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب من المدينة إلى مكة في عمرته وحجته | باب دخول النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة شرفها الله عز وجل | صفة طوافه صلوات الله وسلامه عليه | ذكر رمله عليه السلام في طوافه واضطباعه | ذكر طوافه صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة | فصل من لم يسق معه هدي فليحل ويجعلها عمرة | فصل قول بعض الصحابة فيمن لم يسق الهدي بفسخ الحج إلى العمرة | فصل نزول النبي عليه السلام بالأبطح شرقي مكة | فصل قدوم رسول الله منيخ بالبطحاء خارج مكة | فصل صلاته صلى الله عليه وسلم بالأبطح الصبح وهو يوم التروية | فصل دعاؤه صلى الله عليه وسلم يوم عرفة | ذكر ما نزل على رسول الله من الوحي في هذا الموقف | ذكر إفاضته عليه السلام من عرفات إلى المشعر الحرام | فصل تقديم رسول الله ضعفة أهله بالليل ليقفوا بالمزدلفة | ذكر تلبيته عليه السلام بالمزدلفة | وقوفه عليه السلام بالمشعر الحرام ودفعه من المزدلفة قبل طلوع الشمس | ذكر رميه عليه السلام جمرة العقبة وحدها يوم النحر | فصل انصراف رسول الله إلى المنحر واشراكه سيدنا علي بالهدي | صفة حلقه رأسه الكريم عليه الصلاة والتسليم | فصل تحلله صلى الله عليه وسلم بعد رمي جمرة العقبة | ذكر إفاضته صلى الله عليه وسلم إلى البيت العتيق | فصل اكتفاء رسول الله عليه السلام بطوافه الأول | فصل رجوعه عليه الصلاة والسلام إلى منى | فصل خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر | فصل نزوله عليه الصلاة والسلام في منى | فصل خطبة النبي عليه الصلاة والسلام في ثاني أيام التشريق | حديث الرسول صلى الله عليه وسلم يزور البيت كل ليلة من ليالي منى | فصل يوم الزينة | فصل خروج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة | فائدة عزيزة | فصل خطبته صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة | سنة إحدى عشرة من الهجرة | فصل في الآيات والأحاديث المنذرة بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم | ذكر أمره عليه السلام أبا بكر الصديق رضي الله عنه أن يصلي بالصحابة أجمعين | احتضاره ووفاته عليه السلام | فصل في ذكر أمور مهمة وقعت بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وقبل دفنه | قصة سقيفة بني ساعدة | فصل خلافة أبي بكر | فصل في ذكر الوقت الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم | صفة غسله عليه السلام | صفة كفنه عليه الصلاة والسلام | كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم | صفة دفنه عليه السلام وأين دفن | آخر الناس به عهدا عليه الصلاة والسلام | متى وقع دفنه عليه الصلاة والسلام | صفة قبره عليه الصلاة والسلام | ما أصاب المسلمين من المصيبة بوفاته صلى الله عليه وسلم | ما ورد من التعزية به عليه الصلاة والسلام | فصل فيما روي من معرفة أهل الكتاب بيوم وفاته عليه السلام | فصل ارتداد العرب بوفاته صلى الله عليه وسلم | فصل قصائد حسان بن ثابت رضي الله عنه في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم | باب ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم | باب بيان أنه عليه السلام قال لا نورث | بيان رواية الجماعة لما رواه الصديق وموافقتهم على ذلك | فصل النبي صلى الله عليه وسلم لا يورث | باب زوجاته وأولاده صلى الله عليه وسلم | فصل فيمن خطبها عليه السلام ولم يعقد عليها | فصل في ذكر سراريه عليه السلام | فصل في ذكر أولاده عليه الصلاة والسلام | باب ذكر عبيده عليه الصلاة والسلام وإمائه وخدمه وكتابه وأمنائه | إماؤه عليه السلام | فصل وأما خدامه عليه السلام الذين خدموه من الصحابة | فصل أما كتاب الوحي وغيره بين يديه صلوات الله وسلامه عليه | فصل أمناء الرسول صلى الله عليه وسلم