البداية والنهاية/الجزء الرابع/فصل في دعائه عليه السلام على الأحزاب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



فصل في دعائه عليه السلام على الأحزاب


قال الإمام أحمد: حدثنا أبو عامر، حدثنا الزبير - يعني ابن عبد الله - حدثنا ربيح بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه قال: قلنا يوم الخندق: يا رسول الله هل من شيء نقوله، فقد بلغت القلوب الحناجر؟

قال: «نعم، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا».

قال: فضرب الله وجوه أعدائه بالريح.

وقد رواه ابن أبي حاتم في (تفسيره) عن أبيه، عن أبي عامر - وهو العقدي - عن الزبير بن عبد الله مولى عثمان بن عفان، عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه عن أبي سعيد، فذكره وهذا هو الصواب.

وقال الإمام أحمد: حدثنا حسين، عن ابن أبي ذئب، عن رجل من بني سلمة، عن جابر بن عبد الله: أن النبي أتى مسجد الأحزاب فوضع رداءه، وقام ورفع يديه مدا يدعو عليهم ولم يصل.

قال: ثم جاء ودعا عليهم وصلى.

وثبت في الصحيحين من حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: دعا رسول الله على الأحزاب فقال: «اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم» وفي الرواية: «اللهم اهزمهم وانصرنا عليهم».

وروى البخاري، عن قتيبة، عن الليث، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله كان يقول: «لا إله إلا الله وحده، أعز جنده، ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده، فلا شيء بعده».

وقال ابن إسحاق: وأقام رسول الله وأصحابه فيما وصف الله من الخوف والشدة، لتظاهر عدوهم عليهم، وإتيانهم إياهم من فوقهم ومن أسفل منهم.

قال: ثم إن نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف بن ثعلبة بن قنفذ بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان أتى رسول الله فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت وإن قومي لم يعلموا بإسلامي فمرني بما شئت.

فقال رسول الله : «إنما أنت فينا رجل واحد فخذل عنا إن استطعت، فإن الحرب خدعة» فخرج نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة، وكان لهم نديما في الجاهلية فقال: يا بني قريظة قد عرفتم ودي إياكم، وخاصة ما بيني وبينكم.

قالوا: صدقت لست عندنا بمتهم.

فقال لهم: إن قريشا وغطفان ليسوا كأنتم، البلد بلدكم، فيه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم، لا تقدرون على أن تتحولوا منه إلى غيره، وإن قريشا وغطفان قد جاؤوا لحرب محمد وأصحابه، وقد ظاهرتموهم عليه، وبلدهم ونساؤهم وأموالهم بغيره، فليسوا كأنتم فإن رأوا نهزة أصابوها.

وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل ببلدكم، ولا طاقة لكم به إن خلا بكم، فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهنا من أشرافهم، يكونون بأيديكم ثقة لكم على أن تقاتلوا معهم محمدا حتى تناجزوه.

قالوا: لقد أشرت بالرأي، ثم خرج حتى أتى قريشا فقال لأبي سفيان بن حرب، ومن معه من رجال قريش: قد عرفتم ودي لكم وفراقي محمدا، وإنه قد بلغني أمر قد رأيت علي حقا أن أبلغكموه نصحا لكم فاكتموا عني.

قالوا: نفعل.

قال: تعلموا أن معشر يهود قد ندموا على ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد، وقد أرسلوا إليه أنا قد ندمنا على ما فعلنا، فهل يرضيك أن نأخذ لك من القبيلتين من قريش وغطفان رجالا من أشرافهم فنعطيكهم، فتضرب أعناقهم ثم نكون معك على من بقي منهم حتى تستأصلهم؟

فأرسل إليهم: أن نعم، فإن بعثت إليكم يهود يلتمسون منكم رهنا من رجالكم فلا تدفعوا إليهم منكم رجلا واحدا، ثم خرج حتى أتى غطفان فقال: يا معشر غطفان إنكم أصلي وعشيرتي وأحب الناس إلي، ولا أراكم تتهموني.

قالوا: صدقت ما أنت عندنا بمتهم.

قال: فاكتموا عني.

قالوا: نفعل، ثم قال لهم ما قال لقريش، وحذرهم ما حذرهم.

فلما كانت ليلة السبت من شوال سنة خمس، وكان من صنيع الله تعالى لرسوله أن أرسل أبو سفيان بن حرب ورؤوس غطفان، إلى بني قريظة: عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان.

فقال لهم: إنا لسنا بدار مقام، هلك الخف والحافر، فأعدوا للقتال حتى نناجز محمدا ونفرغ مما بيننا وبينه.

فأرسلوا إليهم: إن اليوم يوم السبت، وهو يوم لا نعمل فيه شيئا، وقد كان أحدث فيه بعضنا حدثا، فأصابهم ما لم يخف عليكم، ولسنا مع ذلك بالذين نقاتل معكم محمدا حتى تعطونا رهنا من رجالكم، يكونون بأيدينا ثقة لنا، حتى نناجز محمدا، فإنا نخشى إن ضرستكم الحرب واشتد عليكم القتال أن تنشمروا إلى بلادكم وتتركونا، والرجل في بلادنا ولا طاقة لنا بذلك منه.

فلما رجعت إليهم الرسل بما قالت بنو قريظة، قالت قريش وغطفان: والله إن الذي حدثكم نعيم بن مسعود لحق، فأرسلوا إلى بني قريظة: إنا ولله لا ندفع إليكم رجلا من رجالنا، فإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا.

فقالت بنو قريظة حين انتهت إليهم الرسل بهذا: إن الذي ذكر لكم نعيم بن مسعود لحق، ما يريد القوم إلا أن تقاتلوا، فإن رأوا فرصة انتهزوها، وإن كان غير ذلك انشمروا إلى بلادهم، وخلوا بينكم وبين الرجل في بلدكم.

فأرسلوا إلى قريش وغطفان: إنا والله ما نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا، فأبوا عليهم، وخذل الله بينهم، وبعث الله الريح في ليلة شاتية شديدة البرد، فجعلت تكفأ قدورهم وتطرح آنيتهم.

وهذا الذي ذكره ابن إسحاق من قصة نعيم بن مسعود أحسن مما ذكره موسى بن عقبة.

وقد أورده عنه البيهقي في (الدلائل) فإنه ذكر ما حاصله: أن نعيم بن مسعود كان يذيع ما يسمعه من الحديث، فاتفق أنه مر برسول الله ذات يوم عشاء، فأشار إليه أن تعال، فجاء فقال: «ما وراءك؟».

فقال: إنه قد بعثت قريش وغطفان إلى بني قريظة يطلبون منهم أن يخرجوا إليهم فيناجزوك، فقالت قريظة: نعم، فأرسلوا إلينا بالرهن، وقد ذكر فيما تقدم: أنهم إنما نقضوا العهد على يدي حيي بن أخطب، بشرط أن يأتيهم برهائن تكون عندهم توثقة.

قال: فقال له رسول الله : «إني مسر إليك شيئا فلا تذكره» قال: «إنهم قد أرسلوا إلي يدعونني إلى الصلح، وأرد بني النضير إلى دورهم وأموالهم».

فخرج نعيم بن مسعود عامدا إلى غطفان، وقال رسول الله : «الحرب خدعة، وعسى أن يصنع الله لنا».

فأتى نعيم غطفان وقريشا فأعلمهم، فبادر القوم وأرسلوا إلى بني قريظة عكرمة وجماعة معه، واتفق ذلك ليلة السبت، يطلبون منهم أن يخرجوا للقتال معهم، فاعتلت اليهود بالسبت، ثم أيضا طلبوا الرهن توثقة، فأوقع الله بينهم واختلفوا.

قلت: وقد يحتمل أن تكون قريظة لما يئسوا من انتظام أمرهم مع قريش وغطفان، بعثوا إلى رسول الله يريدون منه الصلح على أن يرد بني النضير إلى المدينة، والله أعلم.

قال ابن إسحاق: فلما انتهى إلى رسول الله ما اختلف من أمرهم، وما فرق الله من جمعهم، دعا حذيفة بن اليمان فبعثه إليهم لينظر ما فعل القوم ليلا.

قال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي قال: قال رجل من أهل الكوفة لحذيفة بن اليمان: يا أبا عبد الله أرأيتم رسول الله وصحبتموه؟

قال: نعم يا ابن أخي.

قال: فكيف كنتم تصنعون؟

قال: والله لقد كنا نجتهد.

قال: والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض، ولحملناه على أعناقنا.

قال: فقال حذيفة: يا ابن أخي والله لقد رأيتنا مع رسول الله بالخندق، وصلى رسول الله هويا من الليل، ثم التفت إلينا فقال: من رجل يقول فينظر لنا ما فعل القوم، ثم يرجع - فشرط له رسول الله الرجعة - أسأل الله أن يكون رفيقي في الجنة؟

فما قام رجل من شدة الخوف وشدة الجوع والبرد، فلما لم يقم أحد دعاني، فلم يكن لي بد من القيام حين دعاني، فقال: «يا حذيفة اذهب فادخل في القوم فانظر ماذا يفعلون، ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا».

قال: فذهبت فدخلت في القوم، والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل، لا تقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء، فقام أبو سفيان فقال: يا معشر قريش لينظر امرؤ من جليسه؟

قال حذيفة: فأخذت بيد الرجل الذي كان إلى جنبي فقلت: من أنت؟

قال: فلان ابن فلان، ثم قال أبو سفيان: يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من شدة الريح ما ترون، ما تطمئن لنا قدر، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا فإني مرتحل.

ثم قام إلى جمله وهو معقول، فجلس عليه ثم ضربه فوثب به على ثلاث، فما أطلق عقاله إلا وهو قائم، ولولا عهد رسول الله إلي لا تحدث شيئا حتى تأتيني لقتلته بسهم.

قال حذيفة: فرجعت إلى رسول الله وهو قائم يصلي في مرط لبعض نسائه مرحل، فلما رآني أدخلني إلى رجليه، وطرح علي طرف المرط، ثم ركع وسجد وإني لفيه، فلما سلم أخبرته الخبر، وسمعت غطفان بما فعلت قريش فانشمروا راجعين إلى بلادهم، وهذا منقطع من هذا الوجه.

وقد روى هذا الحديث مسلم بن الحجاج في صحيحه: من حديث الأعمش، عن إبراهيم بن يزيد التيمي، عن أبيه قال: كنا عند حذيفة فقال له رجل: لو أدركت رسول الله قاتلت معه وأبليت، فقال له حذيفة: أنت كنت تفعل ذلك؟

لقد رأيتنا مع رسول الله ليلة الأحزاب، في ليلة ذات ريح شديدة وقر، فقال رسول الله : «ألا رجل يأتيني بخبر القوم، يكون معي يوم القيامة؟» فسكتنا فلم يجبه منا أحد، ثم الثانية، ثم الثالثة مثله.

ثم قال: «يا حذيفة قم فأتنا بخبر القوم» فلم أجد بدا إذ دعاني باسمي أن أقوم، فقال: «اذهب ائتني بخبر القوم، ولا تذعرهم عليَّ».

قال: فمضيت، كأنما أمشي في حمام، حتى أتيتهم، فإذا أبو سفيان يصلي ظهره بالنار، فوضعت سهما في كبد قوسي وأردت أن أرميه، ثم ذكرت قول رسول الله : «لا تذعرهم علي» ولو رميته لأصبته.

فرجعت كأنما أمشي في حمام، فأتيت رسول الله ، فأصابني برد حين رجعت وقررت، فأخبرت رسول الله ، وألبسني من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها، فلم أبرح نائما حتى الصبح، فلما أن أصبحت قال رسول الله : «قم يا نومان».

وقد روى الحاكم والحافظ البيهقي في (الدلائل) هذا الحديث مبسوطا من حديث عكرمة بن عمار، عن محمد بن عبد الله الدؤلي، عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة، قال: ذكر حذيفة مشاهدهم مع رسول الله فقال جلساؤه: أما والله لو كنا شهدنا ذلك لكنا فعلنا وفعلنا.

فقال حذيفة: لا تمنوا ذلك، لقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافون قعود، وأبو سفيان ومن معه فوقنا، وقريظة اليهود أسفل منا، نخافهم على ذرارينا، وما أتت علينا ليلة قط أشد ظلمة، ولا أشد ريحا منها في أصوات ريحها، أمثال الصواعق وهي ظلمة، ما يرى أحدنا أصبعه.

فجعل المنافقون يستأذنون النبي ويقولون: إن بيوتنا عورة وما هي بعورة، فما يستأذنه أحد منهم إلا أذن له، ويأذن لهم ويتسللون، ونحن ثلاثمائة ونحو ذلك إذا استقبلنا رسول الله رجلا رجلا.

حتى أتى عليَّ وما علي جنة من العدو ولا من البرد إلا مرط لامرأتي، ما يجاوز ركبتي، قال: فأتاني وأنا جاث على ركبتي، فقال: «من هذا؟» فقلت: حذيفة، فقال: «حذيفة!» فتقاصرت للأرض، فقلت: بلى يا رسول الله كراهية أن أقوم، فقمت فقال: «إنه كائن في القوم خبر، فأتني بخبر القوم» قال: وأنا من أشد الناس فزعا، وأشدهم قرا.

قال: فخرجت، فقال رسول الله : «اللهم احفظه من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، ومن فوقه، ومن تحته».

قال: فوالله ما خلق الله فزعا، ولا قرا في جوفي، إلا خرج من جوفي فما أجد فيه شيئا.

قال: فلما وليت، قال: «يا حذيفة لا تحدثن في القوم شيئا حتى تأتيني».

قال: فخرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم، نظرت في ضوء نار لهم توقد، وإذا رجل أدهم ضخم، يقول بيديه على النار، ويمسح خاصرته، ويقول: الرحيل الرحيل، ولم أكن أعرف أبا سفيان قبل ذلك.

فانتزعت سهما من كنانتي أبيض الريش، فأضعه في كبد قوسي لأرميه به في ضوء النار، فذكرت قول رسول الله : «لا تحدثن فيهم شيئا حتى تأتيني» فأمسكت، ورددت سهمي إلى كنانتي.

ثم إني شجعت نفسي حتى دخلت العسكر، فإذا أدنى الناس مني بنو عامر يقولون: يا آل عامر الرحيل الرحيل، لا مقام لكم، وإذا الريح في عسكرهم ما تجاوز عسكرهم شبرا، فوالله إني لأسمع صوت الحجارة في رحالهم وفرشهم، الريح تضرب بها.

ثم إني خرجت نحو رسول الله ، فلما انتصفت بي الطريق أو نحو من ذلك، إذا أنا بنحو من عشرين فارسا أو نحو ذلك معتمين، فقالوا: أخبر صاحبك أن الله قد كفاه.

قال: فرجعت إلى رسول الله وهو مشتمل في شملة يصلي، فوالله ما عدا أن رجعت راجعني القر، وجعلت أقرقف، فأومأ إلي رسول الله بيده وهو يصلي، فدنوت منه فأسبل علي شملته، وكان رسول الله إذا حزبه أمر صلى، فأخبرته خبر القوم، أخبرته أني تركتهم يرحلون.

قال: وأنزل الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحا وَجُنُودا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرا } [الأحزاب: 9] يعني الآيات كلها، إلى قوله: { وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّا عَزِيزا } [الأحزاب: 25] .

أي: صرف الله عنهم عدوهم، بالريح التي أرسلها عليهم والجنود من الملائكة وغيرهم، التي بعثها الله إليهم، وكفى الله المؤمنين القتال أي: لم يحتاجوا إلى منازلتهم ومبارزتهم، بل صرفهم القوي العزيز بحوله وقوته.

لهذا ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال: كان رسول الله يقول: «لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، فلا شيء بعده».

وفي قوله: { وكفى الله المؤمنين القتال } إشارة إلى وضع الحرب بينهم وبينهم، وهكذا وقع ولم ترجع قريش بعدها إلى حرب المسلمين، كما قال محمد بن إسحاق رحمه الله.

فلما انصرف أهل الخندق عن الخندق قال رسول الله فيما بلغنا: «لن تغزوكم قريش بعد عامكم، ولكنكم تغزونهم» قال: فلم تغز قريش بعد ذلك، وكان يغزوهم بعد ذلك، حتى فتح الله عليه مكة، وهذا بلاغ من ابن إسحاق.

وقد قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى، عن سفيان، حدثني أبو إسحاق، سمعت سليمان بن صرد رضي الله عنه يقول: قال رسول الله : «الآن نغزوهم ولا يغزوننا».

وهكذا رواه البخاري من حديث إسرائيل، وسفيان الثوري، كلاهما عن أبي إسحاق السبيعي، عن سليمان بن صرد به.

قال ابن إسحاق: واستشهد من المسلمين يوم الخندق ثلاثة من بني عبد الأشهل، وهم: سعد بن معاذ - وستأتي وفاته مبسوطة - وأنس بن أوس بن عتيك بن عمرو، وعبد الله بن سهل، والطفيل بن النعمان، وثعلبة بن غنمة الجشميان السلميان، وكعب بن زيد النجاري، أصابه سهم غرب فقتله.

قال: وقُتل من المشركين ثلاثة وهم: منبه بن عثمان بن عبيد بن السباق بن عبد الدار، أصابه سهم فمات منه بمكة، ونوفل بن عبد الله بن المغيرة، اقتحم الخندق بفرسه فتورط فيه فقتل هناك، وطلبوا جسده بثمن كبير كما تقدم، وعمرو بن عبد ود العامري، قتله علي بن أبي طالب.

قال ابن هشام: وحدثني الثقة أنه حدث عن الزهري أنه قال: قتل علي يومئذ عمرو بن عبد ود، وابنه حسل بن عمرو.

قال ابن هشام: ويقال عمرو بن عبد ود، ويقال عمرو بن عبد.

البداية والنهاية - الجزء الرابع
سنة ثلاث من الهجرة غزوة نجد | غزوة الفرع من بحران | خبر يهود بني قينقاع في المدينة | سرية زيد بن حارثة إلى ذي القردة | مقتل كعب بن الأشرف | غزوة أحد في شوال سنة ثلاث | مقتل حمزة رضي الله عنه | فصل نصر الله للمسلمين يوم بدر | فصل فيما لقي النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ من المشركين قبحهم الله | فصل رد رسول الله عين قتادة بن النعمان عندما سقطت يوم أحد | فصل مشاركة أم عمارة في القتال يوم أحد | فصل في أول من عرف رسول الله بعد الهزيمة كعب بن مالك | دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد | فصل سؤال النبي عليه السلام عن سعد بن الربيع أهو حي أم ميت | الصلاة على حمزة وقتلى أحد | فصل في عدد الشهداء | فصل نعي رسول الله لحمنة بنت جحش أخيها وخالها وزوجها يوم أحد | خروج النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه على ما بهم من القرح والجراح في أثر أبي سفيان | فصل فيما تقاول به المؤمنون والكفار في وقعة أحد من الأشعار | آخر الكلام على وقعة أحد | سنة أربع من الهجرة النبوية | غزوة الرجيع | سرية عمرو بن أمية الضمري | سرية بئر معونة | غزوة بني النضير وفيها سورة الحشر | قصة عمرو بن سعدي القرظي | غزوة بني لحيان | غزوة ذات الرقاع | قصة غورث بن الحارث | قصة الذي أصيبت امرأته يومذاك | قصة جمل جابر | غزوة بدر الآخرة | فصل في جملة من الحوادث الواقعة سنة أربع من الهجرة | سنة خمس من الهجرة النبوية غزوة دومة الجندل | غزوة الخندق أو الأحزاب | فصل نزول قريش بمجتمع الأسيال يوم الخندق | فصل في دعائه عليه السلام على الأحزاب | فصل في غزوة بني قريظة | وفاة سعد بن معاذ رضي الله عنه | فصل الأشعار في الخندق وبني قريظة | مقتل أبي رافع اليهودي | مقتل خالد بن سفيان الهذلي | قصة عمرو بن العاص مع النجاشي | فصل في تزويج النبي صلى الله عليه وسلم بأم حبيبة | تزويجه بزينب بنت جحش | نزول الحجاب صبيحة عرس زينب | سنة ست من الهجرة | غزوة ذي قرد | غزوة بني المصطلق من خزاعة | قصة الإفك | غزوة الحديبية | سياق البخاري لعمرة الحديبية | فصل في السرايا التي كانت في سنة ست من الهجرة | فصل فيما وقع من الحوادث في هذه السنة | سنة سبع من الهجرة غزوة خيبر في أولها | فصل فتح رسول الله عليه السلام للحصون | ذكر قصة صفية بنت حيي النضرية | فصل محاصرة النبي عليه السلام أهل خيبر في حُصنيهم | فصل فتح حصونها وقسيمة أرضها | فصل تخصيص شيء من الغنيمة للعبيد والنساء ممن شهدوا خيبر | ذكر قدوم جعفر بن أبي طالب ومسلمو الحبشة المهاجرون | قصة الشاة المسمومة والبرهان الذي ظهر | فصل انصراف رسول الله إلى وادي القرى ومحاصرة أهله | فصل من استشهد بخيبر من الصحابة | خبر الحجاج بن علاط البهزي | فصل مروره صلى الله عليه وسلم بوادي القرى ومحاصرة اليهود ومصالحتهم | فصل تقسيم الثمار و الزروع في خيبر بين المسلمين و اليهود بالعدل | سرية أبي بكر الصديق إلى بني فزارة | سرية عمر بن الخطاب إلى تُرَبَة وراء مكة بأربعة أميال | سرية عبد الله بن رواحة إلى يسير بن رزام اليهودي | سرية أخرى مع بشير بن سعد | سرية بني حدرد إلى الغابة | السرية التي قتل فيها محلم بن جثامة عامر بن الأضبط | سرية عبد الله بن حذافة السهمي | عمرة القضاء | قصة تزويجه عليه السلام بميمونة | ذكر خروجه صلى الله عليه وسلم من مكة بعد قضاء عمرته | فصل إرسال سرية ابن أبي العوجاء إلى بني سليم | فصل رد رسول الله عليه السلام ابنته زينب على زوجها أبي العاص | سنة ثمان من الهجرة النبوية | طريق إسلام خالد بن الوليد | سرية شجاع بن وهب الأسدي إلى هوازن | سرية كعب بن عمير إلى بني قضاعة | غزوة مؤتة | فصل إصابة جعفر وأصحابه | فصل عطف رسول الله عليه السلام على ابن جعفر عند إصابة أبيه | فصل في فضل زيد وجعفر وعبد الله رضي الله عنهم | فصل في من استشهد يوم مؤتة | ما قيل من الأشعار في غزوة مؤتة | كتاب بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الآفاق وكتبه إليهم | إرساله صلى الله عليه وسلم إلى ملك العرب من النصارى بالشام | بعثه إلى كسرى ملك الفرس | بعثه صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس صاحب مدينة الإسكندرية واسمه جريج بن مينا القبطي | غزوة ذات السلاسل | سرية أبي عبيدة إلى سيف البحر | غزوة الفتح الأعظم وكانت في رمضان سنة ثمان | قصة حاطب بن أبي بلتعة | فصل استخلاف كلثوم بن حصين الغفاري على المدينة | فصل إسلام العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم | فصل نزول النبي عليه السلام إلى مر الظهران | صفة دخوله صلى الله عليه وسلم مكة | فصل عدد الذين شهدوا فتح مكة | بعثه عليه السلام خالد بن الوليد بعد الفتح إلى بني جذيمة من كنانة | بعث خالد بن الوليد لهدم العزى | فصل في مدة إقامته عليه السلام بمكة | فصل فيما حكم عليه السلام بمكة من الأحكام | فصل مبايعة رسول الله الناس يوم الفتح على الإسلام والشهادة | غزوة هوازن يوم حنين | الوقعة وما كان أول الأمر من الفرار ثم العاقبة للمتقين | فصل هزيمة هوازن | فصل في الغنائم | فصل أمره صلى الله عليه وسلم أن لا يقتل وليدا | غزوة أوطاس | من استشهد يوم حنين وأوطاس | ما قيل من الأشعار في غزوة هوازن | غزوة الطائف | مرجعه عليه السلام من الطائف | قدوم مالك بن عوف النصري على الرسول | اعتراض بعض أهل الشقاق على الرسول | مجيء أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة عليه بالجعرانة | عمرة الجعرانة في ذي القعدة | إسلام كعب بن زهير بن أبي سلمى وذكر قصيدته بانت سعاد | الحوادث المشهورة في سنة ثمان والوفيات