البداية والنهاية/الجزء الرابع/بعث خالد بن الوليد لهدم العزى
قال ابن جرير: وكان هدمها لخمس بقين من رمضان عامئذ.
قال ابن إسحاق: ثم بعث رسول الله ﷺ خالد بن الوليد إلى العزى، وكانت بيتا بنخلة يعظمه قريش وكنانة ومضر، وكان سدنتها وحجابها من بني شيبان من بني سليم حلفاء بني هاشم، فلما سمع حاجبها السلمي بمسير خالد بن الوليد إليها علق سيفه عليها، ثم اشتد في الجبل الذي هي فيه وهو يقول:
أيا عز شدي شدة لا شوى لها * على خالد ألقي القناع وشمري
أيا عز إن لم تقتلي المرء خالدا * فبوئي بإثم عاجل أو تنصَّري
قال: فلما انتهى خالد إليها هدمها، ثم رجع إلى رسول الله ﷺ.
وقد روى الواقدي وغيره: أنه لما قدمها خالد لخمس بقين من رمضان فهدمها ورجع، فأخبر رسول الله ﷺ فقال: «ما رأيت؟».
قال: لم أر شيئا، فأمره بالرجوع فلما رجع خرجت إليه من ذلك البيت امرأة سوداء ناشرة شعرها تولول، فعلاها بالسيف وجعل يقول:
يا عُزَّى كفرانك لا سبحانك * إني رأيت الله قد أهانك
ثم خرب ذلك البيت الذي كانت فيه، وأخذ ما كان فيه من الأموال رضي الله عنه وأرضاه، ثم رجع فأخبر رسول الله ﷺ فقال: «تلك العزى ولا تعبد أبدا».
وقال البيهقي: أنبا محمد بن أبي بكر الفقيه، أنبا محمد بن أبي جعفر، أنبا أحمد بن علي، ثنا أبو كريب، عن ابن فضيل، عن الوليد بن جميع، عن أبي الطفيل قال: لما فتح رسول الله ﷺ مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة وكانت بها العزى، فأتاها وكانت على ثلاث سمرات، فقطع السمرات، وهدم البيت الذي كان عليها.
ثم أتى رسول الله ﷺ فأخبره، فقال: «ارجع فإنك لم تصنع شيئا» فرجع خالد فلما نظرت إليه السدنة وهم حجابها، أمعنوا هربا في الجبل وهم يقولون: يا عزى خبليه يا عزى عوريه وإلا فموتي برغم.
قال: فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحثو التراب على رأسها ووجهها، فعممها بالسيف حتى قتلها، ثم رجع إلى النبي ﷺ فأخبره فقال: «تلك العزى».