البداية والنهاية/الجزء الرابع/بعثه صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس صاحب مدينة الإسكندرية واسمه جريج بن مينا القبطي
قال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق: حدثني الزهري، عن عبد الله بن عبد القاري: أن رسول الله ﷺ بعث حاطب بن أبي بلتعه إلى المقوقس - صاحب الإسكندرية - فمضى بكتاب رسول الله ﷺ إليه، فقبل الكتاب وأكرم حاطبا، وأحسن نزله، وسرحه إلى النبي ﷺ.
وأهدى له مع حاطب كسوة وبغلة بسرجها، وجاريتين إحداهما أم إبراهيم، وأما الأخرى فوهبها رسول الله ﷺ لمحمد بن قيس العبدي.
رواه البيهقي.
ثم روي من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، حدثنا يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن أبيه، عن جده حاطب بن أبي بلتعة قال: بعثني رسول الله ﷺ إلى المقوقس ملك الإسكندرية، قال: فجئته بكتاب رسول الله ﷺ، فأنزلني في منزله، وأقمت عنده.
ثم بعث إلي وقد جمع بطارقته، وقال: إني سائلك عن كلام فأحب أن تفهم عني.
قال: قلت: هلم.
قال: أخبرني عن صاحبك أليس هو نبي؟
قلت: بلا هو رسول الله.
قال: فما له حيث كان هكذا لم يدع على قومه حيث أخرجوه من بلده إلى غيرها؟
قال: فقلت: عيسى ابن مريم أليس تشهد أنه رسول الله؟
قال: بلى.
قلت: فما له حيث أخذه قومه فأرادوا أن يصلبوه، إلا يكون دعا عليهم بأن يهلكهم الله حيث رفعه الله إلى السماء الدنيا؟
فقال لي: أنت حكيم قد جاء من عند حكيم، هذه هدايا أبعث بها معك إلى محمد، وأرسل معك ببذرقة يبذرقونك إلى مأمنك.
قال: فأهدى إلى رسول الله ﷺ ثلاث جوار منهم: أم إبراهيم ابن رسول الله ﷺ، وواحدة وهبها رسول الله ﷺ لأبي جهم ابن حذيفة العدوي، وواحدة وهبها رسول الله ﷺ لحسان بن ثابت الأنصاري، وأرسل إليه بطرف من طرفهم.
وذكر ابن إسحاق: أنه أهدى إلى رسول الله ﷺ أربع جوار؛ إحداهن مارية أم إبراهيم، والأخرى سيرين التي وهبها لحسان بن ثابت، فولدت له عبد الرحمن بن حسان.
قلت: وكان في جملة الهدية غلام أسود خصي اسمه مأبور، وخفين ساذجين أسودين، وبغلة بيضاء اسمها الدلدل، وكان مأبور هذا خصيا ولم يعلموا بأمره بادي الأمر، فصار يدخل على مارية كما كان من عاداتهم ببلاد مصر.
فجعل بعض الناس يتكلم فيهما بسبب ذلك، ولا يعلمون بحقيقة الحال وأنه خصي، حتى قال بعضهم: إنه الذي أمر رسول الله ﷺ علي بن أبي طالب بقتله فوجده خصيا فتركه.
والحديث في صحيح مسلم من طريق...
قال ابن إسحاق: وبعث سليط بن عمرو بن عبدود أخا بني عامر بن لؤي إلى هوذة بن علي صاحب اليمامة، وبعث العلاء بن الحضرمي إلى جيفر بن الجلندي وعمار بن الجنلدي الإزديين صاحبي عمان.