البداية والنهاية/الجزء الرابع/فصل تخصيص شيء من الغنيمة للعبيد والنساء ممن شهدوا خيبر
وأما من شهد خيبر من العبيد، والنساء، فرضخ لهم رسول الله ﷺ شيئا من الغنيمة، ولم يسهم لهم.
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل، ثنا بشر بن المفضل، عن محمد بن زيد، حدثني عمير مولى أبي اللحم، قال: شهدت خيبر مع سادتي، فكلموا فيَّ رسول الله ﷺ، فأمر بي، فقلدت سيفا، فإذا أنا أجره، فأخبر أني مملوك، فأمر لي بشيء من طريق المتاع.
ورواه الترمذي، والنسائي، جميعا عن قتيبة، عن بشر بن المفضل به.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
ورواه ابن ماجه، عن علي بن محمد، عن وكيع، عن هشام بن سعد، عن محمد بن زيد بن المهاجر، عن منقذ، عن عمير به.
وقال محمد بن إسحاق: وشهد خيبر مع رسول الله ﷺ نساء، فرضخ لهن من الفيء، ولم يضرب لهن بسهم، حدثني سليمان بن سحيم، عن أمية بنت أبي الصلت، عن امرأة من بني غفار قد سماها لي، قالت:
أتيت رسول الله ﷺ في نسوة من بني غفار، فقلنا: يا رسول الله قد أردنا أن نخرج معك إلى وجهك هذا - وهو يسير إلى خيبر - فنداوي الجرحى، ونعين المسلمين بما استطعنا؛ فقال: «على بركة الله».
قالت: فخرجنا معه، قالت: وكنت جارية حدثة السن، فأردفني رسول الله ﷺ على حقيبة رحله، قالت: فوالله لنزل رسول الله ﷺ إلى الصبح، ونزلت عن حقيبة رحله، قالت: وإذا بها دم مني، وكانت أول حيضة حضتها، قالت فتقبضت إلى الناقة واستحيت.
فلما رأى رسول الله ﷺ ما بي، ورأى الدم قال: «ما لك؟ لعلك نفست».
قالت: قلت: نعم.
قال: «فأصلحي من نفسك، ثم خذي إناء من ماء، فاطرحي فيه ملحا، ثم اغسلي ما أصاب الحقيبة من الدم، ثم عودي لمركبك».
قالت: فلما فتح الله خيبر، رضخ لنا من الفيء، وأخذ هذه القلادة التي ترين في عنقي فأعطانيها، وعلقها بيده في عنقي، فوالله لا تفارقني أبدا.
وكانت في عنقها حتى ماتت، ثم أوصت أن تدفن معها.
قالت: وكانت لا تطهر من حيضها، إلا جعلت في طهورها ملحا، وأوصت به أن يجعل في غسلها حين ماتت.
وهكذا رواه الإمام، وأبو داود، من حديث محمد بن إسحاق به.
قال شيخنا أبو الحجاج المزي في (أطرافه): ورواه الواقدي، عن أبي بكر بن أبي سبرة، عن سليمان بن سحيم، عن أم علي بنت أبي الحكم، عن أمية بنت قيس بن أبي الصلت، عن النبي ﷺ به.
وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن موسى، ثنا رافع بن سلمة الأشجعي، حدثني حشرج بن زياد، عن جدته أم أبيه، قالت: خرجنا مع رسول الله ﷺ في غزاة خيبر، وأنا سادسة ست نسوة، قالت: فبلغ النبي ﷺ أن معه نساء.
قالت: فأرسل إلينا فدعانا، قالت: فرأينا في وجهه الغضب، فقال: «ما أخرجكن وبأمر من خرجتن؟».
قلنا: خرجنا نناول السهام، ونسقي السويق، ومعنا دواء للجرحى، ونغزل الشعر، فنعين به في سبيل الله.
قال: «فمرن فانصرفن» قالت: فلما فتح الله عليه خيبر أخرج لنا سهاما كسهام الرجال، فقلت لها: يا جدة وما الذي أخرج لكن؟ قالت: تمرا.
قلت: إنما أعطاهن من الحاصل، فأما أنه أسهم لهن في الأرض كسهام الرجال فلا! والله أعلم.
وقال الحافظ البيهقي: وفي كتابي عن أبي عبد الله الحافظ، أن عبد الله الأصبهاني أخبره: حدثنا الحسين بن الجهم، ثنا الحسين بن الفرج، ثنا الواقدي، حدثني عبد السلام بن موسى بن جبير، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن أنيس، قال:
خرجت مع رسول الله ﷺ إلى خيبر، ومعي زوجتي وهي حبلى، فنفست في الطريق، فأخبرت رسول الله ﷺ فقال لي: «انقع لها تمرا، فإذا انغمر فأمر به لتشربه» ففعلت، فما رأت شيئا تكرهه.
فلما فتحنا خيبر أجدى النساء ولم يسهم لهن، فأجدى زوجتي وولدي الذي ولد، قال عبد السلام: لست أدري غلام أو جارية.