البداية والنهاية/الجزء الرابع/سنة ست من الهجرة
قال البيهقي: كان يقال في المحرم، منها سرية محمد بن مسلمة قبل نجد، وأسروا فيها ثمامة بن أنال اليمامي، قلت: لكن في سياق ابن إسحاق عن سعيد المقبري عن أبي هريرة: أنه شهد ذلك، وهو إنما هاجر بعد خيبر، فيؤخر إلى ما بعدها، والله أعلم.
وهي السنة التي كان في أوائلها غزوة بني لحيان على الصحيح.
قال ابن إسحاق: وكان فتح بني قريظة في ذي القعدة، وصدر من ذي الحجة، وولى تلك الحجة المشركون، يعني في سنة خمس كما تقدم.
قال: ثم أقام رسول الله ﷺ بالمدينة ذا الحجة، والمحرم، وصفرا، وشهري ربيع، وخرج في جمادى الأولى على رأس ستة أشهر من فتح بني قريظة إلى بني لحيان، يطلب بأصحاب الرجيع حبيب وأصحابه، وأظهر أنه يريد الشام، ليصيب من القوم غرة.
قال ابن هشام: واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم، والمقصود أنه عليه السلام لما انتهى إلى منازلهم، هربوا من بين يديه، فتحصنوا في رؤوس الجبال، فمال إلى عسفان، فلقي بها جمعا من المشركين، وصلى بها صلاة الخوف.
وقد تقدم ذكر هذه الغزوة في سنة أربع، وهنالك ذكرها البيهقي، والأشبه ما ذكره ابن إسحاق أنها كانت بعد الخندق، وقد ثبت أنه صلى بعسفان يوم بني لحيان، فلتكتب هاهنا، وتحول من هناك اتباعا لإمام أصحاب المغازي في زمانه وبعده، كما قال الشافعي رحمه الله: من أراد المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق.
وقد قال كعب بن مالك في غزوة بني لحيان:
لو أن بني لحيان كانوا تناظروا * لقوا عصبا في دارهم ذات مصدق
لقوا سرعانا يملأ السرب روعه * أمام طحون كالمجرَّة فيلق
ولكنهم كانوا وبارا تتبعت * شعاب حجازٍ غير ذي متنفق