البداية والنهاية/الجزء الرابع/سنة أربع من الهجرة النبوية
في المحرم منها كانت سرية أبي سلمة بن عبد الأسد أبي طليحة الأسدي، فانتهى إلى ما يقال له قَطَن.
قال الواقدي: حدثنا عمر بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد اليربوعي، عن سلمة بن عبد الله بن عمر بن أبي سلمة وغيره قالوا: شهد أبو سلمة أحدا، فجرح جرحا على عضده، فرجع إلى منزله فأقام شهرا يداوى، فلما كان المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهرا من الهجرة دعاه رسول الله ﷺ فقال:
اخرج في هذه السرية فقد استعملتك عليها، وعقد له لواء وقال: سر حتى تأتي أرض بني أسد فأغر عليهم، وأوصاه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرا، وخرج معه في تلك السرية خمسون ومائة فانتهى إلى أدنى قطن وهو ماء لبني أسد، وكان هناك طليحة الأسدي وأخوه سلمة ابنا خويلد، وقد جمعا حلفاء من بني أسد ليقصدوا حرب النبي ﷺ، فجاء رجل منهم إلى النبي ﷺ فأخبره بما تمالأوا عليه فبعث معه أبا سلمة في سريته هذه.
فلما انتهوا إلى أرضهم تفرقوا وتركوا نعما كثيرا لهم من الإبل والغنم، فأخذ ذلك كله أبو سلمة، وأسر منهم معه ثلاثة مماليك، وأقبل راجعا إلى المدينة، فأعطى ذلك الرجل الأسدي الذي دلهم نصيبا وافرا من الغنم، وأخرج صفي النبي ﷺ عبدا وخمس الغنيمة وقسمها بين أصحابه ثم قدم المدينة.
قال عمر بن عثمان: فحدثني عبد الملك بن عبيد، عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع، عن عمر بن أبي سلمة قال: كان الذي جرح أبي أبو أسامة الجشمي، فمكث شهرا يداويه فبرأ، فلما برأ بعثه رسول الله ﷺ في المحرم، يعني من سنة أربع إلى قطن، فغاب بضع عشرة ليلة، فلما دخل المدينة انتقض به جرحه فمات لثلاث بقين من جمادى الأولى.
قال عمر: واعتدت أمي حتى خلت أربعة أشهر وعشر، ثم تزوجها رسول الله ﷺ ودخل بها في ليال بقين من شوال، فكانت أمي تقول: ما بأس بالنكاح في شوال والدخول فيه، قد تزوجني رسول الله ﷺ في شوال وبني فيه.
قال: وماتت أم سلمة في ذي القعدة سنة تسع وخمسين. رواه البيهقي.
قلت: سنذكر في أواخر هذه السنة في شوالها تزويج النبي ﷺ بأم سلمة، وما يتعلق بذلك من ولاية الابن أمه في النكاح، ومذاهب العلماء في ذلك إن شاء الله تعالى، وبه الثقة.