البداية والنهاية/الجزء السادس/فصل فيمن توفي في هذه السنة
قد قيل: إن وقعة اليمامة وما بعدها كانت في سنة اثنتي عشرة، فليذكر هاهنا من تقدم ذكره في سنة إحدى عشرة من قتل اليمامة وما بعدها، ولكن المشهور ما ذكرناه.
بشير بن سعد بن ثعلبة الخزرجي:
والد النعمان بن بشير شهد العقبة الثانية وبدرا وما بعدها، ويقال: إنه أول من أسلم من الأنصار، وهو أول من بايع الصديق يوم السقيفة من الأنصار، وشهد مع خالد حروبه إلى أن قتل بعين التمر رضي الله عنه.
وروى له النسائي حديث النحل.
والصعب بن جثامة الليثي أخو محكم بن جثامة له عن رسول الله ﷺ أحاديث، قال أبو حاتم: هاجر وكان نزل ودان ومات في خلافة الصديق.
أبو مرثد الغنوي:
واسمه معاذ بن الحصين ويقال: ابن الحصين بن يربوع بن عمرو بن يربوع بن خرشة بن سعد بن طريف بن خيلان بن غنم بن غني بن أعصر بن سعد بن قيس بن غيلان بن مضر بن نزار أبو مرثد الغنوي شهد هو وابنه مرثد بدرا، ولم يشهدها رجل هو وابنه سواهما، واستشهد ابنه مرثد يوم الرجيع كما تقدم، وابن ابنه أنيس بن مرثد ابن أبي مرثد له صحبة أيضا شهد الفتح وحنينا، وكان عين رسول الله ﷺ يوم أوطاس، فهم ثلاثة نسقا وقد كان أبو مرثد حليفا للعباس بن عبد المطلب، وروي له عن النبي ﷺ حديث واحد أنه قال: « لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا إليها ».
قال الواقدي: توفي سنة اثنتي عشرة، زاد غيره بالشام، وزاد غيره عن ست وستين سنة، وكان رجلا طويلا كثير الشعر.
قلت: وفي قبلي دمشق قبر يعرف بقبر كثير، والذي قرأته على قبره: هذا قبر كناز بن الحصين صاحب رسول الله ﷺ ورأيت على ذلك المكان روحا وجلالة.
والعجب أن الحافظ ابن عساكر لم يذكره في تاريخ الشام فالله أعلم.
وممن توفي في هذه السنة أبو العاص بن الربيع ابن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي العبشمي زوج أكبر بنات رسول الله ﷺ زينب، وكان محسنا إليها، ومحبا لها، ولما أمره المسلمون بطلاقها حين بعث رسول الله ﷺ أبى عليهم ذلك، وكان ابن أخت خديجة بنت خويلد، واسم أمه هالة، ويقال: هند بنت خويلد، واختلف في اسمه فقيل: لقيط وهو الأشهر، وقيل: مهشم، وقيل: هشيم، وقد شهد بدرا من ناحية الكفار فأسر، فجاء أخوه عمرو بن الربيع ليفاديه وأحضر معه الفداء قلادة كانت خديجة أخرجتها مع ابنتها زينب حين تزوج أبو العاص بها، فلما رآها رسول الله رق لها رقة شديدة وأطلقه بسببها، واشترط عليه أن يبعث له زينب إلى المدينة، فوفى له بذلك، واستمر أبو العاص على كفره بمكة إلى قبيل الفتح بقليل، فخرج في تجارة لقريش فاعترضه زيد بن حارثة في سرية فقتلوا جماعة من أصحابه وغنموا العير، وفر أبو العاص هاربا إلى المدينة فاستجار بامرأته زينب فأجارته، فأجاز رسول الله جوارها، ورد عليه ما كان معه من أموال قريش فرجع بها أبو العاص إليهم، فرد كل مال إلى صاحبه، ثم تشهد شهادة الحق، وهاجر إلى المدينة، ورد عليه رسول الله ﷺ زينب بالنكاح الأول، وكان بين فراقها له وبين اجتماعها ست سنين، وذلك بعد سنتين من وقت تحريم المسلمات على المشركين في عمرة الحديبية، وقيل: إنما ردها عليه بنكاح جديد، فالله أعلم.
وقد ولد له من زينب علي ابن أبي العاص وخرج مع علي إلى اليمن حين بعثه إليها رسول الله ﷺ.
وكان رسول الله ﷺ يثني عليه خيرا في صهارته.
ويقول: « حدثني فصدقني، وواعدني فوفاني ».
وقد توفي في أيام الصديق سنة اثنتي عشرة.
وفي هذه السنة تزوج علي ابن أبي طالب بابنته أمامة بنت أبي العاص بعد وفاة خالتها فاطمة، وما أدري هل كان ذلك قبل وفاة أبي العاص أو بعده، فالله أعلم
(تم الجزء السادس.)
هامش