البداية والنهاية/الجزء السادس/باب دلائل النبوة الحسية
ومن أعظم ذلك كله انشقاق القمر المنير فرقتين قال الله تعالى: { اقتربت الساعة وانشق القمر * وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر * وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر * ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر * حكمة بالغة فما تغن النذر } [القمر: 1-5] .
وقد اتفق العلماء مع بقية الأئمة على أن انشقاق القمر كان في عهد رسول الله -ﷺ -، وقد وردت الأحاديث بذلك من طرق تفيد القطع عند الأمة.
رواية أنس بن مالك: قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، ثنا معمر عن قتادة، عن أنس قال: سأل أهل مكة النبي ﷺ آية، فانشق القمر بمكة فرقتين فقال: « اقتربت الساعة وانشق القمر ».
ورواه مسلم عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق.
وقال البخاري: حدثني عبد الله بن عبد الوهاب، ثنا بشر بن المفضل، ثنا سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة، عن أنس بن مالك أن أهل مكة سألوا رسول الله ﷺ أن يريهم آية، فأراهم القمر شقين حتى رأوا حراء بينهما.
وأخرجاه في الصحيحين من حديث شيبان عن قتادة.
ومسلم من حديث شعبة عن قتادة.
رواية جبير بن مطعم:
قال أحمد: حدثنا محمد بن كثير، ثنا سليمان بن كثير عن حصين بن عبد الرحمن، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه قال: انشق القمر على عهد رسول الله ﷺ فصار فرقتين، فرقة على هذا الجبل، وفرقة على هذا الجبل.
فقالوا: سحرنا محمد.
فقالوا: إن كان سحرنا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس، تفرد به أحمد.
ورواية ابن جرير، والبيهقي من طرق عن حصين بن عبد الرحمن به.
رواية حذيفة بن اليمان:
قال أبو جعفر بن جرير: حدثني يعقوب، حدثني ابن علية، أنا عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: نزلنا المدائن فكنا منها على فرسخ، فجاءت الجمعة فحضر أبي، وحضرت معه، فخطبنا حذيفة فقال: إن الله تعالى يقول: « اقتربت الساعة وانشق القمر » ألا وإن الساعة قد اقتربت، ألا وإن القمر قد انشق، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق، ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق.
فقلت لأبي: أتستبق الناس غدا؟
فقال: يا بني إنك لجاهل إنما هو السباق بالأعمال.
ثم جاءت الجمعة الأخرى فحضرها، فخطب حذيفة فقال: ألا إن الله يقول: « اقتربت الساعة وانشق القمر » ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق.
ورواه أبو زرعة الرازي في كتاب دلائل النبوة من غير وجه عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، عن حذيفة، فذكر نحوه وقال: ألا وإن القمر قد انشق على عهد رسول الله ﷺ، ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق، ألا وإن الغاية النار، والسابق من سبق إلى الجنة.
رواية عبد الله بن عباس:
قال البخاري: ثنا يحيى بن بكير، ثنا بكر عن جعفر، عن عراك بن مالك، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: انشق القمر في زمان النبي ﷺ.
ورواه البخاري أيضا، ومسلم من حديث بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة به.
طريق أخرى عنه: قال ابن جرير: ثنا ابن مثنى، ثنا عبد الأعلى، ثنا داود ابن أبي هند، عن علي ابن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: « اقتربت الساعة وانشق القمر * وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر »
قال: قد مضى ذلك، كان قبل الهجرة انشق القمر حتى رأوا شقيه.
وروى العوفي عن ابن عباس نحوا من هذا، وقد روى من وجه آخر عن ابن عباس فقال أبو القاسم الطبراني: ثنا أحمد بن عمرو البزار، ثنا محمد بن يحيى القطيعي، ثنا محمد بن بكير، ثنا ابن جريج عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: كسف القمر على عهد رسول الله ﷺ.
فقالوا: سحر القمر فنزلت: « اقتربت الساعة وانشق القمر * وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر ».
وهذا سياق غريب، وقد يكون حصل للقمر مع انشقاقه كسوف، فيدل على أن انشقاقه إنما كان في ليالي إبداره، والله أعلم.
رواية عبد الله بن عمر بن الخطاب:
قال الحافظ أبو بكر البيهقي: أنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالا: ثنا أبو العباس الأصم، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا وهب بن جرير عن شعبة، عن الأعمش، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب في قوله: « اقتربت الساعة وانشق القمر » قال: وقد كان ذلك على عهد رسول الله ﷺ انشق فلقتين، فلقة من دون الجبل، وفلقة من خلف الجبل.
فقال رسول الله ﷺ: « اللهم اشهد ».
وهكذا رواه مسلم، والترمذي من طرق عن شعبة، عن الأعمش، عن مجاهد، قال مسلم: كرواية مجاهد عن أبي معمر، عن ابن مسعود.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
رواية عبد الله بن مسعود:
قال الإمام أحمد: ثنا سفيان عن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله ﷺ شقتين حتى نظروا إليه.
فقال رسول الله ﷺ: « اشهدوا ».
ورواه البخاري ومسلم من حديث سفيان بن عيينة.
وأخرجاه من حديث الأعمش عن إبراهيم، عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة، عن ابن مسعود به.
قال البخاري: وقال أبو الضحى: عن مسروق، عن عبد الله بمكة.
وهذا الذي علقه البخاري قد أسنده أبو داود الطيالسي في مسنده فقال: حدثنا أبو عوانة، عن المغيرة، عن أبي الضحى، عن مسروق بن عبد الله بن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله ﷺ.
فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة.
قال: فقالوا: انظروا ما يأتينا به السفار فإن محمدا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم.
قال: فجاء السفار فقالوا ذلك.
وروى البيهقي عن الحاكم، عن الأصم، عن ابن عباس الدوري، عن سعيد بن سليمان، عن هشيم، عن مغيرة، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله قال: انشق القمر بمكة حتى صار فرقتين.
فقالت كفار قريش أهل مكة: هذا سحر سحركم به ابن أبي كبشة، انظروا المسافرين فإن كانوا رأوا ما رأيتم فقد صدق، وإن كانوا لم يروا ما رأيتم فهو سحر سحركم به.
قال: فسئل السفار - وقدموا من كل وجه -.
فقالوا: رأيناه.
ورواه ابن جرير من حديث المغيرة، وزاد فأنزل الله: « اقتربت الساعة وانشق القمر ».
وقال الإمام أحمد: حدثنا مؤمل عن إسرائيل، عن سماك، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبد الله قال: انشق القمر على عهد رسول الله ﷺ حتى رأيت الجبل بين فرقتي القمر.
وروى ابن جرير عن يعقوب الدوري، عن ابن علية، عن أيوب، عن محمد بن سيرين قال: نبئت أن ابن مسعود كان يقول: لقد انشق القمر.
ففي صحيح البخاري عن ابن مسعود أنه كان يقول: خمس قد مضين: الروم، واللزام، والبطشة، والدخان، والقمر، في حديث طويل عنه مذكور في تفسير سورة الدخان.
وقال أبو زرعة في الدلائل: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، حدثنا الوليد عن الأوزاعي، عن ابن بكير قال: انشق القمر بمكة والنبي ﷺ قبل الهجرة فخر شقتين.
فقال المشركون: سحره ابن أبي كبشة.
وهذا مرسل من هذا الوجه، فهذه طرق عن هؤلاء الجماعة من الصحابة، وشهرة هذا الأمر تغني عن إسناده مع وروده في الكتاب العزيز، وما يذكره بعض القصاص من أن القمر دخل في جيب النبي ﷺ وخرج من كمه، ونحو هذا الكلام فليس له أصل يعتمد عليه، والقمر في حال انشقاقه لم يزايل السماء، بل انفرق باثنتين وسارت إحداهما حتى صارت وراء جبل حراء، والأخرى من الناحية الأخرى وصار الجبل بينهما، وكلتا الفرقتين في السماء، وأهل مكة ينظرون إلى ذلك، وظن كثير من جهلتهم أن هذا شيء سحرت به أبصارهم، فسألوا من قدم عليهم من المسافرين، فأخبروهم بنظير ما شاهدوه، فعلموا صحة ذلك وتيقنوه.
فإن قيل: فلم لم يعرف هذا في جميع أقطار الأرض؟
فالجواب: ومن ينفي ذلك، ولكن تطاول العهد والكفرة يجحدون بآيات الله، ولعلهم لما أخبروا أن هذا كان آية لهذا النبي المبعوث تداعت آراؤهم الفاسدة على كتمانه وتناسيه على أنه قد ذكر غير واحد من المسافرين أنهم شاهدوا هيكلا بالهند مكتوبا عليه: أنه بني في الليلة التي انشق القمر فيها، ثم لما كان انشقاق القمر ليلا قد يخفى أمره على كثير من الناس لأمور مانعة من مشاهدته في تلك الساعة من غيوم متراكمة كانت تلك الليلة في بلدانهم، ولنوم كثير منهم، أو لعله كان في أثناء الليل حيث ينام كثير من الناس، وغير ذلك من الأمور، والله أعلم.
وقد حررنا هذا فيما تقدم في كتابنا التفسير.
فأما حديث رد الشمس بعد مغيبها، فقد أنبأني شيخنا المسند الرحلة بهاء الدين القاسم بن المظفر بن تاج الأمناء بن عساكر إذنا و قال: أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عساكر المشهور بالنسابة قال: أخبرنا أبو المظفر ابن القشيري، وأبو القاسم المستملي قالا: ثنا أبو عثمان المحبر، أنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسن الدبابعاني بها، أنا محمد بن أحمد بن محبوب.
وفي حديث ابن القشيري: ثنا أبو العباس المحبوبي، ثنا سعيد بن مسعود.
ح قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: وأنا أبو الفتح الماهاني، أنا شجاع بن علي، أنا أبو عبد الله ابن منده، أنا عثمان بن أحمد الننسي، أنا أبو أمية محمد بن إبراهيم قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، ثنا فضيل بن مرزوق عن إبراهيم بن الحسن، زاد أبو أمية بن الحسن، عن فاطمة بنت الحسين، عن أسماء بنت عميس قالت: كان رسول الله ﷺ يوحى إليه ورأسه في حجر علي، فلم يصل العصر حتى غربت الشمس.
فقال رسول الله ﷺ: صليت العصر؟
وقال أبو أمية: صليت يا علي؟
قال: لا.
قال رسول الله ﷺ وقال أبو أمية: فقال النبي ﷺ: « اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة نبيك ».
وقال أبو أمية: رسولك، فاردد عليه الشمس.
قالت أسماء: فرأيتها غربت، ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت.
وقد رواه الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي في الموضوعات، من طريق أبي عبد الله بن منده، كما تقدم.
ومن طريق أبي جعفر العقيلي: ثنا أحمد بن داود، ثنا عمار بن مطر، ثنا فضيل بن مرزوق فذكره ثم قال: وهذا حديث موضوع، وقد اضطرب الرواة فيه، فرواه سعيد بن مسعود عن عبيد الله بن موسى، عن فضيل بن مرزوق، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن علي بن الحسن، عن فاطمة بنت علي، عن أسماء، وهذا تخليط في الرواية.
قال: وأحمد بن داود ليس بشيء.
قال الدارقطني: متروك كذاب.
وقال ابن حبان: كان يضع الحديث.
وعمار بن مطر قال فيه العقيلي: كان يحدث عن الثقات بالمناكير.
وقال ابن عدي: متروك الحديث.
قال: وفضيل بن مرزوق قد ضعفه يحيى.
قال ابن حبان: يروي الموضوعات، ويخطئ عن الثقات، وبه قال الحافظ ابن عساكر.
قال: وأخبرنا أبو محمد عن طاوس، أنا عاصم بن الحسن، أنا أبو عمرو ابن مهدي، أنا أبو العباس ابن عقدة، ثنا أحمد بن يحيى الصوفي، حدثنا عبد الرحمن بن شريك، حدثني أبي عن عروة بن عبد الله بن قشير قال: دخلت على فاطمة بنت علي فرأيت في عنقها خرزة، ورأيت في يديها مسكيتن غليظتين، - وهي عجوز كبيرة -.
فقلت لها: ما هذا؟
فقالت: إنه يكره للمرأة أن تتشبه بالرجال، ثم حدثتني أن أسماء بنت عميس حدثتها أن علي ابن أبي طالب دفع إلى النبي ﷺ وقد أوحي إليه، فجلله بثوبه فلم يزل كذلك حتى أدبرت الشمس - يقول: غابت، أو كادت أن تغيب - ثم إن نبي الله ﷺ سري عنه فقال: أصليت يا علي؟
قال: لا.
فقال النبي ﷺ: « اللهم رد على علي الشمس » فرجعت حتى بلغت نصف المسجد.
قال عبد الرحمن: وقال أبي: حدثني موسى الجهني نحوه.
ثم قال الحافظ ابن عساكر: هذا حديث منكر، وفيه غير واحد من المجاهيل.
وقال الشيخ أبو الفرج بن الجوزي: في الموضوعات.
وقد روى ابن شاهين هذا الحديث عن ابن عقدة فذكره ثم قال: وهذا باطل، والمتهم به ابن عقدة، فإنه كان رافضيا يحدث بمثالب الصحابة.
قال الخطيب: ثنا علي بن محمد بن نصر سمعت حمزة بن يوسف يقول: كان ابن عقدة بجامع براثا يملي مثالب الصحابة، أو قال: الشيخين فتركته.
وقال الدارقطني: كان ابن عقدة رجل سوء.
وقال ابن عدي: سمعت أبا بكر ابن أبي غالب يقول: ابن عقدة لا يتدين بالحديث لأنه كان يحمل شيوخا بالكوفة على الكذب، فيسوي لهم نسخا ويأمرهم أن يرووها، وقد بينا كذبه من عند شيخ بالكوفة.
وقال الحافظ أبو بشر الدولابي في كتابه الذرية الطاهرة: حدثنا إسحاق بن يونس، ثنا سويد بن سعيد، ثنا المطلب بن زياد عن إبراهيم بن حبان، عن عبد الله بن حسن، عن فاطمة بنت الحسين، عن الحسين قال: كان رأس رسول الله ﷺ في حجر علي وهو يوحى إليه، فذكر الحديث بنحو ما تقدم.
إبراهيم ابن حبان هذا تركه الدارقطني وغيره.
وقال محمد بن ناصر البغدادي الحافظ: هذا الحديث موضوع.
قال شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي: وصدق ابن ناصر.
وقال ابن الجوزي: وقد رواه ابن مردويه من طريق حديث داود بن واهج عن أبي هريرة قال: نام رسول الله ﷺ ورأسه في حجر علي ولم يكن صلى العصر حتى غربت الشمس، فلما قام رسول الله دعا له فردت عليه الشمس حتى صلى، ثم غابت ثانية.
ثم قال: وداود ضعفه شعبة.
ثم قال ابن الجوزي: ومن تغفيل واضع هذا الحديث أنه نظر إلى صورة فضله ولم يتلمح عدم الفائدة، فإن صلاة العصر بغيبوبة الشمس صارت قضاء، فرجوع الشمس لا يعيدها أداء.
وفي الصحيح عن رسول الله ﷺ: « أن الشمس لم تحبس على أحد إلا ليوشع ».
قلت: هذا الحديث ضعيف ومنكر من جميع طرقه، فلا تخلو واحدة منها عن شيعي ومجهول الحال، وشيعي ومتروك، ومثل هذا الحديث لا يقبل فيه خبر واحد إذا اتصل سنده، لأنه من باب ما تتوفر الدواعي على نقله، فلا بد من نقله بالتواتر والاستفاضة لا أقل من ذلك، ونحن لا ننكر هذا في قدرة الله تعالى، وبالنسبة إلى جناب رسول الله ﷺ فقد ثبت في الصحيح أنها ردت ليوشع بن نون، وذلك يوم حاصر بيت المقدس، واتفق ذلك في آخر يوم الجمعة، وكانوا لا يقاتلون يوم السبت فنظر إلى الشمس وقد تنصفت للغروب فقال: إنك مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علي، فحبسها الله عليه، حتى فتحوها، ورسول الله ﷺ أعظم جاها وأجل منصبا، وأعلى قدرا من يوشع بن نون، بل من سائر الأنبياء على الأجرام، ولكن لا نقول إلا ما صح عندنا عنه، ولا نسند إليه ما ليس بصحيح، ولو صح لكنا من أول القائلين به والمعتقدين له، وبالله المستعان.
وقال الحافظ أبو بكر محمد بن حاتم بن زنجويه البخاري في كتابه إثبات إمامة أبي بكر الصديق: فإن قال قائل من الروافض: إن أفضل فضيلة لأبي الحسن وأدل دليل على إمامته ما روي عن أسماء بنت عميس قالت: كان رسول الله ﷺ يوحى إليه ورأسه في حجر علي ابن أبي طالب، فلم يصل العصر حتى غربت الشمس.
فقال رسول الله ﷺ لعلي: « صليت؟ »
قال: لا.
فقال رسول الله: « اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك، فاردد عليه الشمس ».
قالت أسماء: فرأيتها غربت، ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت.
قيل له: كيف لنا لو صح هذا الحديث فنحتج على مخالفينا من اليهود والنصارى، ولكن الحديث ضعيف جدا لا أصل له، وهذا مما كسبت أيدي الروافض، ولو ردت الشمس بعد ما غربت لرآها المؤمن والكافر، ونقلوا إلينا أن في يوم كذا من شهر كذا في سنة كذا ردت الشمس بعد ما غربت.
ثم يقال للروافض: أيجوز أن ترد الشمس لأبي الحسن حين فاتته صلاة العصر، ولا ترد لرسول الله ولجميع المهاجرين والأنصار وعلي فيهم حين فاتتهم صلاة الظهر، والعصر، والمغرب يوم الخندق؟
قال: وأيضا مرة أخرى عرس رسول الله - ﷺ - بالمهاجرين والأنصار حين قفل من غزوة خيبر فذكر نومهم عن صلاة الصبح، وصلاتهم لها بعد طلوع الشمس قال: فلم يرد الليل على رسول الله وعلى أصحابه قال: ولو كان هذا فضلا أعطيه رسول الله وما كان الله ليمنع رسوله شرفا وفضلا - يعني: أعطيه علي ابن أبي طالب -.
ثم قال: وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: قلت لمحمد بن عبيد الطنافسي: ما تقول فيمن يقول: رجعت الشمس على علي ابن أبي طالب حتى صلى العصر؟
فقال: من قال هذا فقد كذب.
وقال إبراهيم ابن يعقوب: سألت يعلى بن عبيد الطنافسي قلت: إن ناسا عندنا يقولون إن عليا وصي رسول الله ﷺ، ورجعت الشمس.
فقال: كذب هذا كله.