البداية والنهاية/الجزء السادس/إخباره صلى الله عليه وسلم لما وقع من الفتن من بني هاشم
قال البخاري: حدثنا محمد بن كثير، أخبرني سفيان عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن ابن مسعود، عن النبي ﷺ قال: « ستكون أثرة وأمور تنكرونها ».
قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟
قال: « تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم ».
وقال البخاري: ثنا محمد بن عبد الرحيم، أنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم، ثنا أبو أسامة، ثنا شعبة عن أبي التياح، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: « يهلك الناس هذا الحي من قريش ».
قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟
قال: « لو أن الناس اعتزلوهم ».
ورواه مسلم عن أبي بكر ابن أبي شيبة عن أبي أسامة.
وقال البخاري: قال محمود: ثنا أبو داود، أخبرنا شعبة عن أبي التياح قال: سمعت أبا زرعة وحدثنا أحمد بن محمد المكي، ثنا عمرو بن يحيى بن سعيد الأموي عن جده قال: كنت مع مروان وأبي هريرة فسمعت أبا هريرة يقول: سمعت الصادق المصدوق يقول: « هلاك أمتي على يدي غلمة من قريش ».
فقال مروان: غلمة؟
قال أبو هريرة: إن شئت أن أسميهم فلان وبني فلان، تفرد به البخاري.
وقال أحمد: ثنا روح، ثنا أبو أمية عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، أخبرني جدي سعيد بن عمرو بن سعيد، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: « هلكة أمتي على يدي غلمة ».
قال مروان: وهم معنا في الحلقة قبل أن يلي شيئا فلعنة الله عليهم غلمة.
قال: أما والله لو أشاء أن أقول بني فلان وبني فلان لفعلت.
قال: فكنت أخرج مع أبي وجدي إلى بني مروان بعد ما ملكوا فإذا هم يبايعون الصبيان ومنهم من يبايع له وهو في خرقة.
قال لنا: عسى أصحابكم هؤلاء أن يكونوا الذي سمعت أبا هريرة يذكر أن هذه الملوك يشبه بعضها بعضا.
وقال أحمد: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان، عن سماك، حدثني عبد الله بن ظالم قال: سمعت أبا هريرة قال: سمعت حبي أبا القاسم ﷺ يقول: « إن فساد أمتي على يدي غلمة سفهاء من قريش ».
ثم رواه أحمد عن زيد بن الخباب، عن سفيان - وهو الثوري - عن سماك، عن مالك بن ظالم، عن أبي هريرة فذكره.
ثم روى غندر وروح بن عبادة عن سفيان، عن سماك بن حرب، عن مالك بن ظالم قال: سمعت أبا هريرة - زاد روح يحدث مروان بن الحكم - قال: سمعت رسول الله ﷺ الصادق المصدوق يقول: « هلاك أمتي على يد غلمة أمراء سفهاء من قريش ».
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا حيوة، حدثني بشر بن أبي عمرو الخولاني، أنا الوليد بن قيس التجيبي، حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: « يكون خلف من بعد الستين سنة أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، فسوف يلقون غيا ثم يكون خلف يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم ويقرأ القرآن ثلاثا مؤمن، ومنافق، وفاجر ».
وقال بشير: فقلت للوليد: ما هؤلاء الثلاثة؟
قال: المنافق كافر به، والفاجر يتأكل به، والمؤمن يؤمن به.
تفرد به أحمد وإسناده جيد قوي على شرط السنن.
وقد روى البيهقي عن الحاكم، عن الأصم، عن الحسن بن علي بن عفان، عن أبي أسامة، عن مجالد، عن الشعبي قال: لما رجع علي من صفين قال: أيها الناس لا تكرهوا إمارة معاوية فإنه لو فقدتموه لقد رأيتم الرؤوس تنزو من كواهلها كالحنظل.
ثم روى عن الحاكم وغيره، عن الأصم، عن العباس ابن الوليد بن زيد، عن أبيه، عن جابر، عن عمير بن هانئ أنه حدثه أنه قال: كان أبو هريرة يمشي في سوق المدينة وهو يقول: اللهم لا تدركني سنة الستين ويحكم تمسكوا بصدغي معاوية، اللهم لا تدركني إمارة الصبيان.
قال البيهقي: وعلي وأبو هريرة إنما يقولان هذا الشيء سمعناه من رسول الله ﷺ.
وقال يعقوب بن سفيان: أنا عبد الرحمن بن عمرو الحزامي، ثنا محمد بن سليمان عن أبي تميم البعلبكي، عن هشام بن الغاز، عن ابن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني، عن أبي عبيدة بن الجراح قال: قال رسول الله ﷺ: « لا يزال هذا الأمر معتدلا قائما بالقسط حتى يثلمه رجل من بني أمية ».
وروى البيهقي من طريق عوف الأعرابي عن أبي خلدة، عن أبي العالية، عن أبي ذر قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: « إن أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية ».
وهذا منقطع بين أبي العالية وأبي ذر وقد رجحه البيهقي بحديث أبي عبيدة المتقدم قال: ويشبه أن يكون هذا الرجل هو يزيد بن معاوية ابن أبي سفيان والله أعلم.
قلت: الناس في يزيد بن معاوية أقسام فمنهم من يحبه ويتولاه وهم طائفة من أهل الشام من النواصب، وأما الروافض فيشنعون عليه ويفترون عليه أشياء كثيرة ليست فيه ويتهمه كثير منهم بالزندقة ولم يكن كذلك، وطائفة أخرى لا يحبونه ولا يسبونه لما يعلمون من أنه لم يكن زنديقا كما تقوله الرافضة ولما وقع في زمانه من الحوادث الفظيعة والأمور المستنكرة البشعة الشنيعة فمن أنكرها قتل الحسين بن علي بكربلاء ولكن لم يكن ذلك من علم منه ولعله لم يرض به ولم يسؤه وذلك من الأمور المنكرة جدا ووقعة الحرة كانت من الأمور القبيحة بالمدينة النبوية على ما سنورده إذا انتهينا إليه في التاريخ إن شاء الله تعالى.