الفتاوى الكبرى/كتاب الظهار
كتاب الظهار
وإذا قال لزوجته: أنت علي حرام فهو ظهار وإن نوى الطلاق وهو ظاهر مذهب أحمد والعود هو الوطء وهو المذهب ولو عزم على الوطء فأصح القولين لا تستقر الكفارة إلا بالوطء ولا ظهار من أمته ولا أم ولده وعليه كفارة نقله الجماعة
ونقل أبو طالب كفارة ظهار ويتوجه على هذا أن تحرم عليه حتى يكفر كأحد الوجهين لو قال أنت علي حرام وأولى قال في المحرر ولو وطئ في حال جنونه لزمته الكفارة نص عليه مع أنه ذكر في الطلاق ما يقتضي أنه لا حنث عليه في ظاهر المذهب فإن توجه فرق وإلا كان المنصوص الحنث في الجنون مطلقا وفيه نظر وما يخرج في الكفارة المطلقة غير مقيد بالشرع بل بالعرف قدرا أو نوعا من غير تقدير ولا تمليك وهو قياس المذهب في الزوجة والأقارب والمملوك والضيف والأجير المستأجر بطعامه والإدام يجب إن كان يطعم أهله بإدام وإلا فلا وعادة الناس تختلف في ذلك في الرخص والغلاء واليسار والإعسار وتختلف بالشتاء والصيف
والواجبات المقدرات في الشرع من الصدقات على ثلاثة أنواع تارة تقدر الصدقة الواجبة ولا يقدر من يعطاها كالزكاة وتارة يقدر المعطي ولا يقدر المال كالكفارات وتارة يقدر هذا وهذا كفدية الأذى وذلك لأن سبب وجوب الزكاة هو المال فقدر المال الواجب وأما الكفارات فسببها فعل بدله كالجماع واليمين والظهار فقدر فيها المعطي كما قدر العتق والصيام وما يتعلق بالحج فيه بدن ومال فعبادته بدنية ومالية فلهذا قدر فيه هذا وهذا
كتاب اللعان
ولو لم يقل الزوج في إيمانه فيما رميتها به قياس المذهب صحته كما إذا اقتصر الزوج في النكاح على قوله: قبلت وإذا جوزنا إبدال لفظ الشهادة والسخط واللعن فلأن تجوزه بغير العربية أولى وإن لاعن الزوج وامتنعت الزوجة عن اللعان حدث وهو مذهب الشافعي ولفظه علق هل هي صريح أو تعريض اختلف فيه كلام أبي العباس
ولو شتم شخصا فقال: أنت ملعون ولد زنا وجب عليه التعزير على مثل هذا الكلام ويجب عليه حد القذف إن لم يقصد بهذه الكلمة أن المشتوم فعله كفعل الخبيث أو كفعل ولد الزنا ولا يحد القذف إلا بالطلب إجماعا والقاذف إذا تاب قبل علم المقذوف هل تصح توبته الأشبه أنه يختلف باختلاف الناس
وقال أبو العباس في موضع آخر: قال أكثر العلماء إن علم به المقذوف لم تصح توبته وإلا صحت ودعا له واستغفر وعلى الصحيح من الروايتين لا يجب له الاعتراف لو سأله فعرض ولو مع استحلافه لأنه مظلوم وتصح توبته وفي تجويز التصريح بالكذب المباح ههنا نظر ومع عدم توبته وإحسان تعريضه كذب ويمينه غموس واختيار أصحابنا لا يعلمه بل يدعو له في مقابلة مظلمته وزناه بزوجة غيره كغيبته وولد الزنا مظنة أن يعمل عملا خبيثا كما يقع كثيرا وأكرم الخلق عند الله تعالى
باب ما يلحق من النسب
ولا تصير الزوجة فراشا إلا بالدخول وهو مأخوذ من كلام الإمام أحمد في رواية حرب وتتبعض الأحكام لقوله: [ احتجبي يا سودة ] وعليه نصوص أحمد وإن استلحق ولده من الزنا ولا فراش لحقه وهو مذهب الحسن وابن سيرين والنخعي وإسحاق ولو أقر بنسب أو شهدت به بينة فشهدت بينة أخرى أن هذا ليس من نوع هذا بل هذا رومي وهذا فارسي فهذا في وجه نسبه تعارض القافة أو البينة ومن وجه كبر السن فهذا المعارض الباقي للنسب هل يقدح في المقتضى له
قال أبو العباس: هذه المسألة حدثت وسئلت عنها وكان الجواب أن التغاير بينهما إن أوجب القطع بعدم النسب فهو كالسن مثل أن يكون أحدهما حبشيا والآخر روميا ونحو ذلك فهنا ينتفي النسب وإن كان أمرا محتملا لم ينفعه لكن إن كان المقتضي للنسب الفراش لم يلتفت إلى المعارضة وإن كان المثبت له مجرد الإقرار أو البينة فاختلاف الجنس معارض ظاهر فإن كان النسب بنوة فثبوتها أرجح من غيرها إذ لا بد للابن من أب غالبا وظاهرا قال في الكافي ولو أنكر المجنون بعد البلوغ لم يلتفت إلى إنكاره
قال أبو العباس: ويتوجه أن يقبل لأنه إيجاب حق عليه يمجرد قول غيره مع منازعته كما لو حكمنا للقيط بالحرية فإذا بلغ فأقر بالرق قبلنا إقراره ولو أدخلت المرأة لزوجها أمتها إن ظن جوازه لحقه الولد وإلا فروايتان ويكون حراما على الصحيح إن ظن حلها بذلك وإذا وطئ المرتهن الأمة المرهونة بإذن الراهن وظن جواز ذلك لحقه الولد وانعقد حرا وإذا تداعيا بهيمة أو فصيلا فشهد القائف أن دابة هذا تنتجها ينبغي أن يقضي بهذه الشهادة وتقدم على اليد الحسية ويتوجه أن يحكم بالقيافة في الأموال كلها كما حكمنا بذلك في الجذع والمقلوع إذا كان له موضع في الدار وكما حكمنا في الاشتراك في اليد الحسية بما يظهر من اليد العرفية فأعطينا كل واحد من الزوجين ما يناسبه في العادة وكل واحد من الصانعين ما يناسبه
وكما حكمنا بالوصف في اللقطة إذا تداعاها اثنان وهذا نوع قيافة أو شبيه به وكذلك لو تنازعا غراسا أو تمرا في أيديهما فشهدا أهل الخبرة أنه من هذا البستان ويرجع إلى أهل الخبرة حيث يستوي المتداعيان كما رجع إلى أهل الخبرة بالنسب وكذلك لو تنازع اثنان لباسا أو بغلا من لباس أحدهما الآخر أو تنازعا دابة تذهب من بعيد إلى اصطبل أحدهما دون الآخر أو تنازعا زوج خف أو مصراع مع الآخر شكله أو كان عليه علامة لأحدهما كالزربول التي للجند وسواء كان المدعى في أيديهما أو في يد ثالث
أما إن كانت اليد لأحدهما دون الآخر فالقيافة المعارضة لهذا كالقيافة المعارضة للفراش فإذا قلنا بتقديم القيافة في صورة الرجحان فقد نقول ههنا كذلك ومثل أن يدعي أنه ذهب من ماله شيء ويثبت ذلك فيقص القائف أثر الوطء من مكان إلى مكان آخر فشهادة القائف أن المال دخل إلى هذا الموضع توجب أحد الأمرين أما الحاكم به وإما أن يكون الحكم به مع اليمين للمدعي وهو الأقرب فإن هذه الإمارة ترجح جانب المدعي واليمين مشروعة في أقوى الجانبين ولو مات الطفل قبل أن تراه القافة
قال المزني: يوقف ماله وما قاله ضعيف وإنما قياس المذهب للقرعة ويحتمل الشركة ويحتمل أن يرث واحد منهما
كتاب العدد
ويتوجه في المعتق بعضها إذا كان الحر يليها أن لا تجب الاقراء فإن تكميل القروء من الأمة إنما كان للضرورة فيؤخذ للمعتق بعضها بحساب الأصل ويكمل قال في المحرر وإذا ادعت المعتدة انقضاء عدتها بالاقراء أو الولادة قبل قولها إذا كان ممكنا إلا أن تدعيه بالحيض في شهر فلا يقبل قولها إلا ببينة نص عليه وقبله الخرقي مطلقا
قال أبو العباس: قياس المذهب المنصوص أنها إذا ادعت ما يخالف الظاهر كلفت البينة وإذا أوجبنا عليها البينة فيما إذا علق طلاقها بحيضها فقالت حضت فإن التهمة في الخلاص من العدة كالتهمة في الخلاص من النكاح فيتوجه أنها إذا ادعت الانقضاء في أقل من ثلاثة أشهر كلفت البينة وإن ادعت الانقضاء بالولادة فهو كما لو ادعت أنها ولدت وأنكر الزوج فيما إذا علق طلاقها على الولادة وفيها وجهان وإذا أقر الزوج أنه طلق زوجته من مدة تزيد على العدة الشرعية فإن كان المقر فاسقا أو مجهول الحال لم يقبل قوله في انقضاء العدة التي فيها حق الله تعالى وإن كان عدلا غير متهم مثل أن يكون غائبا فلما حضر أخبرها أنه طلقها من مدة كذا وكذا فهل العدة حين بلغها الخبر إذ تقم بذلك بينة أو من حين الطلاق؟ كما لو قامت به بينة فيه خلاف مشهور عند أحمد والمشهور عنه هو الثاني
والصواب في امرأة المفقود مذهب عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة وهو أنها تتربص أربع سنين ثم تعتد للوفاة ويجوز لها أن تتزوج بعد ذلك وهي زوجة الثاني ظاهرا وباطنا ثم إذا قدم زوجها الأول بعد تزوجها خير بين امرأته وبين مهرها ولا فرق بين ما قبل الدخول وبعده وهو ظاهر مذهب أحمد وعلى الأصح لا يعتبر الحاكم فلو مضت المدة والعدة تزوجت بلا حكم
قال أبو العباس: وكنت أقول أن هذا شبه اللقطة من بعض الوجوه ثم رأيت ابن عقيل قد ذكر ذلك ومثل ذلك وهذا لأن المجهول في الشرع كالمعدوم وإذا علم بعد ذلك كان التصرف في أهله وماله موقوفا على إذنه ووقف التصرف في حق الغير على إذنه يجوز عند الحاجة عندنا بلا نزاع وأما مع عدم الحاجة ففيه روايتان كما يجوز التصرف في اللقطة بعدم العلم لصاحبها فإذا جاء المالك كان تصرف الملتقط موقوفا على إجازته وكان تربص أربع سنين كالحول في اللقطة وبالجملة كل صورة فرق فيها بين الرجل وامرأته بسبب يوجب الفرقة ثم تبين انتفاء ذلك السبب فهو شبيه المفقود والتخيير فيه بين المرأة والمهر هو أعدل الأقوال
ولو ظنت المرأة أن زوجها طلقها فتزوجت فهو كما لو ظنت موته ولو قدر أنها كتمت الزوج غيره ولم يعلم الأول حتى دخل بها الثاني فهنا الزوجان مشهوران بخلاف المرأة لكن إذا اعتقدت جواز ذلك بأن تعتقد أنه عاجز عن حقها أو مفرط فيه وأنه يجوز لها الفسخ والتزويج بغيره فتشبه امرأة المفقودة وأما إذا علمت التحريم فهي زانية لكن المتزوج بها كالمتزوج بامرأة المفقود وكأنها طلقت نفسها فأجازه وإذا طلق واحدة من امرأتيه مبهمة ومات قبل الإقراع فأحدهما وجبت عليها عدة الوفاة والأخرى عدة الطلاق فالأظهر هنا وجوب العدتين على كل منهما والواجب أن الشبهة إن كانت شبهة نكاح فتعتد الموطوءة عدة المزوجة حرة كانت أو أمة وإن كانت شبهة ملك فعدة الأمة المشتراة وأما الزنا فالعبرة بالمحل
وقال أبو العباس: في موضع آخر الموطوءة بشبهة تستبرأ بحيضة وهو وجه في المذهب وتعتد المزنى بها بحيضة وهو رواية عن أحمد والمختلعة يكفيها الإعتداد بحيضة واحدة وهو رواية عن أحمد ومذهب عثمان بن عفان وغيره والمفسوخ نكاحها كذلك وأومأ إليه أحمد في رواية صالح والمطلقة ثلاث تطليقات عدتها حيضة واحدة
قلت: علق أبو العباس من الفوائد بذلك عن ابن اللبان ومن ارتفع حيضها ولا تدري ما رفعه إن علمت عدم عوده فتعتد بالأشهر وإلا بسنة والمطلقة البائن وإن لم تلزمه نفقتها إن شاء أسكنها في مسكنه وغيره إن صلح لها ولا محذور تحصينا لمائه وأنفق عليها فله ذلك وكذلك الحامل من وطء الشبهة أو النكاح الفاسد لا يجب على الواطئ نفقتها إن قلنا بالنفقة لها إلا أن يسكنها في منزل يليق بها تحصينا لمائه فيلزمها ذلك وتجب لها النفقة والله أعلم
فصل في الاستبراء
ولا يجب استبراء الأمة البكر سواء كانت كبيرة أو صغيرة وهو مذهب ابن عمر واختيار البخاري ورواية عن أحمد والأشبه ولا من اشتراها من رجل صادق وأخبره أنه لم يطأ أو وطئ واستبرأ انتهى
كتاب الرضاع
وإذا كانت المرأة معروفة بالصدق وذكرت أنها أرضعت طفلا خمس رضعات قبل قولها وثبت حكم الرضاع على الصحيح ورضاع الكبيرة تنتشر به الحرمة بحيث لا يحتشمون منه للحاجة لقصة سالم مولى أبي حذيفة وهو مذهب عائشة وعطاء والليث وداود ممن يرى أنه ينشر الحرمة مطلقا والإرتضاع بعد الفطام لا ينشر الحرمة وإن كان دون الحول وقاله ابن القاسم صاحب مالك
وإذا اشترك اثنان في وطء امرأة فحكم المرتضع من لبنها حكم ولدها من هذين الرجلين وأولادهما فإن لم يلحق بأحدهما فالواجب أنه يحرم على أولادهما لأنه أخ لأحد الصنفين وقد اشتبه أو يقال كما قيل في الطلاق بحل منهما فإن الاشتباه في حق اثنين لا واحد
كتاب النفقات
وعلى الولد الموسر أن ينفق على أبيه المعسر وزوجة أبيه وعلى إخوته الصغار ولا يلزم الزوج تمليك الزوجة النفقة والكسوة بل ينفق ويكسو بحسب العادة لقوله عليه السلام أن حقها عليك أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت كما قال عليه السلام في المملوك ثم المملوك لا يجب له التمليك إجماعا وإن قيل إنه يملك بالتمليك ويتخرج هذا أيضا من إحدى الروايتين في أنه لا تجب الكفارة على الفقير بل هنا أولى للعسر والمشقة وإذا انقضت السنة والكسوة صحيحة
قال أصحابنا: عليه كسوة السنة الأخرى وذكروا احتمالا أنه لا يلزمه شيء وهذا الاحتمال قياس المذهب لأن النفقة والكسوة غير مقدرة عندنا فإذا كفتها الكسوة عدة سنين لم يجب غير ذلك وإنما يتوجه ذلك على قول من يجعلها مقدرة وكذلك على قياس هذا لو استبقت من نفقة أمس لليوم وذلك أنها وإن وجبت معاوضة فالعوض الآخر لا يشترط الاستبقاء فيه ولا التمليك بل التمكين من الانتفاع فكذلك عوضه ونظير هذا الأجير بطعامه وكسوته ويتوجه على ما قلنا أن قياس المذهب أن الزوجة إذا اقتضت النفقة ثم تلفت أو سرقت أنه يلزم الزوج عوضها وهو قياس قولنا في الحاج عن الغير إذا كان ما أخذه نفقة تلف فإنه يتلف من ضمان مالكه قال في المحرر ولو أنفقت من ماله وهو غائب فتبين موته فهل يرجع عليها بما أنفقت بعد موته على روايتين
قال أبو العباس: وعلى قياسه كل من أبيح له شيء وزالت الإباحة بفعل الله أو بفعل المبيح كالمعير إذا مات أو رجع والمانع وأهل الموقوف عليه لكن لم يذكر الجد ههنا إذ طلق فلعله يفرق بين الموت والطلاق فإن التفريط في الطلاق منه والقول في دفع النفقة والكسوة قول من شهد له العرف وهو مذهب مالك ويخرج على مذهب أحمد في تقديمه الظاهر على الأصل وعلى أحد الوجهين فيما إذا أصدقها تعليم قصيدة ووجدت حافظة لها وقالت تعلمتها من غيره قال بل مني أن القول قول الزوج وإذا خلا بزوجته استقر المهر عليه ولا تقل دعواه عدم علمه بها ولو كان أعمى نص عليه الإمام أحمد لأن العادة أنه لا يخفى عليه ذلك فقد قدمت هنا العادة على الأصل
فكذا دعواه الإنفاق فإن العادة هناك أقوى ولو أنفق الزوج على الزوجة وكساها مدة ثم ادعى الولي عدم إذنه وأنها تحت حجره لم يسمع قوله إذا كان الزوج قد تسلمها التسليم الشرعي باتفاق أئمة العلماء وخالف فيه شذوذ من الناس وإقرار الولي لها عنده مع حاجتها إلى النفقة والكسوة إذن عرفي ذكر أصحابنا من الصور المسقطة لنفقة الزوجة صوم النذر الذي في الذمة والصوم للكفارة وقضاء رمضان قبل ضيق وقته إذا لم يكن ذلك في إذنه
قال أبو العباس: قضاء النذر والكفارة عندنا على الفور فهو كالمعين وصوم القضاء يشبه الصلاة في أول الوقت ثم ينبغي في جميع صور الصوم أن تسقط نفقة النهار فقط فإن مثل هذا تنشز يوما وتجيء يوما فإنه لا يمكن أن يقال في هذا كما قيل في الإجارة أن منع تسليم بعض المنفعة يسقط الجميع إذا ما مضى من النفقة لا يسقط ولو أطاعت في المستقبل استحقت والزوجة المتوفى عنها زوجها لا نفقة لها ولا سكنى إلا إذا كانت حاملا فروايتان وإذا لم توجب النفقة في التركة فإنه ينبغي أن تجب لها النفقة في مال الحمل أو في مال من تجب عليه النفقة إذا قلنا تجب للحمل كما تجب أجرة الرضاع
وقال أبو العباس: في موضع آخر النفقة والسكنى تجب للمتوفى عنها في عدتها ويشترط فيها مقامها في بيت الزوج فإن خرجت فلا جناح إذا كان أصلح لها والمطلقة البائن الحامل يجب لها النفقة من أجل الحمل وللحمل وهو مذهب مالك وأحد القولين في مذهب أحمد والشافعي
وإذا تزوجت المرأة ولها ولد فغضب الوالد وذهبت به إلى بلد آخر فليس لها أن تطالب الأب بنفقة الولد وإرضاع الطفل واجب على الأم بشرط أن تكون مع الزوج وهو قول ابن أبي ليلى وغيره من السلف ولا تستحق أجرة المثل زيادة على نفقتها وكسوتها وهو اختيار القاضي في المجرد وقول الحنفية لأن الله تعالى يقول: { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } فلم يوجب لهن إلا الكسوة والنفقة بالمعروف وهو الواجب بالزوجية وما عساه يتجرد من زيادة خاصة للمرتضع كما قال في الحامل: فإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فدخلت نفقة الولد في نفقة أمه لأنه يتغذى بها
وكذلك المرتضع وتكون النفقة هنا واجبة بشيئين حتى لو سقط الوجوب فأحدهما ثبت الآخر كما لو تشزت وأرضعت ولدها فلها النفقة للإرضاع لا للزوجية فأما إذا كانت بائنا وأرضعت له ولده فإنها تستحق أجرها بلا ريب كما قال الله تعالى: { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } وهذا الأجر هو النفقة والكسوة وقاله طائفة منهم الضحاك وغيره وإذا كانت المرأة قليلة اللبن وطلقها زوجها فله أن يكتري مرضعة لولده وإذا فعل ذلك فلا فرض للمرأة بسبب الولد ولها حضانته ويجب على القريب افتكاك قريبه من الأسر وإن لم يجب عليه استنقاذه من الرق وهو أولى من حمل العقل
وتجب النفقة لكل وارث ولو كان مقاطعا من ذوي الأرحام وغيرهم لأنه من صلة الرحم وهو عام كعموم الميراث في ذوي الأرحام وهو رواية عن أحمد والأوجه وجوبها مرتبا وإن كان الموسر القريب ممتنعا فينبغي أن يكون كالمعسر كما لو كان للرجل مال وحيل بينه وبينه لغصب أو بعد لكن ينبغي أن يكون الواجب هنا القرض رجاء الاسترجاع وعلى هذا فمتى وجبت عليه النفقة وجب عليه القرض إذا كان له وفاء
وذكر القاضي وأبو الخطاب وغيرهما في أب وابن القياس أن على الأب السدس إلا أن الأصحاب تركوا القياس لظاهر الآية والآية إنما هي في الرضيع وليس له ابن فينبغي أن يفرق بين الصغير وغيره فإن من له ابن يبعد أن لا تكون عليه نفقته بل تكون على الأب فليس في القرآن ما يخالف ذلك وهذا جيد على قول ابن عقيل حيث ذكر في التذكرة أن الولد ينفرد بنفقة والديه
باب الحضانة
لا حضانة إلا لرجل من العصبة أو لامرأة وارثة أو مدلية بعصبة أو بوارث فإن عدموا فالحكم وقيل إن عدموا ثبتت لمن سواهم من الأقارب ثم للحاكم ويتوجه عند العدم أن تكون لمن سبقت إليه اليد كاللقيطة فإن كفال اليتامى لم يكونوا يستأذنون الحاكم والوجه أن يتردد ذلك بين الميراث والمال والعمة أحق من الخالة وكذا نساء الأب أحق يقدمن على نساء الأم لأن الولاية للأب وكذا أقاربه وإنما قدمت الأم على الأب لأنه لا يقوم مقامها هنا في مصلحة الطفل وإنما قدم الشارع عليه السلام خالة بنت حمزة على عمتها صفية لأن صفية لم تطلب وجعفر طلب نائبا عن خالتها فقضى لها بها في غيبتها وضعف البصر يمنع من كمال ما يحتاج إليه المحضون من المصالح
وإذا تزوجت الأم فلا حضانة لها وعلى عصبة المرأة منعها من المحرمات فإن لم تمتنع إلا بالحبس حبسوها وإن احتاجت إلىالقيد قيدوها وما ينبغي للمولود أن يضرب أمه ولا يجوز لهم مقاطعتها بحيث تتمكن من السوء بل يلاحظونها بحسب قدرتهم وإن احتاجت إلى رزق وكسوة كسوها وليس لهم إقامة الحد عليها والله سبحانه وتعالى أعلم