الفتاوى الكبرى/كتاب الصلاة/15
فصل
وأما الصلاة خلف المبتدع فهذه المسألة فيها نزاع وتفصيل فإذا لم تجد إماما غيره كالجمعة التي لا تقام إلا بمكان واحد وكالعيدين وكصلوات الحج خلف إمام الموسم فهذه تفعل خلف كل بر وفاجر باتفاق أهل السنة والجماعة وإنما تدع مثل هذه الصلوات خلف الأئمة أهل البدع كالرافضة ونحوهم ممن لا يرى الجمعة والجماعة إذا لم يكن في القرية إلا مسجد واحد فصلاته في الجماعة خلف الفاجر خير من صلاته في بيته منفردا لئلا يفضي إلى ترك الجماعة مطلقا
وأما إذا أمكنه أن يصلي خلف غير المبتدع فهو أحسن وأفضل بلا ريب لكن إن صلى خلفه ففي صلاته نزاع بين العلماء ومذهب الشافعي وأبي حنيفة تصح صلاته وأما مالك وأحمد ففي مذهبهما نزاع وتفصيل
وهذا إنما هو في البدعة التي يعلم أنها تخالف الكتاب والسنة مثل بدع الرافضة والجهمية ونحوهم فأما مسائل الدين التي يتنازع فيها كثير من الناس في هذه البلاد مثل مسألة الحرف والصوت ونحوها فقد يكون كل من المتنازعين مبتدعا وكلاهما جاهل متأول فليس امتناع هذا من الصلاة خلف هذا بأولى من العكس فأما إذا ظهرت السنة وعلمت فخالفها واحد فهذا هو الذي فيه النزاع والله أعلم
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم
246 - 162 - مسألة: في رجل استفاض عنه أنه يأكل الحشيشة وهو إمام فقال رجل: لا تجوز الصلاة خلفه فأنكر عليه رجل وقال: تجوز واحتج بقول النبي ﷺ: تجوز الصلاة خلف البر والفاجر فهذا الذي أنكر مصيب أم مخطئ؟ وهل يجوز لآكل الحشيشة أن يؤم بالناس؟ وإذا كان المنكر مصيبا فما يجب على الذي قام عليه؟ وهل يجوز للناظر في المكان أن يعزله أم لا؟
الجواب: لا يجوز أن يولى في الإمامة بالناس من يأكل الحشيشة أو يفعل من المنكرات المحرمة مع إمكان تولية من هو خير منه كيف وفي الحديث: [ من قلد رجلا عملا على عصابة وهو يجد في تلك العصابة من هو أرضى لله فقد خان الله وخان رسوله وخان المؤمنين ] وفي حديث آخر [ اجعلوا أئمتكم خياركم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين الله ] وفي حديث آخر: [ إذا أم الرجل القوم وفيهم من هو خير منه لم يزالوا في سفال ] وقد ثبت في الصحيح أن النبي ﷺ قال: [ يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ] فأمر النبي ﷺ بتقديم الأفضل بالعلم بالكتاب ثم بالسنة ثم الأسبق إلى العمل الصالح بنفسه ثم بفعل الله تعالى
وفي سنن أبي داود وغيره: [ أن رجلا من الأنصار كان يصلى بقوم إماما فبصق في القبلة فأمرهم النبي ﷺ أن يعزلوه عن الإمامة ولا يصلوا خلفه فجاء إلى النبي ﷺ فسأله هل أمرهم بعزله؟ فقال: نعم إنك آذيت الله ورسوله ]
فإذا كان المرء يعزل لأجل إساءته في الصلاة وبصاقه في القبلة فكيف المصر على أكل الحشيشة لا سيما إن كان مستحلا للمسكر منها كما عليه طائفة من الناس فإن مثل هذا ينبغي أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل إذ السكر منها حرام بالإجماع واستحلال ذلك كفر بلا نزاع
وأما احتجاج المعارض بقوله: تجوز الصلاة خلف كل بر وفاجر فهذا غلط منه لوجوه:
أحدها: أن هذا الحديث لم يثبت عن النبي ﷺ بل في سنن ابن ماجه عنه: [ لا يؤمن فاجر مؤمنا إلا أن يقهره بسوط أو عصا ] وفي إسناد الآخر مقال أيضا
الثاني: أنه يجوز للمأموم أن يصلي خلف من ولى وإن كان تولية ذلك المولى لا تجوز فليس للناس أن يولوا عليهم الفساق وإن كان قد ينفذ حكمه أو تصح الصلاة خلفه
الثالث: أن الأئمة متفقون على كراهة الصلاة خلف الفاسق لكن اختلفوا في صحتها: فقيل لا تصح كقول مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنهما وقيل: بل تصح كقول أبي حنيفة والشافعي والرواية الأخرى عنهما ولم يتنازعوا أنه لا ينبغي توليته
الرابع: أنه لا خلاف بين المسلمين في وجوب الإنبهار على هؤلاء الفساق الذين يسكرون من الحشيشة بل الذي عليه جمهور الأئمة أن قليلها وكثيرها حرام بل الصواب أن آكلها يحد وأنها نجسة فإذا كان آكلها لم يغسل منها فمه كانت صلاته باطلة ولو غسل فمه منها أيضا فهي خمر وفي الحديث: [ من شرب الخمر لم تقبل منه صلاة أربعين يوما فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد فشربها لم تقبل له صلاة أربعين يوما فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد فشربها في - الثالثة أو الرابعة - كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال: قيل: يا رسول الله ! وما طينة الخبال؟ قال: عصارة أهل النار ] وإذا كانت صلاته تارة باطلة وتارة غير مقبولة فإنه يجب الإنكار عليه باتفاق المسلمين فمن لم ينكر عليه كان عاصيا لله ورسوله
ومن منع المنكر عليه فقد حاد الله ورسوله ففي سنن أبي داود عن النبي ﷺ أنه قال: [ من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره ومن قال: في مؤمن ما ليس فيه حبس في ردغة الخبال حتى يخرج مما قال ومن خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع ] فالمخاصمون [ عنه مخاصمون ] في باطل وهم في سخط الله والحائلون ذلك الانكار عليه مضادون لله في أمره وكل من علم حاله ولم ينكر عليه بحسب قدرته فهو عاص لله ورسوله والله أعلم
163 - 247 - مسألة: في خطيب قد حضر صلاة الجمعة فامتنعوا عن الصلاة خلفه لأجل بدعة فيه فما هي البدعة التي تمنع الصلاة خلفه؟
الجواب: ليس لهم أن يمنعوا أحدا من صلاة العيد والجمعة وإن كان الإمام فاسقا وكذلك ليس لهم ترك الجمعة ونحوها لأجل فسق الإمام بل عليهم فعل ذلك خلف الإمام وإن كان فاسقا وإن عطلوها لأجل فسق الإمام كانوا من أهل البدع وهذا مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما
وإنما تنازع العلماء في الإمام إذا كان فاسقا أو مبتدعا وأمكن أن يصلي خلف عدل فقيل: تصح الصلاة خلفه وإن كان فاسقا وهذا مذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين وأبي حنيفة وقيل: لا تصح خلف الفاسق إذا أمكن الصلاة خلف العدل وهو إحدى الروايتين عن مالك وأحمد والله أعلم
164 - 248 - مسألة: في إمام يقول يوم الجمعة على المنبر في خطبته: إن الله تكلم بكلام أزلي قديم ليس بحرف ولا صوت فهل تسقط الجمعة خلفه أم لا؟ وما يجب عليه؟
الجواب: الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق وإن هذا القرآن الذي يقرأه الناس هو كلام الله يقرأه الناس بأصواتهم فالكلام كلام الباري والصوت صوت القارئ والقرآن جميعه كلام الله حروفه ومعانيه
وإذا كان الإمام مبتدعا فإنه يصلى خلفه الجمعة وتسقط بذلك والله أعلم
249 - / 165 - مسألة: في إمام قتل ابن عمه: فهل تصح الصلاة خلفه أم لا؟
الجواب: إذا كان هذا الرجل قد قتل مسلما معتمدا بغير حق فينبغي أن يعزل عن الإمامة ولا يصلى خلفه إلا لضرورة مثل أن لا يكون هناك إمام غيره لكن إذا تاب وأصلح فإن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات فإذا تاب التوبة الشرعية جاز أن يقر على إمامته والله أعلم
166 - 250 - مسألة: عن إمام مسجد قتل: فهل يجوز أن يصلى خلفه؟
أجاب: إذا كان قد قتل القاتل أو لا ثم عمدوا أقارب المقتول إلى أقارب القاتل فقتلوهم فهؤلاء عداة من أظلم الناس وفيهم نزل قوله تعالى: { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم } ولهذا قالت طائفة من السلف: إن هؤلاء القاتلين يقتلهم السلطان حدا ولا يعفي عنهم وجمهور العلماء يجعلون أمرهم إلى أولياء المقتول ومن كان من الخطباء يدخل في مثل هذه الدماء فإنه من أهل البغي والعدوان الذين يتعين عزلهم ولا يصلح أن يكون إماما للمسلمين بل يكون إماما للظالمين المعتدين والله أعلم
251 - / 167 - سئل: عن إمام المسلمين خبب امرأة على زوجها حتى فارقته وصار يخلو بها فهل يصلى خلفه؟ وما حكمه؟
الجواب: في المسند عن النبي ﷺ أنه قال: [ ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على مواليه ] فسعي الرجل في التفريق بين المرأة وزوجها من الذنوب الشديدة وهو من فعل السحرة وهو من أعظم فعل الشياطين لا سيما إذا كان يخببها على زوجها ليتزوجها هو مع إصراره على الخلوة بها ولا سيما إذا دلت القرائن على غير ذلك ومثل هذا لا ينبغي أن يولى إمامة المسلمين إلا أن يتوب فإن تاب تاب الله عليه فإذا أمكن الصلاة خلف عدل مستقيم السيرة فينبغي أن يصلى خلفه فلا يصلى خلف من ظهر فجوره لغير حاجة والله أعلم
168 - 252 - مسألة: في إمام يقرأ على الجنائز هل تصح الصلاة خلفه؟
الجواب: إذا أمكنه أن يصلي خلف من يصلي صلاة كاملة وهو من أهل الورع فالصلاة خلفه أولى من الصلاة خلف من يقرأ على الجنائز فإن هذا مكروه من وجهين: من وجه أن القراءة على الجنائز مكروهة في المذاهب الأربعة وأخذ الأجرة عليها أعظم كراهة فإن الاستئجار على التلاوة لم يرخص فيه أحد من العلماء والله أعلم
169 - 253 - مسألة: في إمام يبصق في المحراب هل تجوز الصلاة خلفه أم لا؟
الجواب: الحمد لله ينبغي أن ينهى عن ذلك وفي سنن أبي داود عن النبي ﷺ: [ أنه عزل إماما لأجل بصاقه في القبلة وقال لأهل المسجد: لا تصلوا خلفه فجاء إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله ! أنت نهيتهم أن يصلوا خلفي قال: نعم !
إنك قد آذيت الله ورسوله ] فإن عزل عن الإمامة لأجل ذلك أو انتهى الجماعة أن يصلوا خلفه لأجل ذلك كان ذلك سائغا والله أعلم
170 - 254 - مسألة: في رجل فقيه عالم خاتم للقرآن وبه عذر يده الشمال خلفه من حد الكتف وله أصابع لحم وقد قالوا: إن الصلاة غير جائزة خلفه
الجواب: إذا كانت يداه يصلان إلى الأرض في السجود فإنه تجوز الصلاة خلفه بلا نزاع وإنما النزاع فيما إذا كان أقطع اليدين والرجلين ونحو ذلك وأما إذا أمكنه السجود على الأعضاء السبعة التي قال فيها النبي ﷺ: [ أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة واليدين والركبتين والقدمين ] فإن السجود تام وصلاة من خلفه تامة والله أعلم
255 - 171 - مسألة: في الخصي هل تصح الصلاة خلفه؟
الجواب: الحمد لله تصح خلفه كما تصح خلف الفحل باتفاق أئمة المسلمين وهو أحق بالإمامة ممن هو دونه فإذا كان أفضل من غيره في العلم والدين كان مقدما عليه في الإمامة وإن كان المفضول فحلا والله أعلم
256 - / 172 - مسألة: في رجل ما عنده ما يكفيه وهو يصلي بالأجرة فهل يجوز ذلك أم لا؟
الجواب: الاستئجار على الإمامة لا يجوز في المشهور من مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد وقيل: يجوز وهو مذهب الشافعي ورواية عن أحمد وقول في مذهب مالك والخلاف في الأذان أيضا
لكن المشهور من مذهب مالك أن الاستئجار يجوز على الأذان وعلى الإمامة معه ومنفردة وفي الاستئجار على هذا ونحوه كالتعليم على قول ثالث في مذهب أحمد وغيره أنه يجوز مع الحاجة ولا يجوز بدون حاجة والله أعلم
257 - / 173 - مسألة: في رجل معرف على المراكب وبنى مسجدا وجعل للإمام في كل شهر أجرة من عنده فهل هو حلال أم حرام؟ وهل تجوز الصلاة في المسجد أم لا؟
الجواب: إن كان يعطي هذه الدراهم من أجرة المراكب التي له جاز أخذها وإن كان يعطيها مما يأخذ من الناس بغير حق فلا والله أعلم
258 - / 174 - مسألة: في رجل إمام بلد وليس هو من أهل العدالة وفي البلد رجل آخر يكره الصلاة خلفه فهل تصح صلاته خلفه أم لا؟ وإذا لم يصل خلفه وترك الصلاة مع الجماعة هل يأثم بذلك؟ والذي يكره الصلاة خلفه يعتقد أنه لا يصحح الفاتحة وفي البلد من هو أقرأ منه وأفقه
الجواب: رحمه الله - الحمد لله أما كونه لا يصحح الفاتحة فهذا بعيد جدا فإن عامة الخلق من العامة والخاصة يقرأون الفاتحة قراءة تجزئ بها الصلاة فإن اللحن الخفي واللحن الذي لا يحيل المعنى لا يبطل الصلاة وفي الفاتحة قراءات كثيرة قد قرئ بها فلو قرأ: { عليهم } و: { عليهم } أو قرأ: { الصراط } و: { الصراط } و{ الصراط } فهذه قراءات مشهورة
ولو قرأ: { الحمد لله } و: { الحمد لله } أو قرأ: { رب العالمين } أو: { رب العالمين } أو قرأ بالكسر ونحو ذلك لكانت قراءات قد قرئ بها وتصح الصلاة خلف من قرأ بها ولو قرأ: { رب العالمين } بالضم أو قرأ: { مالك يوم الدين } بالفتح لكان هذا لحنا لا يحيل المعنى ولا يبطل الصلاة
وإن كان إماما راتبا وفي البلد من هو أقرأ منه صلى خلفه فإن النبي ﷺ قال: [ لا يؤمن الرجل في سلطانه ] وإن كان متظاهرا بالفسق وليس هناك من يقيم الجماعة غيره صلى خلفه أيضا ولم يترك الجماعة وإن تركها فهو آثم مخالف للكتاب والسنة ولما كان عليه السلف
175 - 259 - مسألة: في رجل صلى بغير وضوء إماما وهو لا يعلم أو عليه نجاسة لا يعلم بها فهل صلاته جائزة أم لا؟ وإن كانت صلاته جائزة فهل صلاة المأمومين خلفه تصح؟ أفتونا مأجورين
الجواب: أما المأموم إذا لم يعلم بحدث الإمام أو النجاسة التي عليه حتى قضيت الصلاة فلا إعادة عليه عند الشافعي وكذلك عند مالك وأحمد إذا كان الإمام غير عالم ويعيد وحده إذا كان محدثا وبذلك مضت سنة الخلفاء الراشدين فإنهم صلوا بالناس ثم رأوا الجنابة بعد الصلاة فأعادوا ولم يأمروا الناس بالإعادة والله أعلم
176 - 260 - مسألة: في رجل يؤم قوما وأكثرهم له كارهون؟
الجواب: أن كانوا يكرهون هذا الإمام لأمر في دينه: مثل كذبه أو ظلمه أو جهله أو بدعته ونحو ذلك ويحبون الآخر لأنه أصلح في دينه منه مثل أن يكون أصدق وأعلم وأدين فإنه يجب أن يولى عليهم هذا الإمام الذي يحبونه وليس لذلك الإمام الذي يكرهونه أن يؤمهم كما في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال: [ ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: رجل أم قوما وهم له كارهون ورجل لا يأتي الصلاة إلا دبارا ورجل اعتبد محررا ] والله أعلم
177 - 261 - مسألة: في أهل المذاهب الأربعة: هل تصح صلاة بعضهم خلف بعض؟ أم لا؟ وهل قال أحد من السلف إنه لا يصلي بعضهم خلف بعض؟ ومن قال ذلك فهل هو مبتدع؟ أم لا؟ وإذا فعل الإمام ما يعتقد أن صلاته معه صحيحة والمأموم يعتقد خلاف ذلك مثل أن يكون الإمام تقيأ أو رعف أو احتجم أو مس ذكره أو مس النساء بشهوة أو بغير شهوة أو قهقه في صلاته أو أكل لحم الإبل وصلى ولم يتوضأ والمأموم يعتقد وجوب الوضوء من ذلك أو كان الإمام لا يقرأ البسملة أو لم يتشهد التشهد الآخر أو لم يسلم من الصلاة والمأموم يعتقد وجوب ذلك فهل تصح صلاة المأموم والحال هذه؟ وإذا شرط في إمام المسجد أن يكون على مذهب معين فكان غيره أعلم بالقرآن والسنة منه وولي فهل يجوز ذلك؟ وهل تصح الصلاة خلفه؟ أم لا؟
الجواب: الحمد لله نعم ! تجوز صلاة بعضهم خلف بعض كما كان الصحابة والتابعون لهم بأحسان ومن بعدهم من الأئمة الأربعة يصلي بعضهم خلف بعض مع تنازعهم في هذه المسائل المذكورة وغيرها ولم يقل أحد من السلف إنه لا يصلي بعضهم خلف بعض ومن أنكر ذلك فهو مبتدع ضال مخالف للعتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها
وقد كان الصحابة والتابعون ومن بعدهم: منهم من يقرأ البسملة ومنهم من لا يقرأها ومنهم من يجهر بها ومنهم من لا يجهر بها وكان منهم من يقنت في الفجر ومنهم من لا يقنت ومنهم من يتوضأ من الحجامة والرعاف والقيء ومنهم من لا يتوضأ من ذلك ومنهم من يتوضأ من مس الذكر ومس النساء بشهوة ومنهم من لا يتوضأ من ذلك ومنهم من يتوضأ من القهقهة في صلاته ومنهم من لا يتوضأ من ذلك ومنهم من يتوضأ من أكل لحم الإبل ومنهم من لا يتوضأ من ذلك ومع هذا فكان بعضهم يصلي خلف بعض
مثل ما كان أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وغيرهم يصلون خلف أئمة أهل المدينة من المالكية وإن كانوا لا يقرأون البسملة لا سرا ولا جهرا وصلى أبو يوسف خلف الرشيد وقد احتجم وأفتاه مالك بإنه لا يتوضأ فصلى خلفه أبو يوسف ولم يعد
وكان أحمد بن حنبل يرى الوضوء من الحجامة والرعاف فقيل له: فإن كان الإمام قد خرج منه الدم ولم يتوضأ تصلي خلفه؟ فقال: كيف لا أصلي خلف سعيد ابن المسيب ومالك
وبالجملة فهذه المسائل لها صورتان:
إحداهما: أن لا يعرف المأموم أن إمامه فعل ما يبطل الصلاة فهنا يصلي المأموم خلفه باتفاق السلف والأئمة الأربعة وغيرهم وليس في هذا خلاف متقدم وإنما خالف بعض المتعصبين من المتأخرين: فزعم أن الصلاة خلف الحنفي لا تصح وإن أتى بالواجبات لأنه أداها وهو لا يعتقد وجوبها وقائل هذا القول إلى إن يستتاب كما يستتاب أهل البدع أحوج منه إلى أن يعتد بخلافه فإنه ما زال المسلمون على عهد النبي ﷺ وعهد خلفائه يصلي بعضهم ببعض وأكثر الأئمة لا يميزون بين المفروض والمسنون بل يصلون الصلاة الشرعية ولو كان العلم بهذا واجبا لبطلت صلوات أكثر المسلمين ولم يمكن الاحتياط فإن كثيرا من ذلك فيه نزاع وأدلة ذلك خفية وأكثر ما يمكن المتدين أن يحتاط من الخلاف وهو لا يجزم بأحد القولين فإن كان الجزم بأحدهما واجبا فأكثر الخلق لا يمكنهم الجزم بذلك وهذا القائل نفسه ليس معه إلا تقليد بعض الفقهاء ولو طولب بأدلة شرعية تدل على صحة قول إمامه دون غيره لعجز عن ذلك ولهذا لا يعتد بخلاف مثل هذا فإنه ليس من أهل الاجتهاد الصورة الثانية: أن يتيقن المأموم أن الإمام فعل ما لا يسوغ عنده: مثل أن يمس ذكره أو النساء لشهوة أو يحتجم أو يقتصد أو يتقيأ ثم يصلي بلا وضوء فهذه الصورة فيها نزاع مشهور:
فأحد القولين لا تصح صلاة المأموم لأنه يعتقد بطلان صلاة إمامه كما قال ذلك من قاله من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد
والقول الثاني: تصح صلاة المأموم وهو قول جمهور السلف وهو مذهب مالك وهو القول الآخر في مذهب الشافعي وأحمد بل وأبي حنيفة وأكثر نصوص أحمد على هذا وهذا هو الصواب لما ثبت في الصحيح وغيره عن النبي ﷺ أنه قال: [ يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطأوا فلكم وعليهم ] فقد بين ﷺ أن خطأ الإمام لا يتعدى إلى المأموم ولأن المأموم يعتقد أن ما فعله الإمام سائغ له وأنه لا إثم عليه فيما فعل فإنه مجتهد أو مقلد مجتهد وهو يعلم أن هذا قد غفر الله له خطأه فهو يعتقد صحة صلاته وأنه لا يأثم إذا لم يعدها بل لو حكم بمثل هذا لم يجز له نقض حكمه بل كان ينفذه وإذا كان الإمام قد فعل باجتهاده فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها والمأموم قد فعل ما وجب عليه كانت صلاة كل منهما صحيحة وكان كل منهما قد أدى ما يجب عليه وقد حصلت موافقة الإمام في الأفعال الظاهرة
وقول القائل: إن المأموم يعتقد بطلان صلاة الإمام خطأ منه فإن المأموم يعتقد أن الإمام فعل ما وجب عليه وإن الله قد غفر له ما أخطأ فيه وأن لا تبطل صلاته لأجل ذلك
ولو أخطأ الإمام والمأموم فسلم الإمام خطأ واعتقد المأموم جواز متابعته فسلم كما سلم المسلمون خلف النبي ﷺ لما سلم من اثنتين سهوا مع علمهم بأنه إنما صلى ركعتين وكما لو صلى خمسا سهوا فصلوا خلفه خمسا كما صلى الصحابة خلف النبي ﷺ لما صلى بهم خمسا فتابعوه مع علمهم بأنه صلى خمسا لاعتقادهم جواز ذلك فإنه تصح صلاة المأموم في هذه الحال
فكيف إذا كان المخطئ هو الإمام وحده وقد اتفقوا كلهم على أن الإمام لو سلم خطأ لم تبطل صلاة المأموم إذا لم يتابعه ولو صلى خمسا لم تبطل صلاة المأموم إذا لم يتابعه فدل ذلك على أن ما فعله الإمام خطأ لا يلزم فيه بطلان صلاة المأموم والله أعلم
178 - 262 - سئل: هل تصح صلاة المأموم خلف من يخالف مذهبه؟
أجاب: وأما صلاة الرجل خلف من يخالف مذهبه فهذه تصح باتفاق الصحابة والتابعين لهم بإحسان والأئمة الأربعة ولكن النزاع في صورتين:
إحداها: خلافها شاذ وهو ما إذا أتى الإمام بالواجبات كما يعتقده المأموم لكن لا يعتقد وجوبها مثل التشهد الأخير إذا فعله من لم يعتقد وجوبه والمأموم يعتقد وجوبه فهذا فيه خلاف شاذ والصواب الذي عليه السلف وجمهور الخلف صحة الصلاة
والمسألة الثانية: فيها نزاع مشهور إذا ترك الإمام ما يعتقد المأموم وجوبه مثل أن يترك قراءة البسملة سرا وجهرا والمأموم يعتقد وجوبها أو مثل أن يترك الوضوء من مس الذكر أو لمس النساء أو أكل لحم الإبل أو القهقهة أو خروج النجاسات أو النجاسة النادرة والمأموم يرى وجوب الوضوء من ذلك فهذا فيه قولان: أصحهما صحة صلاة المأموم وهو مذهب مالك وأصرح الروايتين عن أحمد في مثل هذه المسائل وهو أحد الوجهين في مذهب الشافعي بل هو المنصوص عنه فإنه كان يصلي خلف المالكية الذين لا يقرأون البسملة ومذهبه وجوب قراءتها والدليل على ذلك ما رواه البخاري وغيره عن النبي ﷺ أنه قال: [ يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطأوا فلكم وعليهم ] فجعل خطأ الإمام عليه دون المأموم
وهذه المسائل إن كان مذهب الإمام فيها هو الصواب فلا نزاع وإن كان مخطئا فخطأه مختص به والمنازع بقول: المأموم يعتقد بطلان صلاة إمامه وليس كذلك بل يعتقد أن الإمام يصلي باجتهاد أو تقليد إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر وهو ينفذ حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد وهذا أعظم من اقتدائه به فإن كان المجتهد حكمه باطلا لم يجز إنفاذ الباطل ولو ترك الإمام الطهارة ناسيا لم يعد المأموم عند الجمهور كما ثبت عن الخلفاء الراشدين مع أن الناسي عليه إعادة الصلاة والمتأول لا إعادة عليه
فإذا صحت الصلاة خلف من عليه الإعادة فلأن تصح خلف من لا إعادة عليه أولى والإمام يعيد إذا ذكر دون المأموم ولم يصدر من الإمام ولا من المأموم تفريط: لأن الإمام لا يرجع عن اعتقاده بقوله بخلاف ما إذا رأى على الإمام نجاسة ولم يحذره منها فإن المأموم هنا مفرط فإذا صلى يعيد لأن ذلك لتفريطه وأما الإمام فلا يعيد في هذه الصورة في أصح قولي العلماء كقول مالك والشافعي في القديم وأحمد في أصح الروايتين عنه
وعلم المأموم بحال الإمام في صورة التأويل يقتضي أنه يعلم أنه مجتهد مغفور له خطأه فلا تكون صلاته باطلة وهذا القول هو الصواب المقطوع له والله أعلم
179 - 263 - سئل: هل يقلد الشافعي حنفيا وعكس ذلك في الصلاة الوترية وفي جمع المطر؟ أم لا؟
الجواب: الحمد لله نعم ! يجوز للحنفي وغيره أن يقلد من يجوز الجمع من المطر لا سيما وهذا مذهب جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد
وقد كان عبد الله بن عمر يجمع مع ولاة الأمور بالمدينة إذا جمعوا في المطر وليس على أحد من الناس أن يقلد رجلا بعينه في كل ما يأمر به وينهى عنه ويستحبه إلا رسول الله ﷺ وما زال المسلمون يستفتون علماء المسلمين فيقلدون تارة هذا وتارة هذا فإذا كان المقلد يقلد في مسألة يراها أصلح في دينه أو القول بها أرجح أو نحو ذلك جاز هذا باتفاق جماهير علماء المسلمين لم يحرم ذلك لا أبو حنيفة ولا مالك ولا الشافعي ولا أحمد
وكذلك الوتر وغيره ينبغي للمأموم أن يتبع فيه إمامه فإن قنت قنت معه وإن لم يقنت لم يقنت وإن صلى بثلاث ركعات موصولة فعل ذلك وإن فصل فصل أيضا ومن الناس من يختار للمأموم أن يصل إذا فصل إمامه والأول أصح والله أعلم
264 - / 180 - سئل: عما إذا أدرك مع الإمام بعض الصلاة وقام ليأتي بما فاته فائتم به آخرون هل يجوز أم لا؟
الجواب: إذا أدرك مع الإمام بعضا وقام يأتي بما فاته فائتم به آخرون: جاز ذلك في أظهر قولي العلماء
265 - 181 - سئل: عن إمام يصلي صلاة الفرض بالناس ثم يصلي بعدها صلاة أخرى ويقول: هذه عن صلاة فاتتكم هل يسوغ هذا؟
أجاب: الحمد لله ليس للإمام الراتب أن يعتاد أن يصلي بالناس الفريضة مرتين فإن هذه بدعة مخالفة لسنة رسول الله ﷺ وسنة خلفائه الراشدين ولم يستحب ذلك أحد من أئمة المسلمين الأربعة وغيرهم لا أبي حنيفة ولا مالك ولا الشافعي ولا أحمد بن حنبل بل هم متفقون على أن الإمام إذا أعاد بأولئك المأمومين الصلاة مرتين دائما أن هذا بدعة مكروهة ومن فعل ذلك على وجه التقريب كان ضالا
وإنما تنازعوا في الإمام إذا صلى مرة ثانية بقوم آخرين غير الأولين
منهم من يجيز ذلك كالشافعي وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين ومنهم من يحرم ذلك كأبي حنيفة ومالك وأحمد في الرواية الأخرى عنه
ومن عليه فوائت فإنه يقضيها بحسب الإمكان أما كون الإمام يعيد الصلاة دائما مع الصلاة الحاضرة وأن يصلوا خلفه فهذا ليس بمشروع وإن قال: إني أفعل ذلك لأجل ما عليهم من الفوائت وأقل ما في هذا أنه ذريعة إلى أن يتشبه به الأئمة فتبقى به سنة يربو عليها الصغير وتغير بسببها شريعة الإسلام في البوادي ومواضع الجهل والله أعلم
182 - 266 - مسألة: في رجل صلى مع الإمام ثم حضر جماعة أخرى فصلى بهم إماما فهل يجوز ذلك؟ أم لا؟
الجواب: هذه المسألة هي مسألة اقتداء المفترض بالمتنفل فإن الإمام كان قد أدى فرضه فإذا صلى بغيره إماما فهذا جائز في مذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه وفيها قول ثالث في مذهب أحمد: أنه يجوز للحاجة ولا يجوز لغير حاجة فإذا كان ذلك الإمام هو القارئ وهو المستحق للإمامة دونهم ففعل ذلك في مثل هذه الحال حسن والله أعلم
183 - 267 - سئل: عن إمام مسجدين هل يجوز الاقتداء به؟ أم لا؟
أجاب: إذا أمكن أن يرتب فى كل مسجد إمام راتب فلا يصلح أن يرتب إمام في مسجدين فإذا صلى إماما في موضعين ففي صحة الصلاة الثانية لمن يؤدي فريضته خلاف بين العلماء فمذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين أن الفرض لا يسقط عن أهل المسجد الثاني والله أعلم
184 - 269 - سئل: عمن يصلي الفرض خلف من يصلي نفلا؟
الجواب: يجوز ذلك في أظهر قولي العلماء وهو مذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه
269 - / 185 - سئل: عما يفعله الرجل شاكا في وجوبه على طريق الاحتياط هل يأثم به المفترض؟
أجاب: قياس المذهب أنه يصح لأن الشاك يؤديها بنية الوجوب إذا كما قلنا في نية الاغماء وإن لم نقل بوجوب الصوم كما قلنا فيمن شك في انتقاض وضوئه يتوضأ
وكذلك صور الشك في وجوب طهارة أو صيام أو زكاة أو صلاة أو نسك أو كفارة أوغير ذلك بخلاف ما لو اعتقد الوجوب ثم تبين له عدمه فإن هذه خرج فيها خلاف لأنها في الحقيقة نفل لكنها في اعتقاده واجبة والمشكوك فيها هي في قصده واجبة والاعتقاد متردد
270 - / 186 - مسألة: فيمن وجد جماعة يصلون الظهر فأراد أن يقضي معهم الصبح فلما قام الإمام للركعة الثالثة فارقه بالسلام فهل تصح هذه الصلاة؟ وعلى أي مذهب تصح؟
الجواب: هذه الصلاة لا تصح في مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه وتصح في مذهب الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى والله أعلم
271 - / 187 - سئل: عمن وجد الصلاة قائمة فنوى الائتمام وظن أن إمامه زيد فتبين أنه عمرو هل يضره ذلك؟ وكذلك لو ظن الإمام في المأموم مثل ذلك؟
الجواب: إذا كان مقصوده أن يصلي خلف إمام تلك الجماعة كائنا من كان وظن أنه زيد فتبين أنه عمرو صحت صلاته كما لو اعتقد أنه أبيض فتبين أنه أسود أو اعتقد أن عليه كساء فتبين أنه عباءة ونحو ذلك من خطأ الظن الذي لا يقدح في الائتمام
وإن كان مقصوده أن يصلي خلف زيد ولو علم أنه عمرو لم يصل خلفه وكان عمرو فهذا لم يأتم به وإنما الأعمال بالنيات
وهل هو بمنزلة من صلى بلا ائتمام؟ أو تبطل صلاته؟ فيه نزاع كما لو كانت صلاة الإمام باطلة والمأموم لا يعلم فلا يضر المؤتم الجهل بعين الإمام إذا كان مقصوده أن يصلي خلف الإمام الذي يصلي بتلك الجماعة وكذلك الإمام لم يضره الجهل بعين المأمومين بل إذا نوى الصلاة بمن خلفه جاز
وقد قيل: إنه إذا عين فأخطأ بطلت صلاته مطلقا والصواب: الفرق بين تعيينه بالقصد بحيث يكون قصده أن لا يصلي إلا خلفه وبين تعيين الظن بحيث يكون قصده الصلاة خلف الإمام مطلقا لكن ظن أنه زيد والله أعلم
188 - 272 - مسألة: فيمن عمن صلى خلف الصف منفردا هل تصح صلاته أم لا؟ والأحاديث الواردة في ذلك هل هي صحيحة أم لا؟ والأئمة القائلون بهذا من غير الأئمة الأربعة: كحماد بن أبي سليمان وابن المبارك وسفيان الثوري والأوزاعي قد قال عنهم رجل - أعني عن هؤلاء الأئمة المذكورين - هؤلاء لا يلتفت إليهم فصاحب هذا الكلام ما حكمه؟ وهل يسوغ تقليد هؤلاء الأئمة لمن يجوز له التقليد؟ كما يجوز تقليد الأئمة الأربعة؟ أم لا؟
الجواب: الحمد لله من قول العلماء أنه لا تصح صلاة المنفرد خلف الصف لأن في ذلك حديثين عن النبي ﷺ أنه أمر المصلي خلف الصف بالإعادة وقال: [ لا صلاة لفذ خلف الصف ] وقد صحح الحديثين غير واحد من أئمة الحديث وأسانيدهما مما تقوم بهما الحجة بل المخالفون لهما يعتمدون في كثير من المسائل على ما هو أضعف إسنادا منهما وليس فيهما ما يخالف الأصول بل ما فيهما هو مقتضى النصوص المشهورة والأصول المقررة فإن صلاة الجماعة سميت جماعة لاجتماع المصلين في الفعل مكانا وزمانا فإذا أخلوا بالاجتماع المكاني أو الزماني مثل أن يتقدموا أو بعضهم على الإمام أو يتخلفوا عنه تخلفا كثيرا لغير عذر كان ذلك منهيا عنه باتفاق الأئمة وكذلك لو كانوا مفترقين غير منتظمين مثل أن يكون هذا خلف هذا وهذا خلف هذا كان هذا من أعظم الأمور المنكرة بل قد أمروا بالاصطفاف بل أمرهم النبي ﷺ بتقويم الصفوف وتعديلها وتراص الصفوف وسد الخلل وسد الأول فالأول كل ذلك مبالغة في تحقيق اجتماعهم على أحسن وجه بحسب الإمكان ولو لم يكن الاصطفاف واجبا لجاز أن يقف واحد خلف واحد وهلم جرا وهذا مما يعلم كل أحد علما عاما أن هذه ليست صلاة المسلمين ولو كان هذا مما يجوز لفعله المسلمون ولو مرة بل وكذلك إذا جعلوا الصف غير منتظم مثل: أن يتقدم هذا على هذا ويتأخر هذا عن هذا لكان ذلك شيئا قد علم نهي النبي ﷺ عنه والنهي يقتضي التحريم بل إذا صلوا قدام الإمام كان أحسن من مثل هذا
فإذا كان الجمهور لا يصححون الصلاة قدام الإمام إما مطلقا وإما لغير عذر فكيف تصح الصلاة بدون الاصطفاف فقياس الأصول يقتضي وجوب الاصطفاف وإن صلاة المنفرد لا تصح كما جاء به هذان الحديثان ومن خالف ذلك من العلماء فلا ريب أنه لم تبلغه هذه السنة من وجه يثق به بل قد يكون لم يسمعها وقد يكون ظن أن الحديث ضعيف كما ذكر ذلك بعضهم
والذين عارضوه احتجوا بصحة صلاة المرأة منفردة كما ثبت في الصحيح: [ أن أنسا واليتيم صفا خلف النبي ﷺ وصفت العجوز خلفهما ] وقد اتفق العلماء على صحة وقوفها منفردة إذا لم يكن في الجماعة امرأة غيرها كما جاءت به السنة واحتجوا أيضا بوقوف الإمام منفردا واحتجوا بحديث أبي بكرة لما ركع دون الصف ثم دخل في الصف فقال له النبي ﷺ: زادك الله حرصا ولا تعد وهذه حجة ضعيفة لا تقاوم حجة النهي عن ذلك وذلك من وجوه:
أحدها: أن وقوف المرأة خلف صف الرجال سنة مأمور بها ولو وقفت في صف الرجال لكان ذلك مكروها وهل تبطل صلاة من يحاذيها؟ فيه قولان للعلماء في مذهب أحمد وغيره
أحدهما: تبطل كقول أبي حنيفة وهو اختيار أبي بكر وأبي حفص من أصحاب أحمد
والثاني: لا تبطل كقول مالك والشافعي وهو قول ابن حامد والقاضي وغيرهما مع تنازعهم في الرجل الواقف معها: هل يكون فذا أم لا؟ والمنصوص عن أحمد بطلان صلاة من يليها في الموقف
وأما وقوف الرجل وحده خلف الصف فمكروه وترك للسنة باتفاقهم فكيف يقاس المنهى بالمأمور به وكذلك وقوف الإمام أمام الصف هو السنة فكيف يقاس المأمور به بالمنهى عنه والقياس الصحيح إنما هو قياس المسكوت على المنصوص أما قياس المنصوص على منصوص يخالفه فهو باطل باتفاق العلماء كقياس الربا على البيع وقد أحل الله البيع وحرم الربا
والثاني: أن المرأة وقفت خلف الصف لأنه لم يكن لها من تصافه ولم يمكنها مصافة الرجال: ولهذا لو كان معها في الصلاة امرأة لكان من حقها أن تقوم معها وكان حكمها حكم الرجل المنفرد عن صف الرجال
ونظير ذلك أن لا يجد الرجل موقفا إلا خلف الصف فهذا فيه نزاع بين المبطلين لصلاة المنفرد وإلا ظهر صحة صلاته في هذا الموضع لأن جميع واجبات الصلاة تسقط بالعجز وطرد هذا صحة صلاة المتقدم على الإمام للحاجة كقول طائفة وهو قول في مذهب أحمد
وإذا كان القيام والقراءة وإتمام الركوع والسجود والطهارة بالماء وغير ذلك يسقط بالعجز فكذلك الاصطفاف وترك التقدم وطرد هذا بقية مسائل الصفوف كمسألة من صلى ولم ير الإمام ولا من وراءه [ مع ] سماعه للتكبير وغير ذلك وأما الإمام فإنما قدم ليراه المأمومون فيأتمون به وهذا منتف في المأموم
وأما حديث أبي بكرة فليس فيه أنه صلى منفردا خلف الصف قبل رفع الإمام رأسه من الركوع فقد أدرك من الاصطفاف المأمور به ما يكون به مدركا للركعة فهو بمنزلة أن يقف وحده ثم يجيء آخر فيصافه في القيام فإن هذا جائز باتفاق الأئمة وحديث أبي بكرة فيه النهي بقوله: ولا تعد وليس فيه أنه أمره بإعادة الركعة كما في حديث الفذ فإنه أمره بإعادة الصلاة وهذا مبين مفسر وذلك مجمل حتى لو قدر أنه صرح في حديث أبي بكرة بأنه دخل في الصف بعد اعتدال الإمام - كما يجوز ذلك في أحد القولين في مذهب أحمد وغيره - لكان سائغا في مثل هذا دون ما أمر فيه بالإعادة فهذا له وجه وهذا له وجه
وأما التفريق بين العالم والجاهل كقول في مذهب أحمد فلا يسوغ فإن المصلي المنفرد لم يكن عالما بالنهي وقد أمره بالإعادة كما أمر الأعرابي المسيء في صلاته بالإعادة
وأما الأئمة المذكورون: فمن سادات أئمة الإسلام فإن الثوري إمام أهل العراق وهو عند أكثرهم أجل من أقرانه: كابن أبي ليلى والحسن بن صالح بن حي وأبي حنيفة وغيره وله مذهب باق إلى اليوم بأرض خراسان والأوزاعي إمام أهل الشام وما زالوا على مذهبه إلى المائة الرابعة بل أهل المغرب كانوا على مذهبه قبل أن يدخل إليهم مذهب مالك وحماد بن أبي سليمان: هو شيخ أبي حنيفة ومع هذا فهذا القول هو قول أحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه وغيرهما ومذهبه باق إلى اليوم وهو مذهب داود بن علي وأصحابه ومذهبهم باق إلى اليوم فلم يجمع الناس اليوم على خلاف هذا القول بل القائلون به كثير في المشرق والمغرب
وليس في الكتاب والسنة فرق في الأئمة المجتهدين بين شخص وشخص فمالك والليث بن سعد والأوزاعي والثوري هؤلاء أئمة في زمانهم وتقليد كل منهم كتقليد الآخر لا يقول مسلم إنه يجوز تقليد هذا دون هذا ولكن من منع من تقليد أحد هؤلاء في زماننا فإنما منعه لأحد شيئين:
أحدهما: اعتقاده أنه لم يبق من يعرف مذاهبهم وتقليد الميت فيه نزاع مشهور فمن منعه قال: هؤلاء موتى ومن سوغه قال: لا بد أن يكون في الاحياء من يعرف قول الميت
والثاني: أن يقول الإجماع اليوم قد انعقد على خلاف هذا القول وينبني ذلك على مسألة معروفة في أصول الفقه وهي: أن الصحابة مثلا أو غيرهم من أهل الأعصار إذا اختلفوا في مسألة على قولين ثم أجمع التابعون أو أهل العصر الثاني على أحدهما فهل يكون هذا إجماعا يرفع ذلك الخلاف؟ وفي المسألة نزاع مشهور في مذهب أحمد وغيره من العلماء فمن قال: إن مع إجماع أهل العصر الثاني لا يسوغ الأخذ بالقول الآخر واعتقد أن أهل العصر أجمعوا على ذلك يركب من هذين الاعتقادين المنع
ومن علم أن الخلاف القديم حكمه باق لأن الأقوال لا تموت بموت قائليها فإنه يسوغ الذهاب إلى القول الآخر للمجتهد الذي وافق اجتهاده
وأما التقليد فينبني على مسألة تقليد الميت وفيها قولان مشهوران أيضا في مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما
وأما إذا كان القول الذي يقول به هؤلاء الأئمة أو غيرهم قد قال به بعض العلماء الباقية مذاهبهم فلا ريب أن قوله مؤيد بموافقة هؤلاء ويعتضد به ويقابل بهؤلاء من خالفهم من أقرانهم فيقابل بالثوري والأوزاعي أبا حنيفة ومالك إذ الأمة متفقة على أنه إذا اختلف مالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة لم يجز أن يقال قول هذا هو الصواب دون هذا إلا بحجة والله أعلم
189 - 273 - مسألة: هل التبليغ وراء الإمام كان على عهد رسول الله ﷺ؟ أو في شيء من زمن الخلفاء الراشدين؟ فإن لم يكن فمع الأمن من إخلال شيء من متابعة الإمام والطمأنينة المشروعة واتصال الصفوف والاستماع للإمام من وراءه إن وقع خلل مما ذكر هل يطلق على فاعله البدعة؟ وهل ذهب أحد من علماء المسلمين إلى بطلان صلاته بذلك؟ وما حكم من اعتقد ذلك قربة فعله أو لم يفعله بعد التعريف؟
الجواب: لم يكن التبليغ والتكبير ورفع الصوت بالتحميد والتسليم على عهد رسول الله ﷺ ولا على عهد خلفائه ولا بعد ذلك بزمان طويل إلا مرتين مرة صرع النبي ﷺ عن فرس ركبه فصلى في بيته قاعدا فبلغ أبو بكر عنه التكبير كذا رواه مسلم في صحيحه ومرة أخرى في مرض موته بلغ عنه أبو بكر وهذا مشهور
مع أن ظاهر مذهب الإمام أحمد أن هذه الصلاة كان أبو بكر مؤتما فيها بالنبي ﷺ وكان إماما للناس فيكون تبليغ أبي بكر إماما للناس وإن كان مؤتما بالنبي ﷺ وهكذا قالت عائشة رضي الله عنها: كان الناس يأتمون بأبي بكر وأبو بكر يأتم بالنبي ﷺ ولم يذكر أحد من العلماء تبليغا على عهد رسول الله ﷺ إلا هاتين المرتين: لمرضه
والعلماء المصنفون لما احتاجوا أن يستدلوا على جواز التبليغ لحاجة لم يكن عندهم سنة عن رسول الله ﷺ إلا هذا وهذا يعلمه علما يقينيا من له خبرة بسنة رسول الله ﷺ
ولا خلاف بين العلماء إن هذا التبليغ لغير حاجة ليس بمستحب بل صرح كثير منهم أنه مكروه ومنهم من قال: تبطل صلاة فاعله وهذا موجود في مذهب مالك وأحمد وغيره وأما الحاجة لبعد المأموم أو لضعف الإمام وغير ذلك فقد اختلفوا فيه في هذه والمعروف عند أصحاب أحمد أنه جائز في هذا الحال وهو أصح قولي أصحاب مالك وبلغني أن أحمد توقف في ذلك وحيث جاز ولم يبطل فيشترط أن لا يخل بشيء من واجبات الصلاة
فأما إن كان المبلغ لا يطمئن بطلت صلاته عند عامة العلماء كما دلت عليه السنة وإن كان أيضا يسبق الإمام بطلت صلاته في ظاهر مذهب أحمد وهو الذي دلت عليه السنة وأقوال الصحابة وإن كان يخل بالذكر المفعول في الركوع والسجود والتسبيح ونحوه ففي بطلان الصلاة خلاف وظاهر مذهب أحمد أنها تبطل ولا ريب أن التبليغ لغير حاجة بدعة ومن اعتقده قربة مطلقة فلا ريب أنه إما جاهل وإما معاند وإلا فجميع العلماء من الطوائف قد ذكروا ذلك في كتبهم حتى في المختصرات قالوا: ولا يجهر بشيء من التكبير إلا أن يكون إماما ومن أصر على اعتقاد كونه قربة فإنه يعزر على ذلك لمخالفته الاجماع هذا أقل أحواله والله أعلم
274 - 190 - مسألة: هل يجوز أن يكبر خلف الإمام؟
الجواب: لا يشرع الجهر بالتكبير خلف الإمام الذي هو المبلغ لغير حاجة: باتفاق الأئمة فإن بلالا لم يكن يبلغ خلف النبي ﷺ هو ولا غيره ولم يكن يبلغ خلف الخلفاء الراشدين لكن لما مرض النبي ﷺ صلى بالناس مرة وصوته ضعيف وكان أبو بكر يصلي إلى جنبه يسمع الناس التكبير فاستدل العلماء بذلك على أنه يشرع التكبير عند الحاجة: مثل ضعف صوته فأما بدون ذلك فاتفقوا على أنه مكروه غير مشروع
وتنازعوا في بطلان صلاة من يفعله على قولين: والنزاع في الصحة معروف في مذهب مالك وأحمد وغيرهما غير أنه مكروه باتفاق المذاهب كلها والله أعلم
191 - 275 - مسألة: في التبليغ خلف الإمام: هل هو مستحب أو بدعة؟
الجواب: إما التبليغ خلف الإمام لغير حاجة فهو بدعة غير مستحبة باتفاق الأئمة وإنما يجهر بالتكبير الإمام كما كان النبي ﷺ وخلفاؤه يفعلون ولم يكن أحد يبلغ خلف النبي لكن لما مرض النبي ﷺ ضعف صوته فكان أبو بكر - رضي الله عنه - يسمع بالتكبير
وقد اختلف العلماء: هل تبطل صلاة المبلغ؟ على قولين في مذهب مالك وأحمد وغيرهما
276 - / 192 - مسألة: هل تجزئ الصلاة قدام الإمام أو خلفه في المسجد وبينهما حائل أم لا؟
الجواب: أما صلاة المأموم قدام الإمام ففيها ثلاثة أقوال للعلماء:
أحدها: إنها تصح مطلقا وإن قيل إنها تكره وهذا القول هو المشهور من مذهب مالك والقول القديم للشافعي
والثاني: إنها لا تصح مطلقا كمذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد في المشهور من مذهبهما
والثالث: إنها تصح مع العذر دون غيره مثل ما إذا كان زحمة فلم يمكنه أن يصلي الجمعة أو الجنازة الإقدام الإمام فتكون صلاته قدام الإمام خيرا له من تركه للصلاة وهذا قول طائفة من العلماء وهو قول في مذهب أحمد وغيره وهو أعدل الأقوال وأرجحها وذلك لأن ترك التقدم على الإمام غايته أن يكون واجبا من واجبات الصلاة في الجماعة والواجبات كلها تسقط بالعذر وإن كانت واجبة في أصل الصلاة فالواجب في الجماعة أولى بالسقوط ولهذا يسقط عن المصلي ما يعجز عنه من القيام والقراءة واللباس والطهارة وغير ذلك
وأما الجماعة فإنه يجلس في الأوتار لمتابعة الإمام ولو فعل ذلك مفردا عمدا بطلت صلاته وإن أدركه ساجدا أو قاعدا كبر وسجد معه وقعد معه لأجل المتابعة مع أنه لا يعتد له بذلك ويسجد لسهو الإمام وإن كان هو لم يسه
وأيضا ففي صلاة الخوف لا يستقبل القبلة ويعمل العمر الكثير ويفارق الإمام قبل السلام ويقضي الركعة الأولى قبل سلام الإمام وغير ذلك مما يفعله لأجل الجماعة ولو فعله لغير عذر بطلت صلاته
وأبلغ من ذلك أن مذهب أكثر البصريين وأكثر أهل الحديث: أن الإمام الراتب إذا صلى جالسا صلى المأمومون جلوسا لأجل متابعته فيتركون القيام الواجب لأجل المتابعة كما استفاضت السنن عن النبي ﷺ أنه قال: [ وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون ]
والناس في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
قيل: لا يؤم القاعد القائم وأن ذلك من خصائص النبي ﷺ: كقول مالك ومحمد بن الحسن
وقيل: بل يؤمهم ويقومون وأن الأمر بالقعود منسوخ كقول أبي حنيفة والشافعي
وقيل: بل ذلك محكم وقد فعله غير واحد من الصحابة بعد موت النبي ﷺ كأسيد بن حضير وغيره وهذا مذهب حماد بن زيد وأحمد بن حنبل وغيرهما وعلى هدا فلو صلوا قياما ففي صحة صلاتهم قولان
والمقصود هنا: أن الجماعة تفعل بحسب الإمكان فإذا كان المأموم لا يمكنه الائتمام بإمامه إلا قدامه كان غاية [ ما ] في هذا أنه قد ترك الموقف لأجل الجماعة وهذا أخف من غيره ومثل هذا أنه منهي عن الصلاة خلف الصف وحده فلو لم يجد من يصافه ولم يجذب أحدا يصلي معه صلى وحده خلف الصف ولم يدع الجماعة كما أن المرأة إذا لم تجد امرأة تصافها فإنها تقف وحدها خلف الصف باتفاق الأئمة وهو إنما أمر بالمصافة مع الإمكان لا عند العجز عن المصافة
فصل
وأما صلاة المأموم خلف الإمام: خارج المسجد أو في المسجد وبينهما حائل فإن كانت الصفوف متصلة جاز باتفاق الأئمة وإن كان بينهما طريق أو نهر تجري فيه السفن ففيه قولان معروفان هما روايتان عن أحمد:
أحدهما: المنع كقول أبي حنيفة
والثاني: الجواز كقول الشافعي
وأما إذا كان بينهما حائل يمنع الرؤية والاستطراق ففيها عدة أقوال في مذهب أحمد وغيره قيل: يجوز وقيل: لا يجوز وقيل: يجوز في المسجد دون غيره وقيل: يجوز مع الحاجة ولا يجوز بدون الحاجة ولا ريب أن ذلك جائز مع الحاجة مطلقا: مثل أن تكون أبواب المسجد مغلقة أو تكون المقصورة التي فيها الإمام مغلقة أو نحو ذلك
فهنا لو كانت الرؤية واجبة لسقطت للحاجة كما تقدم فإنه قد تقدم أن واجبات الصلاة والجماعة تسقط بالعذر وأن الصلاة في الجماعة خير من صلاة الإنسان وحده بكل حال