البداية والنهاية/الجزء الثالث/مقتل أبي البختري بن هشام
قال ابن إسحاق: وإنما نهى رسول الله ﷺ عن قتل أبي البختري لأنه كان أكف القوم عن رسول الله ﷺ وهو بمكة.
كان لا يؤذيه ولا يبلغه عنه شيء يكرهه، وكان ممن قام في نقض الصحيفة فلقيه المجذر بن ذياد البلوي حليف الأنصار.
فقال له: إن رسول الله ﷺ نهانا عن قتلك ومع أبي البختري زميل له خرج معه من مكة وهو جنادة بن مليحة وهو من بني ليث.
قال: وزميلي؟
فقال له المجذر: لا والله ما نحن بتاركي زميلك، ما أمرنا رسول الله إلا بك وحدك.
قال: لا والله إذا لأموتن أنا وهو جميعا لا يتحدث عني نساء قريش بمكة أني تركت زميلي حرصا على الحياة.
وقال أبو البختري وهو ينازل المجذر:
لن يترك ابن حرة زميله * حتى يموت أو يرى سبيله
قال فاقتتلا فقتله المجذر بن زياد وقال في ذلك:
إما جهلت أو نسيت نسبي * فأثبت النسبة إني من بلى
الطاعنين برماح اليزني * والطاعنين الكبش حتى ينحني
بشر بيتم من: أبوه البختري * أو بشرن بمثلها مني بني
أنا الذي يقال أصلي من بلى * أطعن بالصعدة حتى تنثني
وأعبط القرن بعصب مشرفي * أرزم للموت كإرزام المري
يذيقونه حد أسيافهم * يعلونه بعد ما قد عطب
فلا يرى مجذرا يفري فري
ثم أتى المجذر رسول الله ﷺ فقال: والذي بعثك بالحق لقد جهدت عليه أن يستائر فآتيك به فأبى إلا أن يقاتلني، فقاتلته فقتلته.