البداية والنهاية/الجزء الثالث/فصل بناء الحجرات لرسول الله حول مسجده الشريف
وبني لرسول الله ﷺ حول مسجده الشريف حُجر لتكون مساكن له ولأهله وكانت مساكن قصيرة البناء قريبة الفناء قال الحسن بن أبي الحسن البصري - وكان غلاما مع أمه خيرة مولاة أم سلمة -: لقد كنت أنال أطول سقف في حجر النبي ﷺ بيدي.
قلت: إلا أنه قد كان الحسن البصري شكلا ضخما طوالا رحمه الله.
وقال السهيلي (في الروض): كانت مساكنه عليه السلام مبنية من جريد عليه طين بعضها من حجارة مرضومة وسقوفها كلها من جريد.
وقد حكى عن الحسن البصري ما تقدم.
قال: وكانت حجره من شعر مربوطة بخشب من عرعر.
قال: وفي (تاريخ البخاري) أن بابه عليه السلام كان يقرع بالأظافير، فدلَّ على أنه لم يكن لأبوابه حلق.
قال: وقد أضيفت الحجر كلها بعد موت أزواج رسول الله ﷺ إلى المسجد.
قال الواقدي وابن جرير وغيرهما: ولما رجع عبد الله بن أريقط الدئلي إلى مكة بعث معه رسول الله ﷺ وأبو بكر زيد بن حارثة، وأبا رافع موليا رسول الله ﷺ ليأتوا بأهاليهم من مكة وبعثا معهم بحملين وخمسمائة درهم ليشتروا بها إبلا من قديد، فذهبوا فجاؤا ببنتي النبي ﷺ، فاطمة وأم كلثوم، وزوجتيه: سودة وعائشة، وأمها أم رومان، وأهل النبي ﷺ، وآل أبي بكر صحبة عبد الله بن أبي بكر.
وقد شرد بعائشة وأمها أم رومان الجمل في أثناء الطريق فجعلت أم رومان تقول: واعروساه، وابنتاه!
قالت عائشة: فسمعت قائلا يقول: أرسلي خطامه، فأرسلت خطامه فوقف بإذن الله وسلمنا الله عز وجل.
فتقدموا فنزلوا بالسنح، ثم دخل رسول الله ﷺ بعائشة في شوال بعد ثمانية أشهر كما سيأتي، وقدمت معهم أسماء بنت أبي بكر امرأة الزبير بن العوام وهي حامل متم بعبد الله بن الزبير كما سيأتي بيانه في موضعه من آخر هذه السنة.