البداية والنهاية/الجزء الثالث/فصل في موت أبي أمامة أسعد بن زرارة
ابن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار أحد النقباء الاثني عشر ليلة العقبة على قومه بني النجار، وقد شهد العقبات الثلاث وكان أول من بايع رسول الله ﷺ ليلة العقبة الثانية في قول، وكان شابا وهو أول من جمع بالمدينة في نقيع الخضمات في هزم النبيت كما تقدم.
قال محمد بن إسحاق وهلك في تلك الأشهر أبو أمامة أسعد بن زرارة والمسجد يبنى أخذته الذبحة - أو الشهقة -.
وقال ابن جرير في (التاريخ): أخبرنا محمد بن عبد الأعلى، ثنا يزيد بن زريع، عن معمر، عن الزهري، عن أنس أن رسول الله ﷺ كوى أسعد بن زرارة في الشوكة، رجاله ثقات.
قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة قال: قال رسول الله ﷺ: «بئس الميت أبو أمامة، ليهود ومنافقي العرب، يقولون لو كان نبيا لم يمت صاحبه، ولا أملك لنفسي ولا لصاحبي من الله شيئا».
وهذا يقتضي أنه أول من مات بعد مقدم النبي ﷺ، وقد زعم أبو الحسن بن الأثير في (أسد الغابة) أنه مات في شوال بعد مقدم النبي ﷺ بسبعة أشهر، فالله أعلم.
وذكر محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة: أن بني النجار سألوا رسول الله ﷺ أن يقيم لهم نقيبا بعد أبي أمامة أسعد بن زرارة فقال: «أنتم أخوالي وأنا بما فيكم وأنا نقيبكم».
وكره أن يخص بها بعضهم دون بعض.
فكان من فضل بني النجار الذي يعتدون به على قومهم أن كان رسول الله ﷺ نقيبهم.
قال ابن الأثير: وهذا يرد قول أبي نعيم وابن منده في قولهما: أن أسعد بن زرارة كان نقيبا على بني ساعدة، إنما كان على بني النجار، وصدق ابن الأثير فيما قال.
وقد قال أبو جعفر بن جرير في (التاريخ): كان أول من توفي بعد مقدمه عليه السلام المدينة من المسلمين - فيما ذكر - صاحب منزله كلثوم بن الهدم، لم يلبث بعد مقدمه إلا يسيرا حتى مات، ثم توفي بعده أسعد بن زرارة وكانت وفاته في سنة مقدمه قبل أن يفرغ بناء المسجد بالذبحة - أو الشهقة -.
قلت: وكلثوم بن الهدم بن امرئ القيس بن الحارث بن زيد بن عبيد بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي وهو من بني عمرو بن عوف وكان شيخا كبيرا أسلم قبل مقدم رسول الله ﷺ المدينة، ولما قدم رسول الله ﷺ المدينة ونزل بقباء نزل في منزل هذا في الليل؛ وكان يتحدث بالنهار مع أصحابه في منزل سعد بن الربيع رضي الله عنهما إلى أن ارتحل إلى دار بني النجار كما تقدم.
قال ابن الأثير: وقد قيل: إنه أول من مات من المسلمين بعد مقدم رسول الله ﷺ، ثم بعده أسعد بن زرارة، ذكره الطبري.