صيد الخاطر/فصل: من أدلة البعث
فصل: من أدلة البعث
إن الله عز وجل جعل لأحوال الآدمي أمثلة ليعتبر بها. فمن أمثلة أحواله القمر الذي يبتدئ صغيرا، ثم يتكامل بدرا، ثم يتناقض بانمحاق. وقد يطرأ عليه ما يفسده كالكسوف. فكذلك الآدمي أوله نطفة، ثم يترقى من الفساد إلى الصلاح، فإذا تم كان بمنزلة البدر الكامل. ثم تتناقض أحواله بالضعف، فربما هجم الموت قبل ذلك هجوم الكسوف على القمر. قال الشاعر:
والمرء مثل هلال عند طلعته يبدو ضئيلا لطيفا ثم يتسق
يزداد حتى إذا ما تم أعقبه كر الجديدين نقصا ثم ينمحق
ومن أمثلة حاله، دود القز فإنه يكون حيا إلى أن نبتدئ نبات قوته وهو ورق الفرصاد. فإذا اخضر الورق دبت الروح فيه. ثم ينتقل من حال إلى حال كإنتقال الطفل. ثم يرقد كغفلة الآدمي عن النظر في العواقب ثم ينتبه فيحرص على الأكل كحرص الشره على تحصيل الدنيا. ثم يسدي على نفسه كما يخطب الآدمي الأوزار على دينه، فيرتهن في ذلك الحبس كما يرتهن الميت في قبره. ثم يقرض فيخرج خلقا آخر كما تنشر الموتى غرلا بهما. وقد دله على البعث تكون النطفة كالميت. ثم تصير آدميا. وإلقاء الحب تحت الأرض فيفسد ثم يهتز خضرا. إذا المرء كانت له فكرة ففي كل شيء له عبرة