صيد الخاطر/فصل: السخط على البلايا
المظهر
فصل: السخط على البلايا
من نزلت به بلية، فأراد تمحيقها، فليتصورها أكثر مما هي تهن. وليتخايل ثوابها وليتوهم نزول أعظم منها، يرى الربح في الاقتصار عليها وليتلمح سرعة زوالها، فإنه لولا كرب الشدة، ما رجيب ساعات الراحة. وليعلم أن مدة مقامها عنده كمدة مقام الضيف فليتفقد حوائجه في كل لحظة، فيا سرعة انقضاء مقامه، ويا لذة مدائحه وبشره في المحافل، ووصف المضيف بالكرم. فكذلك المؤمن في الشدة ينبغي أن يراعي الساعات، ويتفقد فيها أحوال النفس. ويتلمح الجوارح، مخافة أن يبدو من اللسان كلمة، أو من القلب تسخط. فكأن قد لاح فجر الأجر، فانجاب ليل البلاء، ومدح الساري بقطع الدجي فما طلعت شمس الجزاء، إلا وقد وصل إلى منزل السلامة.