صيد الخاطر/فصل: في طريق الاستذكار
فصل: في طريق الاستذكار
[عدل]ما رأيت أصعب على النفس من الحفظ للعلم والتكرار له. وخصوصا تكرار ما ليس لها في تكراره وحفظه حظ، مثل مسائل الفقه، بخلاف الشعر والسجع، فإن لها لذة في إعادة وإن كان يصعب لأنها تلتذ به مرة ومرتين. فإذا زاد التكرار صعب عليها، ولكن دون صعوبة الفقه وغيره من المستحسنات عند الطبع، فتراها تخلد إلى الحديث والشعر والتصانيف والنسخ لأنه يمر بها كل لحظة ما لم تره، فهو في المعنى كالماء الجاري، لأنه جزء بعد جزء. كذا من ينسخ ما يحب أن يسمعه أو يصنف، فإنه يلتذ بالجدة ويستريح من تعب الإعادة. إلا أنه ينبغي للعاقل أن يكون جل زمانه للإعادة، خصوصا الصبي والشاب، فإنه يستقر المحفوظ عندهما استقرار لا يزول. ويجعل أوقات التعب من الإعادة للنسخ، ويحذر من تفلتها إلى النسخ عند الإعادة فيقهرها، فإنه يحمد ذلك حمد السرى وقت الصباح. وسيندم من لم يحفظ ندم الكسعي وقت الحاجة إلى النظر والفتوى. وفي الحظ نكته ينبغي أن تلحظ، وهو أن الفقيه يحفظ الدرس ويعيده ثم يتركه فينساه فيحتاج إلى زمان آخر لحفظه، فينبغي أن يحكم الحفظ ويكثر التكرار ليثبت قاعدة الحفظ.