صيد الخاطر/فصل: ما العيش إلا في الجنة
المظهر
فصل: ما العيش إلا في الجنة
تفكرت في نفسي فرأيتني مفلسا من كل شيء. إن إعتمدت الزوجة لم تكن كما أريد. إن حسنت صورتها لم تكمل أخلاقها، وإن تمت أخلاقها كانت مريدة لعرضها لا لي، ولعلها تنتظر رحيلي. وإن اعتمدت على الولد فكذلك، والخادم، والمريد لي كذلك، فإن لم يكن لهما مني فائدة لم يرداني. وأما الصديق فليس ثم، وأخ في الله كعنقاء مغرب، ومعارف يفقدون أهل الخير، ويعتقدون فيهم قد عدموا، وبقيت وحدي. وعدت إلى نفسي ـ وهي لا تصفو إلي أيضا ولا تقيم على حالة سليمة ـ فلم يبق إلا الخالق سبحانه، فرأيت أني إن إعتمدت على إنعامه فما آمن ذلك البلاء، وإن رجوت عفوه فما آمن عقوبته، فوا أسفا لا طمأنينة ولا قرار. وآقلقي من قلقي، وآحرقي من حرقي. بالله ما العيش إلا في الجنة، حيث يقع اليقين بالرضى، والمعاشرة لمن لا يخون ولا يؤذي. فأما الدنيا فما هي دار ذاك.