البداية والنهاية/الجزء الثامن/قصته مع ليلى بنت الجودي ملك عرب الشام
قال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن الضحاك الحزامي، عن أبيه: أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قدم الشام في تجارة - يعني: في زمان جاهليته - فرأى امرأة يقال لها: ليلى ابنة الجودي على طنفسة لها، وحولها ولائدها فأعجبته.
قال ابن عساكر: رآها بأرض بصرى، فقال فيها:
تذكرت ليلى والسماوة دونها * فمال ابنة الجودي ليلى وماليا
وإني تعاطى قلبه حارثية * تؤمن بصرى أوتحل الحوابيا
وإني بلاقيها بلى ولعلها * إن الناس حجوا قابلا أن توافيا
قال: فلما بعث عمر بن الخطاب جيشه إلى الشام قال للأمير على الجيش: إن ظفرت بليلى بنت الجودي عنوة فادفعها إلى عبد الرحمن بن أبي بكر، فظفر بها فدفعها إليه فأعجب بها وآثرها على نسائه حتى جعلن يشكونها إلى عائشة، فعاتبته عائشة على ذلك.
فقال: والله كأني أرشف بأنيابها حب الرمان، فأصابها وجع سقط له فوها، فجفاها حتى شكته إلى عائشة، فقالت له عائشة: يا عبد الرحمن، لقد أحببت ليلى فأفرطت، وأبغضتها فأفرطت، فإما أن تنصفها، وإما أن تجهزها إلى أهلها.
قال الزبيري: وحدثني عبد الله بن نافع، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال.
إن عمر بن الخطاب نفل عبد الرحمن بن أبي بكر ليلى بنت الجودي حين فتح دمشق، وكانت ابنة ملك دمشق - يعني: ابنة ملك العرب الذين حول دمشق - والله أعلم.