البداية والنهاية/الجزء الثامن/سحبان بن زفر بن إياس
ابن عبد شمس بن الأجب الباهلي الوائلي، الذي يضرب بفصاحته المثل.
فيقال: أفصح من سحبان وائل، ووائل هو ابن معد بن مالك بن أعصر بن سعد بن قيس بن غيلان بن مضر بن نزار، وباهلة امرأة مالك بن أعصر، ينسب إليها ولدها، وهي باهلة بنت صعب بن سعد العشيرة.
قال ابن عساكر: سحبان المعروف: بسحبان وائل، بلغني أنه وفد إلى معاوية فتكلم فقال معاوية: أنت الشيخ؟
فقال: إي والله وغير ذلك، ولم يزد ابن عساكر على هذا، وقد نسبه ابن الجوزي في كتابه المنتظم كما ذكرنا.
ثم قال: وكان بليغا بليغا يضرب المثل بفصاحته، دخل يوما على معاوية وعنده خطباء القبائل.
فلما رأوه خرجوا لعلمهم بقصورهم عنه، فقال سحبان:
لقد علم الحي اليمانون أنني * إذا قلت أما بعد أني خطيبها
فقال له معاوية: أخطب!
فقال: أنظروا لي عصى تقيم من أودي.
فقالوا: وماذا تصنع بها وأنت بحضرة أمير المؤمنين؟
فقال: ما كان يصنع بها موسى وهو يخاطب ربه، فأخذها وتكلم من الظهر إلى أن قاربت العصر، ما تنحنح ولا سعل ولا توقف ولا ابتدأ في معنى فخرج عنه وقد بقيت عليه بقية فيه.
فقال معاوية: الصلاة!
فقال: الصلاة أمامك، ألسنا في تحميد وتمجيد وعظة وتنبيه، وتذكير ووعد ووعيد؟
فقال معاوية: أنت أخطب العرب.
قال: العرب وحدها؟ بل أخطب الجن والإنس.
قال: كذلك أنت.