البداية والنهاية/الجزء الثامن/عبد الله بن صفوان
ابن أمية بن خلف الجمحي أبو صفوان المكي، وكان أكبر ولد أبيه، أدرك حياة النبي ﷺ، وروى عن عمر وجماعة من الصحابة، وحدث عنه خلق من التابعين.
وكان سيدا شريفا مطاعا، حليما يحتمل الأذى، لو سبه عبد أسود ما استنكف عنه، ولم يقصده أحد في شيء فرده خائبا، ولا سمع بمفازة إلا حفر جبا أو عمل فيها بركة، ولا عقبة إلا سهلها.
وقيل: إن المهلب بن أبي صفرة قدم على ابن الزبير من العراق فأطال الخلوة معه، فجاء ابن صفوان فقال: من هذا الذي شغلك منذ اليوم؟
قال: هذا سيد العرب من أهل العراق.
فقال: ينبغي أن يكون المهلب.
فقال المهلب لابن الزبير: ومن هذا الذي يسأل عني يا أمير المؤمنين؟
قال: هذا سيد قريش بمكة.
فقال: ينبغي أن يكون عبد الله بن صفوان، وكان ابن صفوان كريما جدا.
وقال الزبير بن بكار بسنده: قدم معاوية حاجا فتلقاه الناس فكان ابن صفوان في جملة من تلقاه، فجعل يساير معاوية وجعل أهل الشام يقولون: من هذا الذي يساير أمير المؤمنين؟
فلما انتهى إلى مكة إذا الجبل أبيض من الغنم.
فقال: يا أمير المؤمنين هذه غنم أجزتكها، فإذا هي ألفا شاة.
فقال أهل الشام: ما رأينا أكرم من ابن عم أمير المؤمنين.
كان ابن صفوان من جملة من صبر مع ابن الزبير حين حصره الحجاج، فقال له ابن الزبير: إني قد أقلتك بيعتي فاذهب حيث شئت.
فقال: إني إنما قاتلت عن ديني.
ثم صبر نفسه حتى قتل وهو متعلق بأستار الكعبة في هذه السنة، رحمه الله وأكرمه.