كتاب الأحكام الشرعية الكبرى/كتاب الإيمان/باب بدء الوحي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


باب بدء الوحي[عدل]

مسلم: حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح، أنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، حدثني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي أخبرته أنها قالت: " كان أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. ثم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء يتحنث - فيه وهو التعبد - الليالي أولات العدد قبل أن يرجع إلى أهله ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجه فيتزود لمثلها، حتى فجئه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: أقرأ. قال: ما أنا بقارئ. قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ. قال: [قلت: ما أنا بقارئ. قال:] فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ. فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم} فرجع بها رسول الله ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال: زملوني زملوني. فزملوه حتى ذهب عنه ما يجد من الروع ثم قال لخديجه: أي خديجة، ما لي. وأخبرها الخبر، قال: لقد خشيت على نفسي. قالت له خديجة: كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، والله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجه حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى - وهو ابن عم خديجة أخي أبيها، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي ويكتب من الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي - فقالت له خديجه: أي عم، اسمع من ابن أخيك. قال ورقة بن نوفل: يا ابن أخي، ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله خبر ما رأي، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي أنزل على موسى يا ليتني فيها جذعا، يا ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك. قال رسول الله: أو مخرجي هم ؟ قال ورقة " نعم، لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ".

وحدثني محمد بن رافع، ثنا عبد الرزاق، أنا معمر قال: قال الزهري وأخبرني عروة، عن عائشة أنها قالت: " أول ما بدئ به رسول الله من الوحي... " وساق الحديث بمثل حديث يونس غير أنه قال: " فوالله، لا يحزنك الله أبدا " وقال: " قالت خديجه: أي ابن عم، اسمع من ابن أخيك " تابع يونس على قوله: " لا يحزنك الله " عقيل بن خالد عن الزهري وقال: " يرجف فؤاده ".

مسلم: حدثنا زهير بن حرب، ثنا الوليد بن مسلم، حدثني الأوزاعي، سمعت يحيى يقول: " سألت أبا سلمة، أي القرآن أنزل قبل ؟ قال: " يا أيها المدثر ". فقلت: أو " اقرأ " ؟ فقال: سألت جابر بن عبد الله أي القرآن أنزل قبل ؟ قال: " يا أيها المدثر " فقلت: أو " اقرأ " قال جابر: أحدثكم ما حدثنا رسول الله قال: جاورت بحراء شهرا فلما قضيت جواري ونزلت، فاستبطنت بطن الوادي، فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أر أحدا، ثم نوديت فنظرت فلم أر أحدا، ثم نوديت فرفعت رأسي، فإذا هو على العرش في الهواء - يعني جبريل فأخذتني رجفة شديدة، فأتيت خديجة فقلت: دثروني فدثروني، فصبوا علي ماء، فأنزل الله عز وجل {يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر}.

مسلم: حدثني أبو الطاهر، أنا ابن وهب، حدثني يونس، قال ابن شهاب: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أنا جابر عن عبد الله الأنصاري - وكان من أصحاب رسول الله كان يحدث قال: " قال رسول الله - وهو يحدث عن فترة الوحي قال في حديثه -: فبينما أنا أمشي سمعت صوتا من السماء، فرفعت رأسي، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالسا على كرسي بين السماء والأرض. قال رسول الله : فجئثت منه فرقا، فرجعت فقلت: زملوني زملوني، فدثروني، فأنزل الله - عز وجل -: {يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر} وهي الأوثان قال: ثم تتابع الوحي ".

قال: وحدثني عبد الملك بن شعيب بن الليث، حدثني أبي، عن جدي، حدثني عقيل بن خالد، عن ابن شهاب قال: سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول: أخبرني جابر بن عبد الله، أنه سمع رسول الله يقول: " ثم فتر الوحي عني فترة، فبينما أنا أمشي... " فذكر مثل حديث يونس غير أنه قال: " فجئثت منه فرقا، حتى هويت إلى الأرض - قال: وقال أبو سلمة: " والرجز: الاوثان " - قال: ثم حمي الوحي بعد وتتابع ".

مسلم: حدثني عمرو بن محمد الناقد، ثنا يعقوب بن إبراهيم، ثنا أبي، عن صالح - وهو ابن كيسان - عن ابن شهاب، أخبرني أنس بن مالك " أن الله تابع الوحي على رسول الله قبل وفاته حتى توفي، وأكثر ما كان الوحي يوم توفي رسول الله ".

مسلم: حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا ليث، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله قال: " ما من الأنبياء من نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحي الله إلي، وأرجو أن أكون أكثرهم تبعا يوم القيامة ".


كتاب الأحكام الشرعية الكبرى لعبد الحق الإشبيلي: كتاب الإيمان
بيان النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام والإيمان | إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة وكان الاستسلام أو الخوف | ما جاء أن الإسلام علانية والإيمان في القلب | بيان ما بني عليه الإسلام | حسن إسلام المرء | التفضيل بين المسلمين المؤمن والمسلم | أي الإسلام أفضل | قول النبي صلى الله عليه وسلم أنا أعلمكم بالله | المعرفة | ما تبلغ به حقيقة الإيمان | قول النبي صلى الله عليه وسلم نحن أحق بالشك من إبراهيم | وجوب الشهادتين باللسان واعتقادهما | قبول ظواهر الناس في الأعمال ووكل سرائرهم إلى الله | ثواب من مات مقرا بالشهادتين مخلصا بها | من شهد عند الموت أن لا إله إلا الله شهد له بها عند الله | أول ما يدعى إليه الناس من فرائض الإيمان والشهادة | حق الله على العباد أن يعبدوه وحقهم عليه ألا يعذبهم إذا فعلوا ذلك | من اقتصر على أداء الفرائض | فضل من زاد على الفرائض | الإيمان قول وعمل ونية ويزيد وينقص وبعضه أفضل من بعض وقوله تعالى | تفاضل أهل الإيمان فيه | تسمية الإيمان عملا والعمل إيمانا | شعب الإيمان وأيها أفضل | الإيمان أفضل الأعمال | الصلاة من الإيمان | الزكاة من الإيمان | صيام رمضان من الإيمان | حج البيت من الإيمان | الجهاد من الإيمان | أداء الخمس من الإيمان | تطوع قيام رمضان من الإيمان | إفشاء السلام وإطعام الطعام من الإيمان | إكرام الضيف من الإيمان | الإحسان إلى الجار من الإيمان | الحياء والعي شعبتان من الإيمان | تغيير المنكر من الإيمان | من الإيمان أن ينصف من نفسه | الحب في الله والبغض فيه من الإيمان | حب الأنصار آية من الإيمان | قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي لا يحبه إلا مؤمن | لا يؤمن حتى يكون الرسول أحب إليه من نفسه وماله | لا يؤمن حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه | بيان الثلاث الخلال اللاتي من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان | ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا | الإيمان يمان | الدين النصيحة | فضل من استبرأ لدينه | قول الله تعالى إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا | الدين يسر | أي الدين والعمل أحب إلى الله | الحذر على الأعمال الصالحة وخوف المؤمن أن يحبط (عمله) | الفرار بالدين من الفتن | أسلمت على ما أسلفت من الخير | حكم من أساء في جاهليته وإسلامه | حكم من هم بحسنة أو سيئة فعملها أو تركها | قول الله تعالى وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله | ما جاء من تجاوز الله سبحانه عن حديث النفس | ما أمر به العبد عند وسوسة الشيطان | ما جاء أن كراهية الوسوسة والرد لها صريح الإيمان | رفع الخطأ والنسيان عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم وما استكرهوا عليه | لا ينفع يوم القيامة مع الكفر عمل صالح | ما جاء أن الكافر يطعم بحسناته في الدنيا | الكف على من أصلح علانيته ولا يفتش عن سريرته | قول النبي صلى الله عليه وسلم إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر | الأعمال بخواتيهما | مثل المسلمين وأهل الكتابين | اتباع المسلمين سنن أهل الكتابين | فضل من أدرك النبي عليه السلام من أهل الكتاب فآمن به | ما بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عليه من ترك المعاصي | المعاصي من أمر الجاهلية | كفر دون كفر وظلم دون ظلم | ترك الصلاة كفر | قتال المسلم كفر | ما جاء أن النياحة والطعن في النسب كفر | ما جاء أن الاستمطار بالنجوم كفر | ما جاء أنه من ادعى لغير أبيه فقد كفر | إذا أبق العبد من مواليه فقد كفر | إذا كفر أخاه رجع عليه إن لم يكن أخوه كذلك | علامة المنافق | ذكر الخلال التي لا يفعلها وهو مؤمن | خروج الإيمان عن الزاني حين زناه | ذكر الخلال التي تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من فاعلها أو قال فيه ليس منا | ذكر خلال ورد الخبر في فاعليها | ذكر خلال ورد الخبر | ذكر خلال ورد لعن فاعليها عن النبي صلى الله عليه وسلم | مما سمي كبيرة أو دل على أنه كبيرة | منه وما جاء في القاتل نفسه | التوبة تهدم ما مكان قبلها والإسلام يهدم ما كان قبله | ما جاء أن المسلم إذا عوقب بذنبه في الدنيا فهو له كفارة | من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله غفر ذنبه ودخل الجنة وإن وقع في الكبائر | ما جاء أن الجنة لا يدخلها إلا مؤمن | الشفاعة لأهل الكبائر وإخراجهم من النار بالإيمان ودخلولهم الجنة | دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لأمته | ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء تبعا وأول الناس يشفع | بدء الوحي | كيف كان الوحي يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وذكر حالات كان عليها حين يأتيه الوحي والملك | ذكر الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم | حيث انتهي بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به | ذكر من رآه النبي من الأنبياء ليلة أسري به صلى الله عليهم | صلاة النبي بالأنبياء ليلة أسري به صلى الله عليهم | انقطاع النبوة والرسالة بعد محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم | قول الله تعالى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها | ما أحصي من أسمائه في القرآن | ما ورد من أسمائه تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم اسمه السيد | من جعل الدهر اسما من أسماء الله تعالى | قول الله عز وجل وكان الله سميعا بصيرا | قوله تعالى وكان الله على كل شيء قديرا | قوله تعالى وتوكل على الحي الذي لا يموت | قول تعالى فأجره حتى يسمع كلام الله | قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا تكلم الله بالوحي | قول الله تعالى وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب | قول النبي صلى الله عليه وسلم ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله تعالى | من كلام الرب جل جلاله | قول الله تعالى عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا | في المشيئة والإرادة وما تشاءون إلا أن يشاء الله | قوله تعالى كل شيء هالك إلا وجهه | قول الله تعالى ويحذركم الله نفسه | قول النبي صلى الله عليه وسلم لا شخص أغير من الله | قل أي شيء أكبر شهادة قل الله | ما يذكر في الذات | سؤال النبي صلى الله عليه وسلم السودان أين الله | وكان عرشه على الماء | قوله وهو معكم أين ما كنتم | ما جاء أن قل هو الله أحد صفة الرحمن جل جلاله | قوله تعالى لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وقوله ولقد رآه بالأفق المبين | قول الله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة | في الرد علة الجهمية | قوله تعالى إن ربك هو الخلاق العليم | قوله تعالى لا تأخذه سنة ولا نوم | قوله تعالى وما يعلم جنود ربك إلا هو | قوله تعالى كل يوم هو في شأن