السيرة الحلبية/سرية عمير بن عدي الخطمي الضرير إلى عصماء
أي بالمد: بنت مروان اليهودية، وكانت متزوجة في بني خطمة، وكان زوجها مرثد بن زيد بن حصين الأنصاري أسلم بعد ذلك .
بعث رسول الله ﷺ عمير بن عدي الخطمي، وهو أول من أسلم من بني خطمة إلى قتل عصماء بنت مروان، لأنها كانت تسب الإسلام وتؤذي النبي ﷺ في شعر لها، وتحرّض عليه، فجاءها عمير في جوف الليل حتى دخل عليها بيتها وحولها نفر من ولدها نيام وعلى صدرها صبي ترضعه فمسها بيده ونحى الصبي عن صدرها، ووضع سيفه على صدرها وتحامل عليه حتى أنفذه من ظهرها ثم صلى الصبح مع النبي ﷺ بالمدينة، فقال له رسول الله، أقتلت ابنة مروان؟ فقال: نعم، فهل عليّ في ذلك من شيء؟ فقال: لا ينتطح فيها عنزان: أي الأمر في قتلها هين لا يعارض فيه معارض، وهذه الكلمة من جملة الكلمات التي لم تسمع إلا من النبي، وقد جمع غالبها في النور في هذا المحل، قال: وسمى رسول الله ﷺ عميرا هذا بالبصير، لأن عمر بن الخطاب ، قال: انظروا إلى هذا الأعمى الذي يسري في طاعة الله تعالى، فقال رسول الله ﷺ: لا تقل الأعمى، ولكن البصير.
وفي رواية أنه لما قال: ألا رجل يكفينا هذه؟ يعني عصماء بنت مروان، فقال عمير بن عدي: أنا لها، فأتاها وكانت تمارة: أي تبيع التمر، فقال لها: أعندك أجود من هذا التمر، لتمر بين يديها؟ قالت نعم، فدخلت إلى البيت وانكبث لتأخذ شيئا من التمر، فالتفت يمينا وشمالا فلم يشعر بأحد، فضرب رأسها حتى قتلها، فليتأمل هذا مع ما قبله.
ثم إنّ عميرا أتى المسجد فصلى الصبح مع رسول الله، فلما انصرف من صلاته نظر إليه، فقال له: أقتلت ابنة مروان؟ قال نعم، فقال النبي: «إذا أحببتم أن تنظروا إلى رجل نصر الله ورسوله فانظروا إلى عمير، فلما رجع عمير إلى منزل بني خطمة وجد بنيها في جماعة يدفنونها، فقالوا: يا عمير أنت قتلتها؟ قال: نعم فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون: والذي نفسي بيده لو قلتم بأجمعكم ما قالت لأضربنكم بسيفي هذا حتى أموت أو أقتلكم، فيومئذ ظهر الإسلام في بني خطمة، وكان يخفي إسلامه من أسلم منهم، لكن جاء في رواية أنها كانت تلقي خرق الحيض في مسجد بني خطمة فليتأمل.
وفي رواية أنه لما أهدر دم عصماء نذر عمير إن رد الله رسوله من بدر إلى المدينة سالما ليقتلنها، فلما رجع رسول الله ﷺ من بدر إلى المدينة عدا عليها عمير فقتلها. وفي كلام السهيلي أن الذي قتل عصماء بعلها.
وقد يقال: لا مخالفة لأن عميرا جاز أن يكون كان بعلا لها قبل مرثد بن زيد. وذكر في الاستيعاب في ترجمة عمير أنه قتل أخته لسبها رسول الله ﷺ ولم يسمها.
أقول: الظاهر أنها كانت غير عصماء، لأن نسب عصماء غير نسب عدي، إلا أن يقال إنها أخته لأمه ويبعده ما تقدم من أنه كان زوجا لها، والله أعلم * وبعث * وفي الأصل تبعا لشيخه الحافظ الدمياطي.