مجموع الفتاوى/المجلد السادس عشر/فصل في ما ينبغي أن يعرف
فصل في ما ينبغي أن يعرف
ومما ينبغي أن يعرف؛ أنا لا نقول: إن الشيء لا يعرف إلا بإثبات جميع لوازمه. هذا لا يقوله عاقل، بل قد تعرف عامة الأشياء وكثير من لوازمها لا تعرف، وقد يعلم المسلمون أن الرب على كل شيء قدير وأنه يفعل ما يشاء، وهم لا يعرفون كثيرًا من لوازم القدرة والمشيئة. لكن أهل الاستقامة كما لا يعرفون اللوازم فلا ينفونها، فإن نفيها خطأ.
وأما عدم العلم بها كلها فهذا لازم لجميع الناس فسبحان من أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا. وما سواه { وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء } 1، وهو سبحانه { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا } 2.
ولكن المقصود بيان أن المخالفين للرسول ﷺ ولو في كلمة لابد أن يكون في قولهم من الخطأ بحسب ذلك. وأن الأدلة العقلية والسمعية المنقولة عن سائر الأنبياء توافق ما جاء به الرسول ﷺ، وتناقض ما يقوله أهل البدع المخالفون للكتاب والسنة.
وإذا قالوا: إن العقل يخالف النقل، أخطؤوا في خمسة أصول:
أحدها: أن العقل الصريح لا يناقضه.
الثاني: أنه يوافقه.
الثالث: أن ما يدعونه من العقل المعارض ليس بصحيح.
الرابع: أن ما ذكروه من المعقول المعارض هو المعارض للمعقول الصريح.
الخامس: أن ما أثبتوا به الأصول كمعرفة البارى وصفاته لا يثبتها، بل يناقض إثباتها.
هامش