البداية والنهاية/الجزء التاسع/ثم دخلت سنة ثمان وثمانين

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



ثم دخلت سنة ثمان وثمانين


فيها غزا الصائفة مسلمة بن عبد الملك وابن أخيه العباس بن الوليد بن عبد الملك، فافتتحا بمن معهما من المسلمين حصن طوانه في جمادى من هذه السنة - وكان حصينا منيعا - اقتتل الناس عنده قتالا عظيما ثم حمل المسلمون على النصارى فهزموهم حتى أدخلوهم الكنيسة، ثم خرجت النصارى فحملوا على المسلمين فانهزم المسلمون ولم يبق أحد منهم في موقفه إلا العباس بن الوليد ومعه ابن محيريز الجمحي، فقال العباس لابن محيريز: أين قراء القرآن الذين يريدون وجه الله عز وجل؟ فقال: نادهم يأتوك، فنادى يا أهل القرآن، فتراجع الناس فحملوا على النصارى فكسروهم ولجأوا إلى الحصن فحاصروهم حتى فتحوه.

وذكر ابن جرير: أنه في شهر ربيع الأول من هذه السنة قدم كتاب الوليد على عمر بن عبد العزيز يأمره بهدم المسجد النبوي وإضافة حجر أزواج رسول الله ()، وأن يوسعه من قبلته وسائر نواحيه، حتى يكون مائتي ذراع في مائتي ذراع، فمن باعك ملكه فاشتره منه وإلا فقوِّمه له قيمة عدل ثم اهدمه وادفع إليهم أثمان بيوتهم، فإن لك في ذلك سلف صدق عمر وعثمان.

فجمع عمر بن عبد العزيز وجوه الناس والفقهاء العشرة وأهل المدينة وقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين الوليد، فشق عليهم ذلك وقالوا: هذه حجر قصيرة السقوف وسقوفها من جريد النخل، وحيطانها من اللبن، وعلى أبوابها المسوح، وتركها على حالها أولى لينظر إليها الحجاج والزوار والمسافرون، وإلى بيوت النبي () فينتفعوا بذلك ويعتبروا به، ويكون ذلك أدعى لهم إلى الزهد في الدنيا، فلا يعمرون فيها إلا بقدر الحاجة وهو ما يستر ويُكن، ويعرفون أن هذا البنيان العالي إنما هو من أفعال الفراعنة والأكاسرة، وكل طويل الأمل راغب في الدنيا وفي الخلود فيها.

فعند ذلك كتب عمر بن عبد العزيز إلى الوليد بما أجمع عليه الفقهاء العشرة المتقدم ذكرهم، فأرسل إليه يأمره بالخراب وبناء المسجد على ما ذكر، وأن يعلى سقوفه.

فلم يجد عمر بدا من هدمها، ولما شرعوا في الهدم صاح الأشراف ووجوه الناس من بني هاشم وغيرهم، وتباكوا مثل يوم مات النبي ()، وأجاب من له ملك متاخم للمسجد للبيع فاشترى منهم، وشرع في بنائه وشمر عن إزاره واجتهد في ذلك، وأرسل الوليد إليه فعولا كثيرة، فأدخل فيه الحجرة النبوية - حجرة عائشة - فدخل القبر في المسجد، وكانت حده من الشرق وسائر حجر أمهات المؤمنين كما أمر الوليد، وروينا أنهم لما حفروا الحائط الشرقي من حجرة عائشة بدت لهم قدم فخشوا أن تكون قدم النبي () حتى تحققوا أنها قدم عمر رضي الله عنه، ويحكى أن سعيد بن المسيب أنكر إدخال حجرة عائشة في المسجد - كأنه خشي أن يتخذ القبر مسجدا - والله أعلم.

وذكر ابن جرير: أن الوليد كتب إلى ملك الروم يسأله أن يبعث له صناعا للبناء، فبعث إليه بمائة صانع وفصوص كثيرة من أجل المسجد النبوي، والمشهور أن هذا إنما كان من أجل مسجد دمشق، فالله أعلم.

وكتب الوليد إلى عمر بن عبد العزيز أن يحفر الفوارة بالمدينة، وأن يجري ماءها ففعل، وأمره أن يحفر الآبار وأن يسهل الطرق والثنايا، وساق إلى الفوارة الماء من ظاهر المدينة، والفوارة بنيت في ظاهر المسجد عند بقعة رآها فأعجبته.

وفيها غزا قتيبة بن مسلم ملك الترك كوربغانون ابن أخت ملك الصين، ومعه مائتا ألف مقاتل، من أهل الصغد وفرغانة وغيرهم، فاقتتلوا قتالا شديدا، وكان مع قتيبة نيزك ملك الترك مأسورا فكسرهم قتيبة بن مسلم وغنم من أموالهم شيئا كثيرا، وقتل منهم خلقا وسبى وأسر.

وفيها حج بالناس عمر بن عبد العزيز ومعه جماعات من أشراف قريش، فلما كان بالتنعيم لقية طائفة من أهل مكة فأخبروه عن قلة الماء بمكة لقلة المطر، فقال لأصحابه: ألا نستمطر؟ فدعا ودعا الناس فما زالوا يدعون حتى سقوا ودخلوا مكة ومعهم المطر، وجاء سيل عظيم حتى خاف أهل مكة من شدة المطر، ومطرت عرفة ومزدلفة ومنى، وأخصبت الأرض هذه السنة خصبا عظيما بمكة وما حولها، وذلك ببركة دعاء عمر ومن كان معه من الصالحين. وكان النواب على البلدان في هذه السنة هم الذين كانوا قبلها.

وممن توفي فيها من الأعيان

البداية والنهاية - الجزء التاسع
ثم دخلت سنة أربع وسبعين | رافع بن خديج بن رافع الأنصاري | أبو سعيد الخدري | عبد الله بن عمر | عبيد بن عمير | أبو جحيفة | سلمة بن الأكوع | مالك بن أبي عامر | أبو عبد الرحمن السلمي | أبو معرض الأسدي | بشر بن مروان | ثم دخلت سنة خمس وسبعين | وفيها خرج داود بن النعمان المازني بنواحي البصرة فوجه إليه الحجاج أميرا على سرية فقتله | وكان ممن توفي فيها في قول أبي مسهر وأبي عبيد | أبو ثعلبة الخشني | الأسود بن يزيد | حمران بن أبان | ثم دخلت سنة ست وسبعين | قال ابن جرير وفي هذه السنة نقش عبد الملك بن مروان على الدراهم والدنانير وهو أول من نقشها | وممن توفي فيها من الأعيان أبو عثمان النهدي القضاعي | صلة بن أشيم العدوي | زهير بن قيس البلوي | ثم دخلت سنة سبع وسبعين | مقتل شبيب عند ابن الكلبي | كثير بن الصلت | محمد بن موسى | عياض بن غنم الأشعري | مطرف بن عبد الله | ثم دخلت سنة ثمان وسبعين | جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام | شريح بن الحارث | عبد الله بن غنم الأشعري | جنادة بن أمية الأزدي | العلاء بن زياد البصري | سراقة بن مرداء الأزدي كان شاعرا مطبقا هجا الحجاج فنفاه إلى الشام فتوفي بها | ثم دخلت سنة تسع وسبعين | عبيد الله بن أبي بكرة رحمه الله | ثم دخلت سنة ثمانين من الهجرة النبوية | أسلم مولى عمر بن الخطاب | جبير بن نفير | عبد الله بن جعفر بن أبي طالب | أبو إدريس الخولاني | معبد الجهني القدري | ثم دخلت سنة إحدى وثمانين | فتنة بن الأشعث | بجير بن ورقاء الصريمي | أبو أمية الجعفي الكوفي | عبد الله بن شداد بن الهاد | محمد بن علي بن أبي طالب | ثم دخلت سنة ثنتين وثمانين | وقعة دير الجماجم | وفي هذه السنة كانت وفاة المهلب بن أبي صفرة | توفي المهلب غازيا بمرو الروذ وعمره ستة وسبعون سنة رحمه الله | أسماء بن خارجة الفزاري الكوفي | المغيرة بن المهلب | الحارث بن عبد الله | محمد بن أسامة بن زيد بن حارثة | عبد الله بن أبي طلحة بن أبي الأسود | عبد الله بن كعب بن مالك | عفان بن وهب | جميل بن عبد الله | عمر بن عبيد الله | كمَيل بن زياد | زاذان أبو عمرو الكندي | أم الدرداء الصغرى | ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين | بناء واسط | عبد الرحمن بن جحيرة | طارق بن شهاب | عبيد الله بن عدي | ثم دخلت سنة أربع وثمانين | أيوب بن القرية | أبو زرعة الجذامي الفلسطيني | عمران بن حطان الخارجي | روح بن زنباع الجذامي | روح بن زنباع | ثم دخلت سنة خمس وثمانين | عبد العزيز بن مروان | بيعة عبد الملك لولده الوليد ثم من بعده لولده سليمان | أبان بن عثمان بن عفان | واثلة بن الأسقع | خالد بن يزيد | ثم دخلت سنة ست وثمانين | وممن يذكر أنه توفي في هذه السنة تقريبا أرطأة بن زفر | مطرف بن عبد الله بن الشخير | خلافة الوليد بن عبد الملك باني جامع دمشق | ثم دخلت سنة سبع وثمانين | وفيها غزا قتيبة بن مسلم بلاد الترك | عتبة بن عبد السلمي | المقدام بن معدي كرب | أبو أمامة الباهلي | قبيصة بن ذؤيب | عروة بن المغيرة بن شعبة | شريح بن الحارث بن قيس القاضي | ثم دخلت سنة ثمان وثمانين | عبد الله بن بسر بن أبي بسر المازني | عبد الله بن أبي أوفى | وفيها توفي هشام بن إسماعيل | عمير بن حكيم | ثم دخلت سنة تسع وثمانين | عبد الله بن ثعلبة بن صُعَير | ثم دخلت سنة تسعين من الهجرة | يتاذوق الطبيب | وتوفي في هذه السنة محمد بن يوسف الثقفي | خالد بن يزيد بن معاوية | عبد الله بن الزبير | ثم دخلت سنة إحدى وتسعين | السائب بن يزيد بن سعد بن تمامة | سهل بن سعد الساعدي | ثم دخلت سنة ثنتين وتسعين | مالك بن أوس | طويس المغني | الأخطل | ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين | فتح سمرقند | أنس بن مالك ابن النضر بن ضمضم | عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة | بلال بن أبي الدرداء | بشر بن سعيد المزني | زرارة بن أوفى | خبيب بن عبد الله | حفص بن عاصم | سعيد بن عبد الرحمن | فروة بن مجاهد | أبو الشعثاء جابر بن زيد | ثم دخلت سنة أربع وتسعين | مقتل سعيد بن جبير رحمه الله | سعيد بن جبير الأسدي | سعيد بن المسيب | طلق بن حبيب العنزي | عروة بن الزبير بن العوام | علي بن الحسين | أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث | أبو سلمة بن عبد الرحمن | عبد الرحمن بن عائذ | عبد الرحمن بن معاوية بن خزيمة | ثم دخلت سنة خمس وتسعين | وهذه ترجمة الحجاج بن يوسف الثقفي وذكر وفاته | فصل خطبة الحجاج لأهل العراق | فصل فيما روي عنه من الكلمات النافعة والجراءة البالغة | إبراهيم بن يزيد النخعي | الحسن بن محمد بن الحنفية | حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري | ثم دخلت سنة ست وتسعين | فصل فيما روي في جامع دمشق من الآثار | الكلام على ما يتعلق برأس يحيى بن زكريا عليهما السلام | ذكر الساعات التي على بابه | ذكر ابتداء أمر السبع بالجامع الأموي | فصل بناء الجامع الأموي | ترجمة الوليد بن عبد الملك | عبد الله بن عمر بن عثمان | خلافة سليمان بن عبد الملك | مقتل قتيبة بن مسلم رحمه الله | ثم دخلت سنة سبع وتسعين | الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب | موسى بن نصير أبو عبد الرحمن اللخمي | ثم دخلت سنة ثمان وتسعين | وفيها فتحت مدينة الصقالبة | وممن توفي فيها من الأعيان سنة ثمانية وتسعين | ثم دخلت سنة تسع وتسعين | خلافة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه | عبد الله بن محيريز بن جنادة بن عبيد | محمود بن لبيد بن عقبة | نافع بن جبير بن مطعم | كريب بن مسلم | محمد بن جبير بن مطعم | مسلم بن يسار | حنش بن عمرو الصنعاني | خارجة بن زيد | سنة مائة من الهجرة النبوية | وفيها كان بدوّ دعوة بني العباس | سالم بن أبي الجعد الأشجعي | أبو أمامة سهل بن حنيف | أبو الزاهرية حدير بن كريب الحمصي | أبو الطفيل عامر بن واثلة | أبو عثمان النهدي | ثم دخلت سنة إحدى ومائة | وهذه ترجمة عمر بن عبد العزيز الإمام المشهور رحمه الله | فصل وقد كان منتظرا فيما يؤثر من الأخبار | فصل حديث إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة | فصل صفات عمر بن عبد العزيز ووصاياه | ذكر سبب وفاته رحمه الله | فصل خلافة عمر بن عبد العزيز | خلافة يزيد بن عبد الملك | وفيها توفي سنة إحدى ومائة | ثم دخلت سنة ثنتين ومائة | ولاية مسلمة على بلاد العراق وخراسان | ذكر وقعة جرت بين الترك والمسلمين | وممن توفي فيها من الأعيان والسادة | أبو المتوكل الناجي | ثم دخلت سنة ثلاث ومائة | أبو محمد القاص المدني | مجاهد بن جبير المكي | فصل قول ابن عباس: لا تنامن إلا على وضوء | مصعب بن سعد بن أبي وقاص | موسى بن طلحة بن عبيد الله التميمي | ثم دخلت سنة أربع ومائة | خالد بن سعدان الكلاعي | عامر بن سعد بن أبي وقاص الليثي | عامر بن شراحبيل الشعبي | أبو بردة بن أبو موسى الأشعري | أبو قلابة الجرمي | ثم دخلت سنة خمس ومائة | هو يزيد بن عبد الملك بن مروان | خلافة هشام بن عبد الملك بن مروان | ثم دخلت سنة ست ومائة | سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب | وطاوس بن كيسان اليماني | ثم دخلت سنة سبع ومائة | سليمان بن يسار أحد التابعين | عكرمة مولى ابن عباس | القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق | وفيها توفي كثير عزة الشاعر المشهور | ثم دخلت سنة ثمان ومائة | بكر بن عبد الله المزني البصري | راشد بن سعد المقراني الحمصي | محمد بن كعب القرظي | ثم دخلت سنة تسع ومائة | سنة عشر ومائة من الهجرة النبوية | جرير الشاعر | فأما الحسن بن أبي الحسن | وأما ابن سيرين | أما الحسن أبو سعيد البصري | محمد بن سيرين | وهيب بن منبه اليماني | فصل أدرك وهب بن منبه عدة من الصحابة، وأسند عن: ابن عباس، وجابر، والنعمان بن بشير | سليمان بن سعد | أم الهذيل | عائشة بنت طلحة بن عبد الله التميمي | عبد الله بن سعيد بن جبير | عبد الرحمن بن أبان | ثم دخلت سنة إحدى عشرة ومائة | ثم دخلت سنة ثنتي عشرة ومائة | رجاء بن حيوة الكندي | شهر بن حوشب الأشعري الحمصي | ثم دخلت سنة ثلاث عشرة ومائة | قال ابن جرير فيها كان مهلك الأمير عبد الوهاب بن بخت | مكحول الشامي | ثم دخلت سنة أربع عشرة ومائة | عطاء بن أبي رباح | فصل من أقوال عطاء بن أبي رباح | ثم دخلت سنة خمس عشرة ومائة | أبو جعفر الباقر | فصل ترجمة أبو جعفر رضي الله عنه | ثم دخلت سنة ست عشرة ومائة | ثم دخلت سنة سبع عشرة ومائة | قتادة بن دعامة السدوسي | نافع مولى ابن عمر | ذو الرمة الشاعر | ثم دخلت سنة ثماني عشرة ومائة | علي بن عبد الله بن عباس | ثم دخلت سنة تسع عشرة ومائة | سنة عشرين ومائة من الهجرة | ثم دخلت سنة إحدى وعشرين ومائة | زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب | مسلمة بن عبد الملك | نمير بن قيس | ثم دخلت سنة ثنين وعشرين ومائة | إياس الذكي | ثم دخلت سنة ثلاث عشرين ومائة | ثم دخلت سنة أربع وعشرين ومائة | القاسم بن أبي بزة | الزهري | بلال بن سعد | ترجمة الجعد بن درهم | ثم دخلت سنة خمس وعشرين ومائة | ذكر وفاته وترجمته رحمه الله