البداية والنهاية/الجزء الثالث عشر/ثم دخلت سنة سبع وستمائة
ذكر الشيخ أبو شامة أن في هذه السنة تمالأت ملوك الجزيرة: صاحب الموصل وصاحب سنجار وصاحب إربل والظاهر صاحب حلب وملك الروم، على مخالفة العادل ومنابذته ومقاتلته واصطلام الملك من يده، وأن تكون الخطبة للملك كنجر بن قلج أرسلان صاحب الروم، وأرسلوا إلى الكرج ليقدموا الحصار خلاط، وفيها الملك الأوحد بن العادل، ووعدهم النصر والمعاونة عليه.
قلت وهذا بغي وعدوان ينهى الله عنه، فأقبلت الكرج بملكهم إيواني فحاصروا خلاط فضاق بهم الأوحد ذرعا وقال: هذا يوم عصيب، فقدر الله تعالى أن في يوم الاثنين تاسع عشر ربيع الآخر اشتد حصارهم للبلد وأقبل ملكهم إيواني وهو راكب على جواده وهو سكران فسقط به جواده في بعض الحفر التي قد أعدت مكيدة حول البلد، فبادر إليه رجال البلد فأخذوه أسيرا حقيرا، فأسقط في أيدي الكرج، فلما أوقف بين يدي الأوحد أطلقه ومن عليه وأحسن إليه، وفاداه على مائتي ألف دينار وألفي أسير من المسلمين، وتسليم إحدى وعشرين قلعة متاخمة لبلاد الأوحد وأن يزوج ابنته من أخيه الأشرف موسى، وأن يكون عونا له على من يحاربه، فأجابه إلى ذلك كله فأخذت منه الأيمان بذلك وبعث الأوحد إلى أبيه يستأذنه في ذلك كله وأبوه نازل بظاهر حراب في أشد حدة مما قد داهمه من هذا الأمر الفظيع، فبينما هو كذلك إذ أتاه هذا الخبر والأمر الهائل من الله العزيز الحكيم، لا من حولهم ولا من قوتهم، ولا كان في بالهم، فكاد يذهل من شدة الفرح والسرور، ثم أجاز جميع ما شرطه ولده، وطارت الأخبار بما وقع بين الملوك فخضعوا وذلوا عند ذلك، وأرسل كل منهم يعتذر مما نسب إليه ويحيل على غيره، فقبل منهم اعتذاراتهم وصالحهم صلحا أكيدا واستقبل الملك عصرا جديدا، وفي ملك الكرج الأوحد بجميع ما شرطه عليه، وتزوج الأشرف ابنته.
ومن غريب ما ذكره أبو شامة في هذه الكائنة أن قسيس الملك كان ينظر في النجوم فقال للملك قبل ذلك بيوم: أعلم أنك تدخل غدا إلى قلعة خلاط ولكن بزي غير ذلك أذان العصر، فوافق دخوله إليها أسيرا أذان العصر.
ذكر وفاة صاحب الموصل نور الدين
أرسل الملك نور الدين شاه بن عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود بن زنكي صاحب الموصل يخطب ابنة السلطان الملك العادل، وأرسل وكيله لقبول العقد على ثلاثين ألف دينار، فاتفق موت نور الدين ووكيله سائر في أثناء الطريق، فعقد العقد بعد وفاته، وقد أثنى عليه ابن الأثير في كامله كثيرا وشكر منه ومن عدله وشهامته وهو أعلم به من غيره، وذكر أن مدة ملكه سبع عشرة سنة وإحدى عشر شهرا، وأما أبو المظفر السبط فإنه قال: كان جبارا ظالما بخيلا سفاكا للدماء فالله أعلم به.
وقام بالملك ولده القاهر عز الدين مسعود، وجعل تدبير مملكته إلى غلامه بدر الدين لؤلؤ الذي صار الملك إليه فيما بعد.
قال أبو شامة: وفي سابع شوال شرع في عمارة المصلى، وبنى له أربع جدر مشرفة، وجعل له أبوابا صونا لمكانه من الميار ونزول القوافل، وجعل في قبلته محرابا من حجارة ومنبرا من حجارة وعقدت فوق ذلك قبة.
ثم في سنة ثلاث عشرة عمل في قبلته رواقان وعمل له منبر من خشب ورتب له خطيب وإمام راتبان، ومات العادل ولم يتم الرواق الثاني منه، وذلك كله على يد الوزير الصفي ابن شكر.
قال وفي ثاني شوال منها جددت أبواب الجامع الأموي من ناحية باب البريد بالنحاس الأصفر، وركبت في أماكنها. وفي شوال أيضا شرع في إصلاح الفوارة والشاذروان والبركة وعمل عندها مسجد، وجعل له إمام راتب، وأول من تولاه رجل يقال له النفيس المصري، وكان يقال له بوق الجامع لطيب صوته إذا قرأ على الشيخ أبي منصور الضرير المصدر فيجتمع عليه الناس الكثيرون.
وفي ذي الحجة منها توجهت مراكب من عكا إلى البحر إلى ثغر دمياط
وفيها: ملك قبرص المسمى إليان فدخل الثغر ليلا فأغار على بعض البلاد فقتل وسبى وكر راجعا فركب مراكبه ولم يدركه الطلب، وقد تقدمت له مثلها قبل هذه، وهذا شيء لم يتفق لغيره لعنه الله.
وفيه عاثت الفرنج بنواحي القدس فبرز إليهم الملك المعظم، وجلس الشيخ شمس الدين أبو المظفر ابن قر علي الحنفي وهو سبط ابن الجوزي ابن ابنته رابعة، وهو صاحب مرآة الزمان، وكان فاضلا في علوم كثيرة، حسن الشكل طيب الصوت وكان يتكلم في الوعظ جيدا وتحبه العامة على صيت جده، وقد رحل من بغداد فنزل دمشق وأكرمه ملوكها، وولى التدريس بها، وكان يجلس كل يوم سبت عند باب مشهد علي بن الحسين زين العابدين إلى السارية التي يجلس عندها الوعاظ في زماننا هذا،
فكان يكثر الجمع عنده حتى يكونوا من باب الناطفانيين إلى باب المشهد إلى باب الساعات، الجلوس غير الوقوف، فحزر جمعه في بعض الأيام ثلاثين ألفا من الرجال والنساء، وكان الناس يبيتون ليلة السبت في الجامع ويدعون البساتين، يبيتون في قراءة ختمات وأذكار ليحصل لهم أماكن من شدة الزحام، فإذا فرغ من وعظه خرجوا إلى أماكنهم وليس لهم كلام إلا فيما قال يومهم ذلك أجمع، يقولون قال الشيخ وسمعنا من الشيخ فيحثهم ذلك على العمل الصالح والكف عن المساوي، وكان يحضر عنده الأكابر، حتى الشيخ تاج الدين أبو اليمن الكندي، كان يجلس في القبة التي عند باب المشهد هو ووالي البلد المعتمد ووالي البر ابن تميرك وغيرهم.
والمقصود أنه لما جلس يوم السبت خامس ربيع الأول كما ذكرنا حث الناس على الجهاد وأمر بإحضار ما كان تحصل عنده من شعر التائبين، وقد عمل منه شكالات تحمل الرجال، فلما رآها الناس ضجوا ضجة واحدة وبكوا بكاء كثيرا وقطعوا من شعورهم نحوها، فلما انقضى المجلس ونزل عن المنبر فتلقاه الوالي مبادر الدين المعتمد بن إبراهيم.
وكان من خيار الناس، فمشى بين يديه إلى باب الناطفيين يعضده حتى ركب فرسه والناس من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، فخرج من باب الفرج وبات بالمصلى ثم ركب من الغد في الناس إلى الكسوة ومعه خلائق كثيرون خرجوا بنية الجهاد إلى بلاد القدس، وكان من جملة من معه ثلاثمائة من جهة زملكا بالعدد الكثيرة التامة، قال:
فجئنا عقبة أفيق والطير لا يتجاسر أن يطير من خوف الفرنج، فلما وصلنا نابلس تلقانا المعظم، قال ولم أكن اجتمعت به قبل ذلك، فلما رأى الشكالات من شعور التائبين جعل يقبلها ويمرغها على عينيه ووجهه ويبكي، وعمل أبو المظفر ميعادا بنابلس وحث على الجهاد وكان يوما مشهودا، ثم سار هو ومن معه وصحبته المعظم نحو الفرنج فقتلوا خلقا وخربوا أماكن كثيرة، وغنموا وعادوا سالمين، وشرع المعظم في تحصين جبل الطور وبنى قلعة فيه ليكون إلبا على الفرنج، فغرم أموالا كثيرة في ذلك، فبعث الفرنج إلى العادل يطلبون منه الأمان والمصالحة، فهادنهم وبطلت تلك العمارة وضاع ما كان المعظم غرم عليها والله أعلم.
وفيها توفي من الأعيان:
الشيخ أبو عمر باني المدرسة بسفح قاسيون
للفقراء المشتغلين في القرآن رحمه الله، محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة الشيخ الصالح أبو عمر المقدسي، باني المدرسة التي بالسفح يقرأ بها القرآن العزيز، وهو أخو الشيخ موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة، وكان أبو عمر أسن منه، لأنه ولد سنة ثمان وعشرين وخمسمائة بقرية الساويا، وقيل بجماعيل، والشيخ أبو عمر ربى الشيخ موفق الدين وأحسن إليه وزوجه، وكان يقوم بمصالحه، فلما قدموا من الأرض المقدسة نزلوا بمسجد أبي صالح خارج باب شرقي ثم انتقلوا منه إلى السفح، ليس به من العمارة شيء سوى دير الحوراني،
قال فقيل لنا الصالحيين نسبة إلى مسجد أبي صالح لا أنا صالحون، وسميت هذه البقعة من ذلك الحين بالصالحية نسبة إلينا، فقرأ الشيخ أبو عمر القرآن على رواية أبي عمرو، وحفظ مختصر الخرقي في الفقه، ثم إن أخاه الموفق شرحه فيما بعد فكتب شرحه بيده، وكتب تفسير البغوي والحلية لأبي نعيم والإبانة لابن بطة، وكتب مصاحف كثيرة بيده للناس ولأهله بلا أجرة، وكان كثير العبادة والزهادة والتهجد، ويصوم الدهر وكان لا يزال متبسما، وكان يقرأ كل يوم سبعا بين الظهر والعصر ويصلي الضحى ثماني ركعات يقرأ فيهن ألف مرة قل هو الله أحد، وكان يزور مغارة الدم في كل يوم اثنين وخميس، ويجمع في طريقه الشيح فيعطيه الأرامل والمساكين، ومهما تهيأ له من فتوح وغيره يؤثر به أهله والمساكين، وكان متقللا في الملبس وربما مضت عليه مدة لا يلبس فيها سراويل ولا قميصا، وكان يقطع من عمامته قطعا يتصدق بها أو في تكميل كفن ميت، وكان هو وأخوه وابن خالهم الحافظ عبد الغني وأخوه الشيخ العماد لا ينقطعون عن غزاة يخرج فيها الملك صلاح الدين إلى بلاد الفرنج، وقد حضروا معه فتح القدس والسواحل وغيرها، وجاء الملك العادل يوما إلى ختمهم أي خصهم لزيارة أبي عمر وهو قائم يصلي، فما قطع صلاته ولا أوجز فيها، فجلس السلطان واستمر أبو عمر في صلاته ولم يلتفت إليه حتى قضى صلاته رحمه الله.
والشيخ أبو عمر هو الذي شرع في بناء المسجد الجامع أولا بمال رجل فامي، فنفد ما عنده وقد ارتفع البناء قامة فبعث صاحب إربل الملك المظفر كوكرى مالا فكمل به، وولى خطابته الشيخ أبو عمر، فكان يخطب به وعليه لباسه الضعيف وعليه أنوار الخشية والتقوى والخوف من الله عز وجل، والمسك كيف خبأته ظهر عليك وبان، وكان المنبر الذي فيه يومئذ ثلاث مراقي والرابعة للجلوس، كما كان المنبر النبوي.
وقد حكى أبو المظفر: أنه حضر يوما عنده الجمعة وكان الشيخ عبد الله البوتاني حاضرا الجمعة أيضا عنده، فلما انتهى في خطبته إلى الدعاء للسلطان قال:
اللهم اصلح عبدك الملك العادل سيف الدين أبا بكر بن أيوب، فلما قال ذلك نهض الشيخ عبد الله البوتاني وأخذ نعليه وخرج من الجامع وترك صلاة الجمعة، فلما فرغنا ذهبت إلى البوتاني فقلت له: ماذا نقمت عليه في قوله؟ فقال يقول لهذا الظالم العادل؟ لا صليت معه، قال فبينما نحن في الحديث إذ أقبل الشيخ أبو عمر ومعه رغيف وخيارتان فكسر ذلك الرغيف وقال الصلاة، ثم قال:
قال النبي ﷺ: «بعثت في زمن الملك العادل كسرى» فتبسم الشيخ عبد الله البوتاني ومد يده فأكل، فلما فرغوا قام الشيخ أبو عمر فذهب، فلما ذهب قال لي البوتاني: يا سيدنا ماذا إلا رجل صالح.
قال أبو شامة: كان البوتاني من الصالحين الكبار، وقد رأيته وكانت وفاته بعد أبي عمر بعشر سنين فلم يسامح الشيخ أبا عمر في تساهله مع ورعه، ولعله كان مسافرا والمسافر لا جمعة عليه، وعذر الشيخ أبي عمر أن هذا قد جرى مجرى الأعلام العادل الكامل الأشرف ونحوه،
كما يقال سالم وغانم ومسعود ومحمود، وقد يكون ذلك على الضد والعكس في هذه الأسماء، فلا يكون سالما ولا غانما ولا مسعودا ولا محمودا، وكذلك اسم العادل ونحوه من أسماء الملوك وألقابهم، والتجار وغيرهم، كما يقال شمس الدين وبدر الدين وعز الدين وتاج الدين ونحو ذلك قد يكون معكوسا على الضد والانقلاب ومثله الشافعي والحنبلي وغيرهم.
وقد تكون أعماله ضد ما كان عليه إمامه الأول من الزهد والعبادة ونحو ذلك، وكذلك العادل يدخل إطلاقه على المشترك والله اعلم.
قلت: هذا الحديث الذي احتج به الشيخ أبو عمر لا أصل له، وليس هو في شيء من الكتب المشهورة، وعجبا له ولأبي المظفر ثم لأبي شامة في قبول مثل هذا وأخذه منه مسلما إليه في والله أعلم.
ثم شرع أبو المظفر في ذكر فضائل أبي عمر ومناقبه وكراماته وما رآه هو وغيره من أحواله الصالحة.
قال وكان على مذهب السلف الصالح سمتا وهديا، وكان حسن العقيدة متمسكا بالكتاب والسنة والآثار المروية يمرها كما جاءت من غير طعن على أئمة الدين وعلماء المسلمين، وكان ينهى عن صحبة المتبدعين ويأمر بصحبة الصالحين الذين هم على سنة سيد المرسلين وخاتم النبيين، وربما أنشدني لنفسه في ذلك:
أوصيكم بالقول في القرآن ** بقول أهل الحق والإتقان
ليس بمخلوق ولا بفان ** لكن كلام الملك الديان
آياته مشرقة المعاني ** متلوة للـه باللسـان
محفوظةً في الصدر والجنان ** مكتوبةٌ في الصحف بالبنان
والقول في الصفات يا إخواني ** كالذات والعلم مع البيان
إمرارها من غير ما كفران ** من غير تشبيهٍ ولا عطلان
قال وأنشدني لنفسه:
ألم يك ملهاة عن اللهو أنني ** بدا لي شيب الرأس والضعف والألم
ألم بي الخطب الذي لو بكيته ** حياتي حتى يذهب الدمع لم ألم
قال ومرض أياما فلم يترك شيئا مما كان يعمله من الأوراد، حتى كانت وفاته وقت السحر في ليلة الثلاثاء التاسع والعشرين من ربيع الأول فغسل في الدير وحمل إلى مقبرته في خلق كثير لا يعلمهم إلا الله عز وجل، ولم يبق أحد من الدولة والأمراء والعلماء والقضاة وغيرهم إلا حضر جنازته.
وكان يوما مشهودا وكان الحر شديدا فأظلت الناس سحابة من الحر، كان يسمع منها كدوي النحل، وكان الناس ينتهبون أكفانه وبيعت ثيابه بالغالي الغالي، ورثاه الشعراء بمراثي حسنة، ورؤيت له منامات صالحة رحمه الله.
وترك من الأولاد ثلاثة ذكور: عمر، وبه كان يكنى، والشرف عبد الله وهو الذي ولي الخطابة بعد أبيه، وهو والد العز أحمد. وعبد الرحمن.
ولما توفي الشرف عبد الله صارت الخطابة لأخيه شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر، وكان من أولاد أبيه الذكور، فهؤلاء أولاده الذكور، وترك من الإناث بنات كما قال الله تعالى: { مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارا } [التحريم:5] قال وقبره في طريق مغارة الجوع في الزقاق المقابل لدير الحوراني رحمه الله وإيانا.
ابن طبرزد شيخ الحديث
عمر بن محمد بن معمر بن يحيى المعروف بأبي حفص بن طبرزد البغدادي الدراقزي، ولد سنة خمس عشرة وخمسمائة، سمع الكثير وأسمع، وكان خليعا ظريفا ماجنا، وكان يؤدب الصبيان بدار القز قدم مع حنبل بن عبد الله المكبر إلى دمشق فسمع أهلها عليهما، وحصل لهما أموال وعادا إلى بغداد فمات حنبل سنة ثلاث وتأخر هو إلى هذه السنة في تاسع شهر رجب فمات وله سبع وتسعون سنة، وترك مالا جيدا ولم يكن له وارث إلا بيت المال، ودفن بباب حرب.
السلطان الملك العادل أرسلان شاه
نور الدين صاحب الموصل، وهو ابن أخي نور الدين الشهيد، وقد ذكرنا بعض سيرته في الحوادث، كان شافعي المذهب، ولم يكن بينهم شافعي سواه، وبنى للشافعية مدرسة كبيرة بالموصل وبها تربته، توفي في صفر ليلة الأحد من هذه السنة.
ابن سكينة عبد الوهاب بن علي
ضياء الدين المعروف بابن سكينة الصوفي، كان يعد من الأبدال، سمع الحديث الكثير وأسمعه ببلاد شتى، ولد في سنة تسع عشرة وخمسمائة، وكان صاحبا لأبي الفرج ابن الجوزي ملازما لمجلسه وكان يوم جنازته يوما مشهودا لكثرة الخلق ولكثرة ما كان فيه من الخاصة والعامة رحمه الله.
مظفر بن ساسير
الواعظ الصوفي البغدادي، ولد سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة، وسمع الحديث،
وكان يعظ في الأعزية والمساجد والقرى، وكان ظريفا مطبوعا قام إليه إنسان فقال له فيما بينه وبينه: أنا مريض جائع، فقال أحمد ربك فقد عوفيت.
واجتاز مرة على قصاب يبيع لحما ضعيفا وهو يقول أين من حلف لا يغبن، فقال له حتى تحنثه. قال: وعملت مرة مجلسا بيعقوبا فجعل هذا يقول عندي للشيخ نصفية وهذا يقول عندي للشيخ نصفية، وهذا يقول مثله حتى عدوا نحوا من خمسين نصفية، فقلت في نفسي:
استغنيت الليلة فأرجع إلى البلد تاجرا، فلما أصبحت إذا صبرة من شعير في المسجد فقيل لي هذه النصافي التي ذكر الجماعة، وإذا هي بكيلة يسمونها نصفية مثل الزبدية، وعملت مرة مجلسا بباصرا فجمعوا لي شيئا لا أدري ما هو، فلما أصبحنا إذا شيء من صوف الجواميس وقرونها، فقام رجل ينادي عليكم عندكم في قرون الشيخ وصوفه، فقلت لا حاجة لي بهذا وأنتم في حل منه. ذكره أبو شامة.
البداية والنهاية - الجزء الثالث عشر | |
---|---|
589 | 590 | 591 | 592 | 593 | 594 | 595 | 596 | 597 | 598 | 599 | 600 | 601 | 602 | 603 | 604 | 605 | 606 | 607 | 608 | 609 | 610 | 611 | 612 | 613 | 614 | 615 | 616 | 617 | 618 | 619 | 620 | 621 | 622 | 623 | 624 | 625 | 626 | 627 | 628 | 629 | 630 | 631 | 632 | 633 | 634 | 635 | 636 | 637 | 638 | 639 | 640 | 641 | 642 | 643 | 644 | 645 | 646 | 647 | 648 | 649 | 650 | 651 | 652 | 653 | 654 | 655 | 656 | 657 | 658 | 659 | 660 | 661 | 662 | 663 | 664 | 665 | 666 | 667 | 668 | 669 | 670 | 671 | 672 | 673 | 674 | 675 | 676 | 677 | 678 | 679 | 680 | 681 | 682 | 683 | 684 | 685 | 686 | 687 | 688 | 689 | 690 | 691 | 692 | 693 | 694 | 695 | 696 | 697 |