البداية والنهاية/الجزء الثالث عشر/ثم دخلت سنة تسع عشرة وستمائة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



ثم دخلت سنة تسع عشرة وستمائة


فيها: نقل تابوت العادل من القلعة إلى تربته العادلية الكبيرة فصلى عليه أولا تحت النسر بالجامع الأموي، ثم جاؤا به إلى التربة المذكورة فدفن فيها، ولم تكن المدرسة كملت بعد، وقد تكامل بناؤها في هذه السنة أيضا.

وذكر الدرس بها القاضي جمال الدين المصري، وحضر عنده السلطان المعظم، فجلس في الصدر، وعن شماله القاضي، وعن يمينه صدر الدين الحصيري شيخ الحنفية، وكان في المجلس الشيخ تقي الدين بن الصلاح إمام السلطان، والشيخ سيف الدين الآمدي إلى جانب المدرس، وإلى جانبه شمس الدين بن سناء الدولة، ويليه النجم خليل قاضي العسكر، وتحت الحصيري شمس الدين بن الشيرازي، وتحته محيي الدين التركي، وفيه خلق من الأعيان والأكابر، وفيهم فخر الدين بن عساكر.

وفيها: أرسل الملك المعظم الصدر الكشهني محتسب دمشق إلى جلال الدين بن خوارزم شاه يستعينه على أخويه الكامل والأشرف اللذين قد تمالآ عليه، فأجابه إلى ذلك بالسمع والطاعة، ولما عاد الصدر المذكور أضاف إليه مشيخة الشيوخ.

وحج في هذه السنة الملك مسعود بن أقسيس بن الكامل صاحب اليمن، فبدت منه أفعال ناقصة بالحرم من سكر ورشق حمام المسجد بالبندق من أعلا قبة زمزم، وكان إذا نام في دار الإمارة، يضرب الطائفون بالمسعى بأطراف السيوف لئلا يشوشوا عليه، وهو نوم سكر قبحه الله، ولكن كان مع هذا كله مهيبا محترما والبلاد به آمنة مطمئنة.

وقد كاد يرفع سنجق أبيه يوم عرفة على سنجق الخليفة فيجري بسبب ذلك فتنة عظيمة، وما مكن من طلوعه وصعوده إلى الجبل إلا في آخر النهار بعد جهد جهيد.

وفيها: كان بالشام جراد كثيرا أكل الزرع والثمار والأشجار.

وفيها: وقعت حروب كثيرة بين القبجاق والكرج وقتال كثير بسبب ضيق بلاد القبجاق عليهم.

وفيها: ولي قضاء القضاة ببغداد، أبو عبد الله محمد بن فلان.

ولبس الخلعة في باب دار الوزارة مؤيد الدين محمد بن محمد القيمق بحضرة الأعيان والكبراء، وقرئ تقليده بحضرتهم وساقه ابن الساعي بحروفه.

من الأعيان:

عبد القادر بن داود أبو محمد الواسطي الفقيه الشافعي

الملقب: بالمحب، استقل بالنظامية دهرا واشتغل بها، وكان فاضلا دينا صالحا، ومما أنشده من الشعر:

الفرقدان كلاهما شَهدا له ** والبدر ليلة تمه بسهاده

دنف إذا اعتبق الظلام تضرمت ** نار الجوى في صدره وفؤاده

فجرت مدامع جفنه في خده ** مثل المسيل يسيل من أطواره

شوقا إلى مضنيه لم أر هكذا ** مشتاق مضني جسمه ببعاده

ليت الذي أضناه سحر جفونه ** قبل الممات يكون من عواده

أبو طالب يحيى بن علي اليعقوبي الفقيه الشافعي

أحد المعيدين ببغداد، كان شيخا مليح الشيبة جميل الوجه، كان يلي بعض الأوقاف، ومما أنشده لبعض الفضلاء:

لحمل تهامة وجبال أحد ** وماء البحر ينقل بالزبيل

ونقل الصخر فوق الظهر عريا ** لاهون من مجالسة الثقيل

ولبعضهم أيضا، وهو مما أنشده المذكور:

وإذا مضى للمرء من أعوامه ** خمسون وهو إلى التقى لا يجنح

عكفت عليه المخزيات فقولها: ** حالفتنا، فأقم كذا لا تبرح

وإذا رأى الشيطان غرة وجهه ** حيا، وقال: فديت من لا يفلح

اتفق أنه طولب بشيء من المال فلم يقدر عليه، فاستعمل شيئا من الأفيون المصري فمات من يومه ودفن بالوردية.

وفيها: توفي قطب الدين العادل بالفيوم، ونقل إلى القاهرة.

وفيها توفي إمام الحنابلة بمكة الشيخ نصر بن أبي الفرج المعروف بابن الحصري

جاور بمكة مدة لم يسافر ثم ساقته المنية إلى اليمن، فمات بها في هذه السنة، وقد سمع الحديث من جماعة من المشايخ.

وفيها: في ربيع الأول توفي بدمشق الشهاب عبد الكريم بن نجم النيلي، أخو البهاء والناصح، وكان فقيها مناظرا بصيرا بالمحاكمات، وهو الذي أخرج مسجد الوزير من يد الشيخ علم الدين السخاوي رحمه الله تعالى بمنه وكرمه.

البداية والنهاية - الجزء الثالث عشر
589 | 590 | 591 | 592 | 593 | 594 | 595 | 596 | 597 | 598 | 599 | 600 | 601 | 602 | 603 | 604 | 605 | 606 | 607 | 608 | 609 | 610 | 611 | 612 | 613 | 614 | 615 | 616 | 617 | 618 | 619 | 620 | 621 | 622 | 623 | 624 | 625 | 626 | 627 | 628 | 629 | 630 | 631 | 632 | 633 | 634 | 635 | 636 | 637 | 638 | 639 | 640 | 641 | 642 | 643 | 644 | 645 | 646 | 647 | 648 | 649 | 650 | 651 | 652 | 653 | 654 | 655 | 656 | 657 | 658 | 659 | 660 | 661 | 662 | 663 | 664 | 665 | 666 | 667 | 668 | 669 | 670 | 671 | 672 | 673 | 674 | 675 | 676 | 677 | 678 | 679 | 680 | 681 | 682 | 683 | 684 | 685 | 686 | 687 | 688 | 689 | 690 | 691 | 692 | 693 | 694 | 695 | 696 | 697