البداية والنهاية/الجزء الثالث عشر/ثم دخلت سنة خمس وثلاثين وستمائة
فيها: كانت وفاة الأشرف ثم أخوه الكامل، أما الأشرف موسى بن العادل باني دار الحديث الأشرفية وجامع التوبة وجامع جراح، فإنه توفي في يوم الخميس رابع المحرم من هذه السنة، بالقلعة المنصورة، ودفن بها حتى نجزت تربته التي بنيت له شمالي الكلاسة، ثم حول إليها رحمه الله تعالى، في جمادى الأولى.
وقد كان ابتداء مرضه في رجب من السنة الماضية، واختلفت عليه الأدواء حتى كان الجرائحي يخرج العظام من رأسه وهو يسبح الله عز وجل، فلما كان آخر السنة تزايد به المرض واعتراه إسهال مفرط فخارت قوته فشرع في التهيؤ للقاء الله عز وجل، فأعتق مائتي غلام وجارية، ووقف دار فروخشاه التي يقال لها دار السعادة، وبستانه بالنيرب على ابنيه، وتصدق بأموال جزيلة، وأحضر له كفنا كان قد أعده من ملابس الفقراء والمشايخ الذين لقيهم من الصالحين.
وقد كان رحمه الله تعالى شهما شجاعا كريما جوادا لأهل العلم، لا سيما أهل الحديث، ومقاربيته الصالحة، وقد بنى لهم دار حديث بالسفح وبالمدينة للشافعية أخرى، وجعل فيها نعل النبي ﷺ الذي ما زال حريصا على طلبه من النظام ابن أبي الحديد التاجر، وقد كان النظام ضنينا به فعزم الأشرف أن يأخذ منه قطعة، ثم ترك ذلك خوفا من أن يذهب بالكلية، فقدر الله موت ابن أبي الحديد بدمشق فأوصى للملك الأشرف، به فجعله الأشرف بدار الحديث، ونقل إليها كتبا سنية نفيسة، وبنى جامع التوبة بالعقبية، وقد كان خانا للزنجاري فيه من المنكرات شيء كثير، وبنى مسجد القصب وجامع جراح ومسجد دار السعادة، وقد كان مولده في سنة ست وسبعين وخمسمائة، ونشأ بالقدس الشريف بكفالة الأمير فخر الدين عثمان الزنجاري، وكان أبوه يحبه وكذلك أخوه المعظم ثم استنابه أبوه على مدن كثيرة بالجزيرة منها الرها وحران.
ثم اتسعت مملكته حين ملك خلاط، وكان من أعف الناس وأحسنهم سيرة وسريرة، لا يعرف غير نسائه وسراريه، مع أنه قد كان يعاني الشراب، وهذا من أعجب الأمور.
حكى السبط عنه قال: كنت يوما بهذه المنظرة من خلاط إذ دخل الخادم فقال: بالباب امرأة تستأذن، فدخلت فإذا صورة لم أر أحسن منها، وإذا هي ابنة الملك الذي كان بخلاط قبلي، فذكرت أن الحاجب عليّ قد استحوذ على قرية لها، وأنها قد احتاجت إلى بيوت الكرى، وأنها إنما تتقوت من عمل النقوش للنساء، فأمرت برد ضيعتها إليها وأمرت لها بدار تسكنها، وقد كنت قمت لها حين دخلت وأجلستها بين يدي وأمرتها بستر وجهها حين أسفرت عنه، ومعها عجوز، فحين قضت شغلها قلت لها انهضي على اسم الله تعالى.
فقالت العجوز: يا خوند إنما جاءت لتحظى بخدمتك هذه الليلة، فقلت: معاذ الله لا يكون هذا، واستحضرت في ذهني ابنتي ربما يصيبها نظير ما أصاب هذه، فقامت وهي تقول بالأرمني: سترك الله مثل ما سترتني، وقلت لها: مهما كان من حاجة فأنهيها إلى أقضها لك، فدعت لي وانصرفت، فقالت لي: نفسي في الحلال مندوحة عن الحرام، فتزوجها، فقلت: لا والله لا كان هذا أبدا أين الحياء والكرم والمروءة؟
قال ومات مملوك من مماليكي وترك ولدا ليس يكون في الناس بتلك البلاد أحسن شبابا، ولا أحلى شكلا منه، فأحببته وقربته، وكان من لا يفهم أمري يتهمني به، فاتفق أنه عدا على إنسان فضربه حتى قتله، فاشتكى عليه إلي أولياء المقتول، فقلت أثبتوا أنه قتله، فأثبتوا ذلك فحاجفت عنه مماليكي وأرادوا إرضاءهم بعشر ديات فلم يقبلوا، ووقفوا لي في الطريق وقالوا: قد أثبتنا أنه قتله فقلت خذوه فتسلموه فقتلوه، ولو طلبوا مني ملكي فداء له لدفعته إليهم، ولكن استحيت من الله أن أعارض شرعه بحظ نفسي رحمه الله تعالى وعفا عنه.
ولما ملك دمشق في سنة ست وعشرين وستمائة نادى مناديه فيها أن لا يشتغل أحد من الفقهاء بشيء من العلوم سوى التفسير والحديث والفقه، ومن اشتغل بالمنطق وعلوم الأوائل نفي من البلد. وكان البلد به في غاية الأمن والعدل، وكثرة الصدقات والخيرات كانت القلعة لا تغلق في ليالي رمضان كلها وصحون الحلاوات خارجة منها إلى الجامع والخوانق والربط، والصالحية وإلى الصالحين والفقراء والرؤساء وغيرهم.
وكان أكثر جلوسه بمسجد أبي الدرداء الذي جدده وزخرفه بالقلعة، وكان ميمون النقيبة ما كسرت له راية قط، وقد استدعى الزبيدي من بغداد حتى سمع هو والناس عليه صحيح البخاري وغيره، وكان له ميل إلى الحديث وأهله، ولما توفي رحمه الله رآه بعض الناس وعليه ثياب خضر وهو يطير مع جماعة من الصالحين، فقال: ما هذا وقد كنت تعاني الشراب في الدنيا؟ فقال: ذاك البدن الذي كنا نفعل به ذاك عندكم، وهذه الروح التي كنا نحب بها هؤلاء فهي معهم، ولقد صدق رحمه الله، قال رسول الله ﷺ: «المرء مع من أحب».
وقد كان أوصى بالملك من بعده لأخيه الصالح إسماعيل، فلما توفي أخوه ركب في أبهة الملك ومشى الناس بين يديه، وركب إلى جانبه صاحب حمص وعز الدين أيبك المعظمي حامل الغاشية على رأسه، ثم إنه صادر جماعة من الدماشقة الذين قيل عنهم إنهم مع الكامل، منهم العالم تعاسيف وأولاد ابن مزهر وحبسهم ببصرى، وأطلق الحريري من قلعة عزاز، وشرط عليه أن لا يدخل دمشق، ثم قدم الكامل من مصر وانضاف إليه الناصر داود صاحب الكرك ونابلس والقدس، فحاصروا دمشق حصارا شديدا، وقد حصنها الصالح إسماعيل وقطع المياه ورد الكامل ماء بردى إلى ثورا، وأحرقت العقبية وقصر حجاج، فافتقر خلق كثير واحترق آخرون، وجرت خطوب طويلة، ثم آل الحال في آخر جمادى الأولى إلى أن سلم الصالح إسماعيل دمشق إلى أخيه الكامل، على أن له بعلبك وبصرى، وسكن الأمر، وكان الصلح بينهما على يدي القاضي محيي الدين يوسف بن الشيخ أبي الفرج بن الجوزي، اتفق أنه كان بدمشق قد قدم في رسلية من جهة الخليفة إلى دمشق فجزاه الله تعالى خيرا.
ودخل الكامل دمشق وأطلق الفلك بن المسيري من سجن الحيات بالقلعة الذي كان أودعه فيه الأشرف، ونقل الأشرف إلى تربته، وأمر الكامل في يوم الاثنين سادس جمادى الآخرة أئمة الجامع أن لا يصلي أحد منهم المغرب سوى الإمام الكبير، لما كان يقع من التشويش والاختلاف بسبب اجتماعهم في وقت واحد، ولنعم ما فعل رحمه الله. وقد فعل هذا في زماننا في صلاة التراويح، اجتمع الناس على قارئ واحد وهو الإمام الكبير في المحراب المقدم، عند المنبر ولم يبق به إمام يومئذ سوى الذي بالحلبية عند مشهد علي ولو ترك لكان حسنا والله أعلم.
ذكر وفاة الملك الكامل محمد بن العادل رحمه الله تعالى
تملك الكامل دمشق مدة شهرين ثم أخذه أمراض مختلفة، من ذلك سعال وإسهال ونزلة في حلقه، ونقرس في رجليه، فاتفق موته في بيت صغير من دار القصبة، وهو البيت الذي توفي فيه عمه الملك الناصر صلاح الدين، ولم يكن عند الكامل أحد عند موته من شدة هيبته، بل دخلوا فوجوده ميتا رحمه الله تعالى.
وقد كان مولده في سنة ست وسبعين وخمسمائة، وكان أكبر أولاد العادل بعد مودود، وإليه أوصى العادل لعلمه بشأنه وكمال عقله، وتوفر معرفته، وقد كان جيد الفهم يحب العلماء، ويسألهم أسئلة مشكلة، وله كلام جيد على صحيح مسلم وكان ذكيا مهيبا ذا بأس شديد، عادل منصف له حرمة وافرة، وسطوة قوية، ملك مصر ثلاثين سنة، وكانت الطرقات في زمانه آمنة، والرعايا متناصفة، لا يتجاسر أحد أن يظلم أحدا شنق جماعة من الأجناد أخذوا شعيرا لبعض الفلاحين بأرض آمد، واشتكى إليه بعض الركبدارية، أن أستاذه استعمله ستة أشهر بلا أجرة فأحضر الجندي وألبسه قباب الركبدارية، وألبس الركبداري ثياب الجندي، وأمر الجندي أن يخدم الركبدار ستة أشهر على هذه الهيئة، ويحضر الركبدار الموكب والخدمة حتى ينقضي الأجل فتأدب الناس بذلك غاية الأدب.
وكانت له اليد البيضاء في رد ثغر دمياط إلى المسلمين بعد أن استحوذ عليه الفرنج لعنهم الله، فرابطهم أربع سنين حتى استنقذه منهم، وكان يوم أخذه له واسترجاعه إياه يوما مشهودا، كما ذكرنا مفصلا رحمه الله تعالى. وكانت وفاته في ليلة الخميس الثاني والعشرين من رجب من هذه السنة، ودفن بالقلعة حتى كملت تربته التي بالحائط الشمالي من الجامع ذات الشباك الذي هناك قريبا من مقصورة ابن سنان، وهي الكندية التي عند الحلبية.
نقل إليها ليلة الجمعة الحادي والعشرين من رمضان من هذه السنة، ومن شعره يستحث أخاه الأشرف من بلاد الجزيرة حين كان محاصرا بدمياط:
يا مسعفي إن كنت حقا مسعفي ** فارحل بغير تقيد وتوقف
واطو المنازل والديار ولا تنخ ** إلا على باب المليك الأشرف
قبل يديه لا عدمت وقل له: ** عني بحسن تعطف وتلطف
إن مات صنوك عن قريب تلقه ** ما بين حد مهند ومثقف
أو تبط عن إنجاده فلقاؤه ** يوم القيامة في عراص الموقف
ذكر ما جرى بعده
كان قد عهد لولده العادل وكان صغيرا بالديار المصرية، وبالبلاد الدمشقية، وولده الصالح أيوب ببلاد الجزيرة، فأمضى الأمراء ذلك، فأما دمشق فاختلف الأمراء بها في الملك الناصر داود بن المعظم، والملك الجواد مظفر الدين يونس بن مودود بن الملك العادل، فكان ميل عماد الدين ابن الشيخ إلى الجواد، وآخرون إلى الناصر.
وكان نازلا بدار أسامة، فانتظم أمر الجواد وجاءت الرسالة إلى الناصر أن أخرج من البلد، فركب من دار أسامة والعامة وراءه إلى القلعة لا يشكون في ولايته الملك، فسلك نحو القلعة فلما جاوز العمادية عطف برأس فرسه نحو باب الفرج، فصرخت العامة: لا لا لا، فسار حتى نزل القابون عند وطأة برزة.
فعزم بعض الأمراء الأشرفية على مسكه، فساق فبات بقصر أم حكيم، وساقوا وراءه فتقدم إلى عجلون فتحصن بها وأمن.
وأما الجواد
فإنه ركب في أبهة الملك وأنفق الأموال والخلع على الأمراء.
قال السبط: فرق ستة آلاف ألف دينار وخمسة آلاف خلعة، وأبطل المكوس والخمور، ونفى الخواطيء واستقر ملكه بدمشق، واجتمع عليه الأمراء الشاميون والمصريون، ورحل الناصر داود من عجلون نحو غزة وبلاد الساحل فاستحوذ عليها، فركب الجواد في طلبه ومعه العساكر الشامية والمصرية.
وقال للأشرفية: كاتبوه وأطمعوه، فلما وصلت إليه كتبهم طمع في موافقتهم، فرجع في سبعمائة راكب إلى نابلس، فقصده الجواد وهو نازل على جيتين، والناصر على سبسطية، فهرب منه الناصر فاستحوذوا على حواصله وأثقاله، فاستغنوا بها وافتقر بسببها فقرا مدقعا، ورجع الناصر إلى الكرك جريدة قد سلب أمواله وأثقاله، وعاد الجواد إلى دمشق مؤيدا منصورا.
وفيها: اختلفت الخوارزمية على الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل صاحب كيفا، وتلك النواحي، وعزموا على القبض عليه، فهرب منهم ونهبوا أمواله وأثقاله، ولجأ إلى سنجار فقصده بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل ليحاصره ويأخذه في قفص إلى الخليفة، وكان أهل تلك الناحية يكرهون مجاورته لتكبره وقوة سطوته، فلم يبق إلى أخذه إلا القليل، فكاتب الخوارزمية واستنجد بهم ووعدهم بأشياء كثيرة.
فقدموا إليه جرائد ليمنعوه من البدر لؤلؤ، فلما أحس بهم لؤلؤ هرب منهم فاستحوذوا على أمواله وأثقاله، فوجدوا فيها شيئا كثيرا لا يحد ولا يوصف، ورجع إلى بلده الموصل جريدة خائبا، وسلم الصالح أيوب مما كان فيه من الشدة.
من الأعيان:
محمد بن زيد ابن ياسين الخطيب جمال الدين الدولعي
نسبة إلى قرية بأصل الموصل، وقد ذكرنا ذلك عند ترجمة عمه عبد الملك بن ياسين الخطيب بدمشق أيضا.
وكان مدرسا بالغزالية مع الخطابة، وقد منعه المعظم في وقت عن الإفتاء فعاتبه السبط في ذلك، فاعتذر بأن شيوخ بلده هم الذين أشاروا عليه بذلك، لكثرة خطئه في فتاويه، وقد كان شديد المواظبة على الوظيفة حتى كاد أن لا يفارق بيت الخطابة، ولم يحج قط مع أنه كانت له أموال جزيلة.
وقف مدرسة بجيرون وسبعا في الجامع.
ولما توفي ودفن بمدرسته التي بجيرون ولي الخطابة بعده أخ له وكان جاهلا، ولم يستقر فيها وتولاها الكمال بن عمر بن أحمد بن هبة الله بن طلحة النصيبي، وولي تدريس الغزالية الشيخ عبد العزيز بن عبد السلام.
محمد بن هبة الله بن جميل
الشيخ أبو نصر بن الشيرازي ولد سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وسمع الكثير على الحافظ ابن عساكر وغيره، واشتغل في الفقه وأفتى ودرس بالشامية البرانية، وناب في الحكم عدة سنين، وكان فقيها عالما فاضلا ذكيا حسن الأخلاق عارفا بالأخبار وأيام العرب والأشعار، كريم الطباع حميد الآثار، وكانت وفاته يوم الخميس الثالث من جمادى الآخرة، ودفن بقاسيون رحمه الله تعالى.
القاضي شمس الدين يحيى بن بركات
ابن هبة الله بن الحسن الدمشقي قاضيها بن سنا الدولة، كان عالما عفيفا فاضلا عادلا منصفا نزها كان الملك الأشرف يقول: ما ولي دمشق مثله، وقد ولي الحكم ببلده المقدس وناب بدمشق عن القضاة، ثم استقل بالحكم، وكانت وفاته يوم الأحد السادس ذي القعدة، وصلّي عليه بالجامع ودفن بقاسيون، وتأسف الناس عليه رحمه الله تعالى. وتوفي بعده:
الشيخ شمس الدين بن الحوبي
القاضي زين الدين عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي، عرف بابن الأستاذ الحلبي قاضيها بعد بهاء الدين بن شداد، وكان رئيسا عالما عارفا فاضلا، حسن الخلق والسمت، وكان أبوه من الصالحين الكبار رحمهم الله تعالى.
الشيخ الصالح المعمر
أبو بكر محمد بن مسعود بن بهروز البغدادي، ظهر سماعه من أبي الوقت في سنة خمس عشرة وستمائة فانهال الناس عليه يسمعون منه، وتفرد بالرواية عنه في الدنيا بعد الزبيدي وغيره، توفي ليلة السبت التاسع والعشرين من شعبان رحمه الله تعالى.
الأمير الكبير المجاهد المرابط صارم الدين
خطلبا بن عبد الله مملوك شركس ونائبه بعده مع ولده على تنين وتلك الحصون، وكان كثير الصدقات، ودفن مع أستاذه بقباب شركس، وهو الذي بناها بعد أستاذه، وكان خيرا قليل الكلام كثير الغزو مرابطا مدة سنين رحمه الله تعالى وعفا عنه بمنه كرمه.
البداية والنهاية - الجزء الثالث عشر | |
---|---|
589 | 590 | 591 | 592 | 593 | 594 | 595 | 596 | 597 | 598 | 599 | 600 | 601 | 602 | 603 | 604 | 605 | 606 | 607 | 608 | 609 | 610 | 611 | 612 | 613 | 614 | 615 | 616 | 617 | 618 | 619 | 620 | 621 | 622 | 623 | 624 | 625 | 626 | 627 | 628 | 629 | 630 | 631 | 632 | 633 | 634 | 635 | 636 | 637 | 638 | 639 | 640 | 641 | 642 | 643 | 644 | 645 | 646 | 647 | 648 | 649 | 650 | 651 | 652 | 653 | 654 | 655 | 656 | 657 | 658 | 659 | 660 | 661 | 662 | 663 | 664 | 665 | 666 | 667 | 668 | 669 | 670 | 671 | 672 | 673 | 674 | 675 | 676 | 677 | 678 | 679 | 680 | 681 | 682 | 683 | 684 | 685 | 686 | 687 | 688 | 689 | 690 | 691 | 692 | 693 | 694 | 695 | 696 | 697 |