البداية والنهاية/الجزء الثالث عشر/ثم دخلت سنة إحدى وستين وستمائة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



ثم دخلت سنة إحدى وستين وستمائة


استهلت وسلطان البلاد الشامية والمصرية الظاهر بيبرس، وعلى الشام نائبه آقوش النجيبي، وقاضي دمشق ابن خلكان والوزير بها عز الدين بن وداعة، وليس للناس خليفة، وإنما تضرب السكة باسم المستنصر الذي قتل.

ذكر خلافة الحاكم بأمر الله أبي العباس

أحمد بن الأمير أبي على القبي ابن الأمير علي بن الأمير أبي بكر بن الإمام المسترشد بالله أمير المؤمنين أبي منصور الفضل بن الإمام المستظهر بالله أحمد العباسي الهاشمي.

لما كان ثاني المحرم وهو يوم الخميس، جلس السلطان الظاهر والأمراء في الإيوان الكبير بقلعة الجبل، وجاء الخليفة الحاكم بأمر الله راكبا حتى نزل عند الإيوان، وقد بسط له إلى جانب السلطان وذلك بعد ثبوت نسبه، ثم قرئ نسبه على الناس ثم أقبل عليه الظاهر بيبرس فبايعه وبايعه الناس بعده، وكان يوما مشهودا.

فلما كان يوم الجمعة ثانيه خطب الخليفة بالناس فقال في خطبته: الحمد لله الذي أقام لآل العباس ركنا ظهيرا، وجعل لهم من لدنه سلطانا نصيرا، أحمده على السراء والضراء، وأستعينه على شكر ما أسبغ من النعماء، وأستنصره على دفع الأعداء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وعلى آله وصحبه نجوم الاهتداء وأئمة الإقتداء، لا سيما الأربعة، وعلي العباس كاشف غمه أبي السادة الخلفاء وعلى بقية الصحابة أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أيها الناس اعلموا أن الإمامة فرض من فروض الإسلام، والجهاد محتوم على جميع الأنام، ولا يقوم علم الجهاد إلا باجتماع كلمة العباد، ولا سبيت الحرم إلا بانتهاك المحارم، ولا سفكت الدماء إلا بارتكاب الجرائم، فلو شاهدتم أعداء الإسلام لما دخلوا دار السلام، واستباحوا الدماء والأموال وقتلوا الرجال والأطفال، وسبوا الصبيان والبنات، وأيتموهم من الآباء والأمهات، وهتكوا حرم الخلافة والحريم، وعلت الصيحات من هول ذلك اليوم الطويل، فكم من شيخ خضبت شيبته بدمائه، وكم من طفل بكى فلم يرحم لبكائه.

فشمروا عباد الله عن ساق الاجتهاد في إحياء فرض الجهاد: { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [التغابن: 16] فلم يبق معذرة في القعود عن أعداء الدين، والمحاماة عن المسلمين.

وهذا السلطان الملك الظاهر، السيد الأجل، العالم العادل المجاهد المؤيد ركن الدنيا والدين، قد قام بنصر الإمامة عند قلة الأنصار، وشرد جيوش الكفر بعد أن جاسوا خلال الديار، وأصبحت البيعة بهمته منتظمة العقود، والدولة العباسية به متكاثرة الجنود، فبادروا عباد الله إلى شكر هذه النعمة، وأخلصوا نياتكم تنصروا، وقاتلوا أولياء الشيطان تظفروا، ولا يروعكم ما جرى فالحرب سجال والعاقبة للمتقين.

والدهر يومان والأجر للمؤمنين، جمع الله على الهدى أمركم، وأعز بالإيمان نصركم، واستغفر الله لي ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

ثم خطب الثانية ونزل فصلى.

وكتب بيعته إلى الآفاق ليخطب له وضربت السكة باسمه.

قال أبو شامة: فخطب له بجامع دمشق وسائر الجوامع يوم الجمعة سادس عشر المحرم من هذه السنة.

وهذه الخليفة هو التاسع والثلاثون من خلفاء بني العباس، ولم يل الخلافة من بني العباس من ليس والده وجده خليفة بعد السفاح والمنصور سوى هذا، فأما من ليس والده خليفة فكثير منهم المستعين أحمد بن محمد ابن المعتصم، والمعتضد بن طلحة بن المتوكل، والقادر بن إسحاق بن المقتدر، والمقتدي بن الذخيرة ابن القائم بأمر الله.

ذكر أخذ الظاهر الكرك وإعدام صاحبها

ركب الظاهر من مصر في العساكر المنصورة قاصدا ناحية بلاد الكرك، واستدعى صاحبها الملك المغيث عمر بن العادل أبي بكر بن الكامل، فلما قدم عليه بعد جهد أرسله إلى مصر معتقلا فكان آخر العهد به، وذلك أنه كاتب هولاكو وحثه على القدوم إلى الشام مرة أخرى، وجاءته كتب التتار بالثبات ونيابة البلاد، وأنهم قادمون عليه عشرون ألفا لفتح الديار المصرية.

وأخرج السلطان فتاوى الفقهاء بقتله وعرض ذلك على ابن خلكان، وكان قد استدعاه من دمشق، وعلى جماعة من الأمراء، ثم سار فتسلم الكرك يوم الجمعة ثالث عشر جمادى الأولى ودخلها يومئذ في أبهة الملك، ثم عاد إلى مصر مؤيدا منصورا.

وفيها قدمت رسل بركه خان إلى الظاهر يقول له: قد علمت محبتي للإسلام، وعلمت ما فعل هولاكو بالمسلمين، فاركب أنت من ناحية حتى آتيه أنا من ناحية حتى نصطلمه أو نخرجه من البلاد وأعطيك جميع ما كان بيده من البلاد، فاستصوب الظاهر هذا الرأي وشكره وخلع على رسله وأكرمهم.

وفيها زلزلت الموصل زلزلة عظيمة وتهدمت أكثر دورها، وفي رمضان جهز الظاهر صناعا وأخشابا وآلات كثيرة لعمارة مسجد رسول الله بعد حريقه فطيف بتلك الأخشاب والآلات بمصر فرحة وتعظيما لشأنها.

ثم ساروا بها إلى المدينة النبوية، وفي شوال سار الظاهر إلى الإسكندرية فنظر في أحوالها وأمورها، وعزل قاضيها وخطيبها ناصر الدين أحمد بن المنير وولى غيره.

وفيها التقى بركه خان وهولاكو ومع كل واحد جيوش كثيرة فاقتتلوا فهزم الله هولاكو هزيمة فظيعة وقتل أكثر أصحابه وغرق أكثر من بقي وهرب هو في شرذمة يسيرة ولله الحمد.

ولما نظر بركه خان كثرة القتلى قال: يعز علي أن يقتل المغول بعضهم بعضا ولكن كيف الحيلة فيمن غير سنة جنكيز خان ثم أغار بركه خان على بلاد القسطنطينية فصانعه صاحبها وأرسل الظاهر هدايا عظيمة إلى بركه خان، وقد أقام التركي بحلب خليفة آخر لقبه بالحاكم، فلما اجتاز به المستنصر سار معه إلى العراق واتفقا على المصلحة وإنفاذ الحاكم المستنصر لكونه أكبر منه ولله الحمد.

ولكن خرج عليهما طائفة من التتار ففرقوا شملهما وقتلوا خلقا ممن كان معهما، وعدم المستنصر وهرب الحاكم مع الأعراب.

وقد كان المستنصر هذا فتح بلدانا كثيرة في مسيرة من الشام إلى العراق، ولما قاتله بهادر على شحنة بغداد كسره المستنصر وقتل أكثر أصحابه، ولكن خرج كمين من التتار نجدة فهرب العربان والأكراد الذين كانوا مع المستنصر وثبت هو في طائفة ممن كان معه من الترك فقتل أكثرهم وفقد هو من بينهم.

ونجا الحاكم في طائفة، وكانت الوقعة في أول المحرم من سنة ستين وستمائة، وهذا هو الذي أشبه الحسين بن علي في توغله في أرض العراق مع كثرة جنودها، وكان الأولى له أن يستقر في بلاد الشام حتى تتمهد له الأمور ويصفو الحال ولكن قدر الله وما شاء فعل.

وجهز السلطان جيشا آخر من دمشق إلى بلاد الفرنج فأغاروا وقتلوا وسبوا ورجعوا سالمين، وطلبت الفرنج منه المصالحة فصالحهم مدة لاشتغاله بحلب وأعمالها، وكان قد عزل في شوال قاضي مصر تاج الدين ابن بنت الأعز وولى عليها برهان الدين الخضر بن الحسين السنجاري.

وعزل قاضي دمشق نجم الدين أبا بكر بن صدر الدين أحمد ابن شمس الدين بن هبة الله بن سني الدولة، وولى عليها شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان، وقد ناب في الحكم بالقاهرة مدة طويلة عن بدر الدين السنجاري.

وأضاف إليه مع القضاء نظر الأوقاف والجامع والمارستان، وتدريس سبع مدارس، العادلية والناصرية والغدراوية والفلكية والركنية والإقبالية والبهنسية، وقرئ تقليده يوم عرفة يوم الجمعة بعد الصلاة بالشباك الكمالي من جامع دمشق.

وسافر القاضي المعزول مرسما عليه.

وقد تكلم فيه الشيخ أبو شامة وذكر أنه خان في وديعة ذهب جعلها فلوسا فالله أعلم.

وكانت مدة ولايته سنة وأشهرا.

وفي يوم العيد يوم السبت سافر السلطان إلى مصر، وقد كان رسول الإسماعيلية قدم على السلطان بدمشق يتهددونه ويتوعدونه، ويطلبون منه إقطاعات كثيرة، فلم يزل السلطان يوقع بينهم حتى استأصل شأفتهم واستولى على بلادهم.

وفي السادس والعشرين من ربيع الأول عمل عزاء السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن العزيز محمد بن الظاهر غازي بن الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شادي فاتح بيت المقدس وكان عمل هذا العزاء بقلعة الجبل بمصر، بأمر السلطان الظاهر ركن الدين بيبرس، وذلك لما بلغهم أن هولاكو ملك التتار قتله. وقد كان في قبضته منذ مدة، فلما بلغ هولاكو أن أصحابه قد كسروا بعين جالوت طلبه إلى بين يديه وقال له:

أنت أرسلت إلى الجيوش بمصر حتى جاؤوا فاقتتلوا مع المغول فكسروهم ثم أمر بقتله.

ويقال إنه اعتذر إليه وذكر له أن المصريين كانوا أعداءه وبينه وبينهم شنآن، فأقاله ولكنه انحطت رتبته عنده، وقد كان مكرما في خدمته وقد وعده أنه إذا ملك مصر استنابه في الشام فلما كانت وقعة حمص في هذه السنة وقتل فيها أصحاب هولاكو مع مقدمهم بيدرة غضب وقال له:

أصحابك في العزيزية أمراء أبيك، والناصرية من أصحابك قتلوا أصحابنا، ثم أمر بقتله.

وذكروا في كيفية قتله أنه رماه بالنشاب وهو واقف بين يديه يسأله العفو فلم يعف عنه حتى قتله وقتل أخاه شقيقه الظاهر عليا، وأطلق ولديهما العزيز محمد بن الناصر وزبالة بن الظاهر، وكانا صغيرين من أحسن أشكال بني آدم.

فأما العزيز فإنه مات هناك في أسر التتار، وأما زبالة فإنه سار إلى مصر وكان أحسن من بها، وكانت أمه أم ولد يقال له وجه القمر، فتزوجها بعض الأمراء بعد أستاذها، ويقال إن هولاكو لما أراد قتل الناصر أمر بأربع من الشجر متباعدات بعضها عن بعض فجمعت رؤوسها بحبال ثم ربط الناصر في الأربعة بأربعته ثم أطلقت الحبال فرجعت كل واحدة إلى مركزها بعضو من أعضائه رحمه الله.

وقد قيل إن ذلك كان في الخامس والعشرين من شوال في سنة ثمان وخمسين، وكان مولده في سنة سبع وعشرين بحلب، ولما توفي أبوه سنة أربع وثلاثين بويع بالسلطنة بحلب وعمره سبع سنين، وقام بتدبير مملكته جماعة من مماليك أبيه، وكان الأمر كله عن رأي جدته أم خاتون بنت العادل أبي بكر بن أيوب، فلما توفيت في سنة أربعين وستمائة استقل الناصر بالملك، وكان جيد السيرة في الرعية محببا إليهم، كثير النفقات، ولا سيما لما ملك دمشق مع حلب وأعمالها وبعلبك وحران وطائفة كبيرة من بلاد الجزيرة.

فيقال إن سماطه كان كل يوم يشتمل أربعمائة رأس غنم سوى الدجاج والإوز وأنواع الطير، مطبوخا بأنواع الأطعمة والقلويات غير المشوي والمقلي، وكان مجموع ما يغرم على السماط في كل يوم عشرين ألفا وعامته يخرج من يديه كما هو كأنه لم يؤكل منه شيء، فيباع على باب القلعة بأرخص الأثمان حتى إن كثيرا من أرباب البيوت كانوا لا يطبخون في بيوتهم شيئا من الطرف والأطعمة بل يشترون برخص ما لا يقدرون على مثله إلا بكلفة ونفقة كثيرة، فيشتري أحدهم بنصف درهم أو بدرهم ما لا يقدر عليه إلا بخسارة كثيرة، ولعله لا يقدر على مثله.

وكانت الأرزاق كثيرة دارة في زمانه وأيامه، وقد كان خليعا ظريفا حسن الشكل أديبا يقول الشعر المتوسط القوي بالنسبة إليه، وقد أورد له الشيخ قطب الدين في الذيل قطعة صالحة من شعره وهي رائقة لائقة.

قتل ببلاد المشرق ودفن هناك، وقد كان أعد له تربة برباطه الذي بناه بسفح قاسيون فلم يقدر دفنه بها.

والناصرية البرانية بالسفح من أغرب الأبنية وأحسنها بنيانا من الموكد المحكم قبلي جامع الأفرم، وقد بني بعدها بمدة طويلة، وكذلك الناصرية الجوانية التي بناها داخل باب الفراديس هي من أحسن المدارس، وبني الخان الكبير تجاه الزنجاري وحولت إليه دار الطعم، وقد كانت قبل ذلك غربي القلعة في اصطبل السلطان اليوم رحمه الله.

وفيها توفي من الأعيان:

أحمد بن محمد بن عبد الله ابن محمد بن يحيى بن سيد الناس أبو بكر اليعمري الأندلسي

الحافظ ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة وسمع الكثير، وحصل كتبا عظيمة، وصنف أشياء حسنة، وختم به الحافظ في تلك البلاد، توفي بمدينة تونس في سابع عشرين رجب من هذه السنة.

أيضا:

عبد الرزاق بن عبد الله ابن أبي بكر بن خلف عز الدين أبو محمد الرسعني المحدث المفسر

سمع الكثير، وحدث وكان من الفضلاء والأدباء، له مكانة عند البدر لؤلؤ صاحب الموصل، وكان له منزلة أيضا عند صاحب سنجار، وبها توفي في ليلة الجمعة الثاني عشر من ربيع الآخر وقد جاوز السبعين، ومن شعره:

نعب الغراب فدلنا بنعيبه ** أن الحبيب دنا أوان مغيبه

يا سائلي عن طيب عيشي بعدهم ** جدلي بعيش ثم سل عن طيبه

محمد بن أحمد بن عنتر السلمي الدمشقي

محتسبها، ومن عدولها وأعيانها، وله بها أملاك وأوقاف، توفي بالقاهرة ودفن بالمقطم.

علم الدين أبو القاسم بن أحمد

ابن الموفق بن جعفر المرسي البورقي اللغوي النحوي المقري.

شرح الشاطبية شرحا مختصرا، وشرح المفصل في عدة مجلدات، وشرح الجزولية وقد اجتمع بمصنفها وسأله عن بعض مسائلها، وكان ذا فنون عديدة حسن الشكل مليح الوجه له هيئة حسنة وبزة وجمال، وقد سمع الكندي وغيره.

الشيخ أبو بكر الدينوري

وهو باني الزاوية بالصالحية، وكان له فيها جماعة مريدون يذكرون الله بأصوات حسنة طيبة رحمه الله.

مولد الشيخ تقي الدين بن تيمية شيخ الإسلام

قال الشيخ شمس الدين الذهبي: وفي هذه السنة ولد شيخنا تقي الدين أبو العباس أحمد بن الشيخ شهاب الدين عبد الحليم بن أبي القاسم بن تيمية الحراني بحران يوم الاثنين عاشر ربيع الأول من سنة إحدى وستين وستمائة.

الأمير الكبير مجير الدين

أبو الهيجاء عيسى بن حثير الأزكشي الكردي الأموي، كان من أعيان الأمراء وشجعانهم، وله يوم عين جالوت اليد البيضاء في كسر التتار، ولما دخل الملك المظفر إلى دمشق بعد الوقعة جعله مع الأمير علم الدين سنجر الحلبي نائبا على دمشق مستشارا ومشتركا في الرأي والمراسيم والتدبير.

وكان يجلس معه في دار العدل وله الإقطاع الكامل والرزق الواسع، إلى أن توفي في هذه السنة.

قال أبو شامة: ووالده الأمير حسام الدين توفي في جيش الملك الأشرف ببلاد الشرق هو والأمير عماد الدين أحمد بن المشطوب.

قلت وولده الأمير عز الدين تولى هذه المدينة أعني دمشق مدة، وكان مشكور السيرة وإليه ينسب درب ابن سنون بالصاغة العتيقة، فيقال درب ابن أبي الهيجاء لأنه كان يسكنه وكان يعمل الولاية فيه فعرف به.

وبعد موته بقليل كان فيه نزولنا حين قدمنا من حوران وأنا صغير فختمت فيه القرآن، ولله الحمد.

البداية والنهاية - الجزء الثالث عشر
589 | 590 | 591 | 592 | 593 | 594 | 595 | 596 | 597 | 598 | 599 | 600 | 601 | 602 | 603 | 604 | 605 | 606 | 607 | 608 | 609 | 610 | 611 | 612 | 613 | 614 | 615 | 616 | 617 | 618 | 619 | 620 | 621 | 622 | 623 | 624 | 625 | 626 | 627 | 628 | 629 | 630 | 631 | 632 | 633 | 634 | 635 | 636 | 637 | 638 | 639 | 640 | 641 | 642 | 643 | 644 | 645 | 646 | 647 | 648 | 649 | 650 | 651 | 652 | 653 | 654 | 655 | 656 | 657 | 658 | 659 | 660 | 661 | 662 | 663 | 664 | 665 | 666 | 667 | 668 | 669 | 670 | 671 | 672 | 673 | 674 | 675 | 676 | 677 | 678 | 679 | 680 | 681 | 682 | 683 | 684 | 685 | 686 | 687 | 688 | 689 | 690 | 691 | 692 | 693 | 694 | 695 | 696 | 697