مجموع الفتاوى/المجلد الرابع/سئل عن جماعة اجتمعوا على أمور متنوعة من الفساد وطعنوا في ابن مسعود وروايته
سئل عن جماعة اجتمعوا على أمور متنوعة من الفساد وطعنوا في ابن مسعود وروايته
[عدل]وَسُئلَ عن جماعة اجتمعوا على أمور متنوعة في الفساد، ومنهم من إذا قرئ عليه أحاديث النبي ﷺ التي يكون راويها عبد الله بن مسعود، أو قيل له: هذا مذهب عبد الله ابن مسعود شرع في تنقيصه، وأخذ يقدح فيه، ويجعله ضعيف الرواية، ويزعم أنه كان بين الصحابة منقوصا، حتى إن بعضهم لم يثبت في المصاحف قراءته، وأنه كان يحذف من القرآن المعوذتين؟
فَأَجَابَ رَحِمَهُ الله:
ابن مسعود رضي الله عنه من أجلاء الصحابة، وأكابرهم، حتى كان يقول فيه عمر بن الخطاب: كُنَيْف 1 مُلِئ علمًا. وقال أبوموسى: ما كنا نعد عبد الله بن مسعود إلا من أهل بيت رسول الله ﷺ؛ من كثرة ما نرى دخوله وخروجه. وقال له ﷺ: «إذْنُكَ علي أن تَرْفَعَ الحِجَاب، وأن تسمع بسِوَادي حتى أنهاك». وفي السنن: «اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر، وتمسَّكوا بِهَدْي ابن أم ِّعَبْدٍ».
وفي الصحيح: «من سره أن يقرأ القرآن غَضّا كما أنزل، فليقرأ على قراءة ابن أم عَبْد»، ولما فتح العراق بعثه عليهم ليعلمهم الكتاب والسنة، فهو أعلم الصحابة الذين بعثهم إلى العراق، وقال فيه أبو موسى: لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر فيكم. وكان ابن مسعود يقول: لو أعلم أن أحدًا أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لأتيته.
وهو أحد الثلاثة الذين سماهم معاذ بن جبل عند موته لما بكى مالك بن يُخَامِر السَّكْسَكِي، فقال له معاذ بن جبل: ما يبكيك؟ فقال: والله ما أبكي على رحم بيني وبينك، ولا على دنيا أصيبها منك، ولكن أبكي على العلم والإيمان اللذين كنت أتعلمهما منك، فقال: إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما، اطلب العلم عند أربعة فإن أعياك هؤلاء ؛ فسائر أهل الأرض أعجز، فسَمَّى له ابن مسعود، وأبيّ بن كعب، وعبد الله بن سلام وأظن الرابع أبا الدرداء.
وسئل علي عن علماء الناس، فقال: واحد بالعراق ابن مسعود. وابن مسعود في العلم من طبقة عمر، وعلي، وأبي، ومعاذ، وهو من الطبقة الأولى من علماء الصحابة، فمن قدح فيه أو قال: هو ضعيف الرواية فهو من جنس الرافضة الذين يقدحون في أبي بكر وعمر وعثمان، وذلك يدل على إفراط جهله بالصحابة، أو زندقته ونفاقه.
هامش
- ↑ [كُنَيْف: هو تصغير تعظيم للكِنْف. والكِنْف: الوِعَاء]