مجموع الفتاوى/المجلد الرابع/سئل هل كان الخضر عليه السلام نبيا أو وليا وهل هو حي إلى الآن
سئل هل كان الخضر عليه السلام نبيا أو وليا وهل هو حي إلى الآن
[عدل]سُئلَ الشَّيْخُ رَحمَهُ الله:
هل كان الخضر عليه السلام نبيًا أو وليًا ؟ وهل هو حي إلى الآن؟ وإن كان حيًا فما تقولون فيما روى عن النبي ﷺ أنه قال: «لو كان حيًا لزارني» هل هذا الحديث صحيح أم لا؟
فأجَاب:
أما نبوته: فمن بعد مبعث رسول الله ﷺ لم يوح إليه ولا إلى غيره من الناس، وأما قبل مبعث النبي ﷺ فقد اختلف في نبوته، ومن قال: إنه نبي، لم يقل: إنه سلب النبوة، بل يقول: هو كإلياس نبي، لكنه لم يوح إليه في هذه الأوقات، وترك الوحي إليه في مدة معينة ليس نفيًا لحقيقة النبوة، كما لو فتر الوحي عن النبي ﷺ في أثناء مدة رسالته.
وأكثر العلماء على أنه لم يكن نبيًا، مع أن نبوة من قبلنا يقرب كثير منها من الكرامة والكمال في الأمة، وإن كان كل واحد من النبيين أفضل من كل واحد من الصديقين كما رتبه القرآن، وكما روى عن النبي ﷺ أنه قال: «ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر الصديق»، وروى عنه ﷺ أنه قال: «إن كان الرجل ليسمع الصوت فيكون نبيًا».
وفي هذه الأمة من يسمعه ويرى الضوء وليس بنبي؛ لأن ما يراه ويسمعه يجب أن يعرضه على ما جاء به محمد ﷺ، فإن وافقه فهو حق، وإن خالفه تيقن أن الذي جاء من عند الله يقين لا يخالطه ريب، ولا يحوجه أن يشهد عليه بموافقة غيره.
وأما حياته: فهو حي. والحديث المذكور لا أصل له، ولا يعرف له إسناد، بل المروي في مسند الشافعي وغيره: أنه اجتمع بالنبي ﷺ، ومن قال: إنه لم يجتمع بالنبي ﷺ فقد قال ما لا علم له به، فإنه من العلم الذي لا يحاط به.
ومن احتج على وفاته بقول النبي ﷺ: «أرأيتكم ليلتكم هذه، فإنه على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد» فلا حجة فيه، فإنه يمكن أن يكون الخضر إذ ذاك على وجه الأرض.
ولأن الدجال وكذلك الجساسة الصحيح أنه كان حيا موجودا على عهد النبي ﷺ، وهو باق إلى اليوم لم يخرج، وكان في جزيرة من جزائر البحر.
فما كان من الجواب عنه كان هو الجواب عن الخضر، وهو أن يكون لفظ الأرض لم يدخل في هذا الخبر، أو يكون أراد ﷺ الآدميين المعروفين، وأما من خرج عن العادة فلم يدخل في العموم، كما لم تدخل الجن، وإن كان لفظًا ينتظم الجن والإنس. وتخصيص مثل هذا من مثل هذا العموم كثير معتاد. والله أعلم.
هامش