مجموع الفتاوى/المجلد الرابع/سئل عن النبي صلى الله عليه وسلم هل يعلم وقت الساعة
سئل عن النبي صلى الله عليه وسلم هل يعلم وقت الساعة
[عدل]وسُئلَ عن النبي ﷺ: هل يعلم وقت الساعة ؟
فأَجَاب:
أما الحديث المسؤول عنه، كونه ﷺ يعلم وقت الساعة، فلا أصل له، ليس عن النبي ﷺ في تحديد وقت الساعة نص أصلًا، بل قد قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} 1 أي: خفي على أهل السموات والأرض، وقال تعالى لموسى: {إِنَّ السَّاعَةَ ءاَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} 2. قال ابن عباس وغيره: أكاد أخفيها من نفسي فكيف أطلع عليها؟
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة وهو في مسلم من حديث عمر: أن النبي ﷺ قيل له: متى الساعة؟ قال: «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل». فأخبر أنه ليس بأعلم بها من السائل، وكان السائل في صورة أعرابي، ولم يعلم أنه جبريل إلا بعد أن ذهب وحين أجابه لم يكن يظنه إلا أعرابيا، فإذا كان النبي ﷺ قد قال عن نفسه: إنه ليس بأعلم بالساعة من أعرابي، فكيف يجوز لغيره أن يدعي علم ميقاتها؟ وإنما أخبر الكتاب والسنة بأشراطها، وهي علاماتها، وهي كثيرة تقدم بعضها، وبعضها لم يأت بعد.
ومن تكلم في وقتها المعين، مثل الذي صنف كتابًا سماه الدر المنظم في معرفة الأعظم وذكر فيه عشر دلالات بين فيها وقتها، والذين تكلموا على ذلك من حروف المعجم والذي تكلم في عنقاء مغرب وأمثال هؤلاء، فإنهم وإن كان لهم صورة عظيمة عند أتباعهم، فغالبهم كاذبون مفترون، وقد تبين لديهم من وجوه كثيرة أنهم يتكلمون بغير علم؛ وإن ادعوا في ذلك الكشف ومعرفة الأسرار، وقد قال تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} 3.
هامش