مجموع الفتاوى/المجلد الرابع/سئل هل يصح عند أهل العلم: أن عليا رضي الله عنه قاتل الجن في البئر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


سئل هل يصح عند أهل العلم: أن عليا رضي الله عنه قاتل الجن في البئر[عدل]

سُئلَ رَحمَهُ الله :

هل يصح عند أهل العلم: أن عليًا رضي الله عنه قاتل الجن في البئر؟ ومدَّ يده يوم خيبر، فعبر العسكر عليها؟ وأنه حمل في الأحزاب فافترقت قدامه سبع عشرة فرقة؟ وخلف كل فرقة رجل يضرب بالسيف يقول: أنا علي؟ وأنه كان له سيف يقال له: ذو الفقار، وكان يمتد ويقصر، وإنه ضرب به مرحبًا وكان على رأسه جُرْن من رخام فقصم له ولفرسه بضربة واحدة، ونزلت الضربة في الأرض، ومناد ينادي في الهواء: لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا عليّ؟ وأنه رمي في المنجنيق إلى حصن الغراب؟ وأنه بعث إلى كل نبي سرًا، وبعث مع النبي جهرًا؟ وأنه كان يحمل في خمسين ألفًا، وفي عشرين ألفًا، وفي ثلاثين ألفًا وحده؟ وأنه لما برز إليه مرحب من خيبر ضربه ضربة واحدة فَقَدَّه 1 طولًا، وقد الفرس عرضًا، ونزل السيف في الأرض ذراعين أو ثلاثة؟ وأنه مسك حلقة باب خيبر وهزها فاهتزت المدينة، ووقع من على السور شرفات، فهل صح من ذلك شيء؟

فَأَجَاب:

الحمد لله، هذه الأمور المذكورة كذب مُخْتَلَقٌ باتفاق أهل العلم والإيمان، لم يقاتل عليّ ولا غيره من الصحابة الجن، ولا قاتل الجنَّ أحدٌ من الإنس، لا في بئر ذات العلم ولا غيرها.

والحديث المروي في قتاله للجن موضوع مكذوب باتفاق أهل المعرفة، ولم يقاتل عليّ قط على عهد رسول الله لعسكر كان خمسين ألفًا أو ثلاثين ألفًا، فضلا عن أن يكون وحده قد حمل فيهم، ومغازيه التي شهدها مع رسول الله وقاتل فيها كانت تسعة: بدرًا، وأحدًا، والخندق، وخيبر، وفتح مكة، ويوم حنين، وغيرها.

وأكثر ما يكون المشركون في الأحزاب وهي الخندق، وكانوا محاصرين للمدينة، ولم يقتتلوا هم والمسلمون كلهم، وإنما كان يقتتل قليل منهم وقليل من الكفار، وفيها قتل عليّ عمرو بن عَبْد ود العامري، ولم يبارز عليّ وحده قط إلا واحدًا، ولم يبارز اثنين.

وأما مرحب يوم خيبر، فقد ثبت في الصحيح أن النبي قال: «لأعطين الراية رجلًا يحب الله ورسولَه، ويحبه الله ورسولُه، يفتح الله على يديه»، فأعطاها لعلي، وكانت أيام خيبر أيامًا متعددة، وحصونها، فتح على يد عليّ رضي الله عنه بعضها.

وقد روي أثر أنه قتل مرحبًا، وروي أنه قتله محمد بن مسلمة، ولعلهما مرحبان، وقتله القتل المعتاد، ولم يقده جميعه، ولا قد الفرس، ولا نزل السيف إلى الأرض، ولا نزل لعلي ولا لغيره سيف من السماء، ولا مد يده ليعبر الجيش، ولا اهتز سور خيبر لقلع الباب، ولا وقع شيء من شرفاته، وإن خيبر لم تكن مدينة وإنما كانت حصونًا متفرقة، ولهم مزارع.

ولكن المروي أنه ما قلع باب الحصن حتى عبره المسلمون، ولا رمي في منجنيق قط، وعامة هذه المغازي التي تروى عن عليّ وغيره، قد زادوا فيها أكاذيب كثيرة، مثل ما يكذبون في سيرة عنترة والأبطال. وجميع الحروب التي حضرها علي رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله ثلاثة حروب: الجمل، وصفين، وحرب أهل النهروان، والله أعلم.


هامش

  1. [أي: قطعه]


مجموع الفتاوى لابن تيمية: المجلد الرابع
كتاب مفصل الاعتقاد | سئل ما قولكم في مذهب السلف في الاعتقاد ومذهب غيرهم من المتأخرين | فصل في كون أهل الحديث أعلم ممن بعدهم وأحكم وأن مخالفهم أحق بالجهل | فصل في أن كل من استحكم في بدعته يرى أن قياسه يطرد | إن الخارجين عن طريقة السابقين الأولين لهم في كلام الرسول ثلاث طرق | لفظ التأويل صار له بسبب تعدد الاصطلاحات ثلاثة معان | فصل في أن الرسل إما أنهم علموا الحقائق الخبرية والطلبية أو لم يعلموها | فصل في قول من قال إن الحشوية على ضربين | فصل في قول المعترض في الرد على الحنابلة | فصل الأقوال نوعان | قال الشيخ الاستدلال بكون الشيء بدعة على كراهيته قاعدة عظيمة عامة | سئل ما الدليل القاطع على تحقيق حق المسلمين وإبطال باطل الكافرين | فصل في طرق المخاطبة | سئل عن الروح هل هي قديمة أو مخلوقة | سئل الشيخ رحمه الله عن حقيقة ماهية الجن | سئل الشيخ رحمه الله عن الجان المؤمنين | قول الشيخ رحمه الله ردا لقول من قال: كل مولود على ما سبق له في علم الله أنه سائر إليه | سئل عن قوله صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة | فصل في ذكر الله الحفظة الموكلين ببني آدم الذين يحفظونهم ويكتبون أعمالهم | سئل شيخ الإسلام هل الملائكة الموكلون بالعبد هم الموكلون دائما | سئل عن قوله صلى الله عليه وسلم: إذا هم العبد بالحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة | سئل عن عرض الأديان عند الموت | سئل هل جميع الخلق حتى الملائكة يموتون | فصل في مذهب سائر المسلمين في إثبات القيامة الكبرى | سئل شيخ الإسلام رحمه الله عن الروح المؤمنة | سئل هل يتكلم الميت في قبره | سئل شيخ الإسلام رحمه الله تعالى عن سؤال منكر ونكير الميت إذا مات | سئل عن الصغير وعن الطفل إذا مات هل يمتحن | سئل الشيخ رحمه الله عن الصغير هل يحيا ويسأل أو يحيا ولا يسأل | سئل شيخ الإسلام وهو بمصر عن عذاب القبر | سئل وهو بمصر عن عذاب القبر | سئل بماذا يخاطب الناس يوم البعث | سئل عن الميزان: هل هو عبارة عن العدل أم له كفتان | سئل عن الكفار: هل يحاسبون يوم القيامة أم لا | سئل عن العبد المؤمن هل يكفر بالمعصية أم لا | سئل عن رجل مسلم يعمل عملا يستوجب أن يبنى له قصر في الجنة | سئل عن الشفاعة في أهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم | سئل عن أطفال المؤمنين هل يدومون على حالتهم التي ماتوا عليها أم يكبرون ويتزوجون | سئل هل يتناسل أهل الجنة والولدان هل هم ولدان أهل الجنة | سئل عن رجل قيل له: إنه ورد عن النبي أن أهل الجنة يأكلون ويشربون فقال من أكل وشرب بال وتغوط | سئل هل أهل الجنة يأكلون ويشربون وينكحون بتلذذ كالدنيا | فصل أفضل الأنبياء بعد محمد صلى الله عليه وسلم إبراهيم الخليل | سئل فيمن يقول: إن غير الأنبياء يبلغ درجتهم بحيث يأمنون مكر الله | سئل عن رجل قال: إن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون من الكبائر دون الصغائر | سئل عن رجلين تنازعا في أمر نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام | سئل هل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تبارك وتعالى أحيا له أبويه حتى أسلما على يديه ثم ماتا بعد ذلك | سئل عن هذه الأحاديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى موسى وهو يصلي في قبره | سئل عن الذبيح من ولد خليل الله إبراهيم عليه السلام هل هو إسماعيل أو إسحاق | سئل عن الخضر وإلياس هل هما معمران | سئل هل كان الخضر عليه السلام نبيا أو وليا وهل هو حي إلى الآن | سئل عن النبي صلى الله عليه وسلم هل يعلم وقت الساعة | سئل عن صالحي بني آدم والملائكة أيهما أفضل | سئل عن المطيعين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم هل هم أفضل من الملائكة | سئل هل سجد ملائكة السماء والأرض أم ملائكة الأرض خاصة | فصل في التفضيل بين الملائكة والناس | سئل عن خديجة وعائشة أمي المؤمنين أيتهما أفضل | فصل وأفضل نساء هذه الأمة خديجة وعائشة وفاطمة | فصل في نساء النبي صلى الله عليه وسلم | فصل هل أبو بكر وعمر أفضل من الخضر | سئل عن رجلين اختلفا فقال أحدهما أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب أعلم وأفقه من علي بن أبي طالب | سئل عن رجل متمسك بالسنة ويحصل له ريبة في تفضيل الثلاثة على علي لقوله عليه السلام له أنت مني وأنا منك | سئل لا أفضل على علي غيره وإذا ذكرعلي صلى عليه مفردا هل يجوز له أن يخصه بالصلاة دون غيره | سئل عن قول الشيخ أبي محمد عبد الله بن أبي زيد في آخر عقيدته | سئل عما شجر بين الصحابة علي ومعاوية وطلحة وعائشة هل يطالبون به أم لا | فائدة: إن كان المختار الإمساك عما شجر بين الصحابة فلا يجب الاعتقاد بأن كل واحد من العسكر كان مجتهدا متأولا | فصل في أعداء الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين | سئل عن إسلام معاوية بن أبي سفيان متى كان | فصل في الطريق التي بها يعلم إيمان الواحد من الصحابة | فصل افترق الناس في يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ثلاث فرق | سئل عن جماعة يقولون: إن الدين فسد من حين أخذت الخلافة من علي بن أبي طالب | سئل هل يصح عند أهل العلم: أن عليا رضي الله عنه قاتل الجن في البئر | سئل عمن قال إن عليا قاتل الجن في البئر وأنه حمل على اثني عشر ألفا وهزمهم | سئل عن فاطمة أنها قالت يارسول الله إن عليا يقوم الليالي كلها إلا ليلة الجمعة | سئل عن رجل قال عن علي بن أبي طالب أنه ليس من أهل البيت ولا تجوز الصلاة عليه والصلاة عليه بدعة | سئل أن علي بن أبي طالب قال إذا أنا مت فأركبوني فوق ناقتي وسيبوني | فصل هل كل من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أفضل ممن لم يصحبه مطلقا | سئل عن رجلين تنازعا في ساب أبي بكر أحدهما يقول: يتوب الله عليه وقال الآخر لا يتوب الله عليه | سئل عن جماعة اجتمعوا على أمور متنوعة من الفساد وطعنوا في ابن مسعود وروايته | سئل عن رجل يناظر مع آخر في مسألة المصراة فطعن أحدهما في أبي هريرة وروايته | سئل عن فرقة من المسلمين يقرون بالشهادتين ويصومون إلا أنهم يكفرون سابي صحابة النبي