مجموع الفتاوى/المجلد الرابع/سئل شيخ الإسلام رحمه الله عن الروح المؤمنة
سئل شيخ الإسلام رحمه الله عن الروح المؤمنة
سُئلَ شَيْخُ الإسْلاَم رَحمَهُ الله عن الروح المؤمنة أن الملائكة تتلقاها وتصعد بها إلى السماء التي فيها الله.
فأَجَابَ:
أما الحديث المذكور في «قبض روح المؤمن، وأنه يصعد بها إلى السماء التي فيها الله»: فهذا حديث معروف جيد الإسناد، وقوله: «فيها الله» بمنزلة قوله تعالى: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ . أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} 1، وبمنزلة ما ثبت في الصحيح أن النبي ﷺ قال لجارية معاوية بن الحكم: «أين الله؟»، قالت: في السماء، قال: «من أنا؟» قالت: أنت رسول الله. قال: «أعتقها فإنها مؤمنة».
وليس المراد بذلك أن السماء تحصر الرب وتحويه، كما تحوي الشمس والقمر وغيرهما، فإن هذا لا يقوله مسلم، ولا يعتقده عاقل، فقد قال سبحانه وتعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} 2، والسموات في الكرسي كحلقة ملقاة في أرض فَلاة، والكرسي في العرش كحلقة ملقاة في أرض فلاة، والرب سبحانه فوق سمواته، على عرشه، بائن من خلقه؛ ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته.
وقال تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} 3، وقال: {فّسٌيحُوا فٌي الأّرضٌ} 4، وقال: {يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ} 5 وليس المراد أنهم في جوف النخل، وجوف الأرض، بل معنى ذلك أنه فوق السموات، وعليها، بائن من المخلوقات، كما أخبر في كتابه عن نفسه أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام، ثم استوى على العرش.
وقال: {يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} 6، وقال تعالى} تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} 7، وقال: {بَل رَّفَعَهُ الله إِلَيْهِ} 8، وأمثال ذلك في الكتاب والسنة وجواب هذه المسألة مبسوط في غير هذا الموضع.
هامش
- ↑ [الملك: 16، 17]
- ↑ [البقرة: 255]
- ↑ [طه: 71]
- ↑ [التوبة: 2]
- ↑ [المائدة: 26]
- ↑ [آل عمران: 55]
- ↑ [المعارج: 4]
- ↑ [النساء: 158]