البداية والنهاية/الجزء العاشر/ما ورد في مدينة بغداد من الآثار وما فيها من الأخبار
فيها: أربع لغات: بغداد، وبغداذ بإهمال الدال الثانية وإعجامها، وبغدان بالنون آخره وبالميم مع ذلك أولا مغدان، وهي كلمة أعجمية.
قيل: إنها مركبة من بغ وداد فقيل: بغ: بستان، وداد: اسم رجل.
وقيل: بغ: اسم صنم، وقيل: شيطان، وداد: عطية، أي: عطية الصنم.
ولهذا كره عبد الله بن المبارك والأصمعي وغيرهما تسميتها بغداد وإنما يقال لها: مدينة السلام، وكذا أسماها بانيها أبو جعفر المنصور، لأن دجلة كان يقال لها: وادي السلام، ومنهم من يسميها الزوراء.
فروى الخطيب البغدادي، من طريق عمار بن سيف، - وهو متهم - قال: سمعت عاصم الأحول، يحدث عن سفيان الثوري، عن أبي عثمان، عن جرير بن عبد الله، قال: قال رسول الله ﷺ: «تبنى مدينة بين دجلة ودجيل وقطربل والصراة، تجبى إليها خزائن الأرض، وملوكها جبابرة، فلهي أسرع ذهابا في الأرض من الوتد الحديد في الأرض الرخوة».
قال الخطيب: وقد رواه عن عاصم الأحول سيف ابن أخت سفيان الثوري، وهو أخو عمار بن سيف.
قلت: وكلاهما ضعيف متهم يرمى بالكذب، ومحمد بن جابر اليماني ضعيف، وأبو شهاب الحناطي ضعيف.
وروى عن سفيان الثوري، عن عاصم، من طرق ثم أسند ذلك كله.
وأورد من طريق يحيى بن معين، عن يحيى بن أبي كثير، عن عمار بن سيف، عن الثوري، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن جرير، عن النبي ﷺ.
وقال أحمد و يحيى: ليس لهذا الحديث أصل.
وقال أحمد: ما حدث به إنسان ثقة.
وقد علله الخطيب من جميع طرقه، وساقه أيضا من طريق عمار بن سيف، عن الثوري، عن أبي عبيدة حميد الطويل، عن أنس بن مالك، ولا يصح أيضا.
ومن طريق عمر بن يحيى، عن سفيان، عن قيس بن مسلم، عن ربعي، عن حذيفة، مرفوعا بنحوه، ولا يصح.
ومن غير وجه عن علي بن أبي طالب وابن مسعود وثوبان وابن عباس، وفي بعضها: ذكر السفياني وأنه يخربها، ولا يصح إسناد شيء من هذه الأحاديث.
وقد أوردها الخطيب بأسانيدها وألفاظها، وفي كل منها نكارة، وأقرب ما فيها عن كعب الأحبار.
وقد جاء في آثار عن كتب متقدمة أن بانيها يقال له: مقلاص، وذو الدوانيق لبخله.