مجموع الفتاوى/المجلد الحادي عشر/سئل عن رجل فلاح لم يعلم دينه ولا صلاته
سئل عن رجل فلاح لم يعلم دينه ولا صلاته
[عدل]سئل عن رجل فلاح لم يعلم دينه ولا صلاته، وإن في بلده شيخًا أعطاه إجازة، وبقى يأكل الثعابين والعقارب، ونزل عن فلاحته، ويطلب رزقه. فهل تجوز الصدقة عليه أم لا؟
فأجاب:
الحمد لله، أكل الخبائث، وأكل الحيات والعقارب حرام بإجماع المسلمين. فمن أكلها مستحلا لذلك فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. ومن اعتقد التحريم وأكلها فإنه فاسق عاص لله ورسوله، فكيف يكون رجلا صالحًا؟ ولو ذكى الحية لكان أكلها بعد ذلك حرامًا عند جماهير العلماء؛ لأن النبي ﷺ قال: «خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الحية، والعقرب، والحدأة، والفأر، والكلب العقور».
فأمر النبي ﷺ بقتل ذلك في الحل والحرم، وسماهن فواسق؛ لأنهن يفسقن: أي يخرجن على الناس، ويعتدين عليهم، فلا يمكن الاحتراز منهن، كما لايحترز من السباع العادية، فيكون عدوان هذا أعظم من عدوان كل ذي ناب من السباع، وهن أخبث وأحرم.
وأما الذين يأكلون ويجعلون ذلك من باب؟ كرامات الأولياء فهم أشر حالا ممن يأكلها من الفساق؛ لأن كرامات الأولياء لا تكون بما نهي الله عنه ورسوله، من أكل الخبائث، كما لا تكون بترك الواجبات، وإنما هذه المخاريق التي يفعلها هؤلاء المبتدعون: من الدخول في النار، وأخذ الحيات، وإخراج اللاذن، والسكر، والدم، وماء الورد. هي نوعان:
أحدهما: أن يفعلوا ذلك بحيل طبيعية. مثل أدهان معروفة، يذهبون ويمشون في النار، ومثل ما يشربه أحدهم مما يمنع سم الحية: مثل أن يمسكها بعنقصتها حتى لا تضره، ومثل أن يمسك الحية المائية، ومثل أن يسلخ جلد الحية ويحشوه طعامًا، وكم قتلت الحيات من أتباع هؤلاء؟ ومثل أن يمسح جلده بدم أخوين؛ فإذا عرق في السماع ظهر منه ما يشبه الدم، ويصنع لهم أنواعًا من الحيل والمخادعات.
النوع الثاني: وهم أعظم، عندهم أحوال شيطانية تعتريهم عند السماع الشيطاني، فتنزل الشياطين عليهم، كما تدخل في بدن المصروع ويزبد أحدهم كما يزبد المصروع، وحينئذ يباشر النار، والحيات والعقارب، ويكون الشيطان هو الذي يفعل ذلك، كما يفعل ذلك من تقترن بهم الشياطين من إخوانهم، الذين هم شر الخلق عند الناس، من الطائفة التي تطلبهم الناس لعلاج المصروع، وهم من شر الخلق عند الناس، فإذا طلبوا تحلوا بحلية المقاتلة، ويدخل فيهم الجن، فيحارب مثل الجن الداخل في المصروع، ويسمع الناس أصواتًا، ويرون حجارة يرمى بها، ولا يرون من يفعل ذلك، ويرى الإنسي واقفًا على رأس الرمح الطويل، وإنما الواقف هو الشيطان، ويرى الناس نارًا تحمي، ويضع فيها الفؤوس والمساحي، ثم إن الإنسي يلحسها بلسانه، وإنما يفعل ذلك الشيطان الذي دخل فيه، ويرى الناس هؤلاء يباشرون الحيات والأفاعي وغير ذلك، ويفعلون من الأمور ما هو أبلغ مما يفعله هؤلاء المبتدعون الضالون المكذبون الملبسون، الذين يدعون أنهم أولياء الله، وإنما هم من أعاديه، المضيعين لفرائضه، المتعدين لحدوده.
والجهال لأجل هذه الأحوال الشيطانية، والطبيعية، يظنوهم أولياء الله، وإنما هذه الأحوال من جنس أحوال أعداء الله الكافرين، والفاسقين، ولا يجوز أن يعان من هؤلاء على ترك المأمور، ولا فعل المحظور، ولا إقامة مشيخة تخالف الكتاب والسنة، ولا أن يعطى رزقه على مشيخة يخرج بها من طاعة الله ورسوله، وإنما يعان بالأرزاق من قام بطاعة الله ورسوله، ودعا إلى طاعة الله ورسوله، والله أعلم.
هامش