مجموع الفتاوى/المجلد الحادي عشر/سئل أيهما أولى معالجة ما يكره الله من القلب أو الاشتغال بالأعمال الظاهرة
سئل أيهما أولى معالجة ما يكره الله من القلب أو الاشتغال بالأعمال الظاهرة
[عدل]أيما أولى: معالجة ما يكره الله من قلبك مثل: الحسد والحقد والغل والكبر والرياء والسمعة ورؤية الأعمال وقسوة القلب، وغير ذلك، مما يختص بالقلب من درنه، وخبثه؟ أو الاشتغال بالأعمال الظاهرة: من الصلاة والصيام وأنواع القربات: من النوافل والمنذورات مع وجود تلك الأمور في قلبه؟ أفتونا مأجورين.
فأجاب رحمه الله:
الحمد لله. من ذلك ما هو عليه واجب: وأن للأوجب فضل وزيادة. كما قال تعالى فيما يرويه عنه رسوله ﷺ: «ما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه». ثم قال: «ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه» والأعمال الظاهرة لا تكون صالحة مقبولة إلا بتوسط عمل القلب، فإن القلب ملك، والأعضاء جنوده. فإذا خبث الملك خبثت جنوده، ولهذا قال النبي ﷺ: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله» وكذلك أعمال القلب لابد أن تؤثر في عمل الجسد. وإذا كان المقدم هو الأوجب، سواء سمى باطنًا أو ظاهرًا، فقد يكون ما يسمى باطنًا أوجب مثل ترك الحسد والكبر فإنه أوجب عليه من نوافل الصيام، وقد يكون ما سمى ظاهرًا أفضل: مثل قيام الليل، فإنه أفضل من مجرد ترك بعض الخواطر التي تخطر في القلب من جنس الغبطة ونحوها، وكل واحد من عمل الباطن والظاهر يعين الآخر، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتورث الخشوع، ونحو ذلك من الآثار العظيمة: هي أفضل الأعمال والصدقة. والله أعلم.
هامش