كتاب الأم/كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما/باب في سجود القرآن
سألت الشافعي عن السجود في سورة الحج فقال: فيها سجدتان فقلت: وما الحجة في ذلك؟ فقال: أخبرنا مالك عن نافع أن رجلا من أهل مصر أخبره أن عمر بن الخطاب سجد في سورة الحج سجدتين ثم قال إن هذه السورة فضلت بسجدتين.
[قال الشافعي]: أخبرنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صغير أن عمر بن الخطاب صلى بهم بالجابية بسورة الحج فسجد فيها سجدتين، فقلت للشافعي: فإنا لا نسجد فيها إلا سجدة واحدة.
[قال الشافعي]: فقد خالفتم ما رويتم عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر معا إلى غير قول أحد من أصحاب النبي ﷺ فكيف تتخذون قول عمر وحده حجة وابن عمر وحده حجة حتى تردوا بكل واحد منهما السنة وتبنون عليهما عددا من الفقه ثم تخرجون من قولهما لرأي أنفسكم هل تعلمون يستدرك على أحد قول العورة فيه أبين منها فيما وصفت من أقاويلكم، وسألت الشافعي عما روى صاحبنا وحده في المحصب فقال: أخبرنا مالك عن ابن عمر قال: كان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمحصب ثم يدخل مكة من الليل فيطوف بالبيت، قلت للشافعي: نحن نقول لا ينبغي لعالم أن يفعله.
[قال الشافعي]: ما على العالم من النسك ما ليس على غيره قلت: هو العالم والجاهل.
[قال الشافعي]: فإن تركاه؟ قلت: لا فدية على واحد منهما، قال: ولكنكم من أصل مذهبكم أن من ترك من نسكه شيئا أهراق دما فإن كان نسكا فقد تركتم أصل قولكم وإن كان منزل سفر لا منزل نسك فلا تأمر عالما ولا جاهلا أن ينزله.